الأربعاء:25. 01. 2006

علي العبد الله

في جلسة غلب عليها الطابع الاستعراضي سمع المواطنون السوريون كلاما عجيبا، كلاما جادا هو اقرب إلى الهزل، كلاما عن الوطن والوطنية والسيادة الوطنية ممزوجا بهتافات وإطلاق شعارات وأشعار من قبل أشخاص وزعوا في القاعة وزودوا بمكبرات صوت من نوع ldquo;بالروح بالدم نفديك يا بشارrdquo;.

غير أن هذه الاحتفالية لم ولن تنجح في حل الاستعصاء السياسي الذي أفرزه سلوك النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي. فقد سبق للنظام تجريب هذه الأساليب الدعائية عبر نصب الخيام في ساحات العاصمة وتوزيع الأعلام والصور في الشوارع وعلى شرفات البيوت والسيارات ونشر مكبرات الصوت العملاقة التي تنقل الأناشيد الحماسية في محاولة لإعطاء انطباع بوجود وحدة وطنية والتفاف المواطنين حوله قبل أن يضطر للتخلي عنها بعد أن أعطت انطباعاً معاكساً، بسبب بقاء الخيام معظم الوقت فارغة والمغزى الذي ينطوي عليه: وجود قطيعة بين النظام والمواطنين.

كما أن الإفراج عن خمسة ناشطين من معتقلي ربيع دمشق قضوا 80% من فترة حكم أصدرته محكمة غير دستورية تعمل بموجب حالة الطوارئ المطبقة في سوريا، ودون انقطاع، منذ 43 سنة، ليس مخرجا كافيا لإنهاء الاستعصاء السياسي السائد في سوريا وتنفيس الاحتقان الاجتماعي وتجسير الفجوة الواسعة بين النظام والمجتمع السوري حيث لا يزال في السجون المئات ناهيك عن عمليات الاعتقال المستمرة. من سوء حظ النظام وسوء تدبير القائمين على إدارته تزامن انعقاد مؤتمر المحامين العرب وانعقاد جلسة محاكمة في محكمة أمن الدولة العليا، حيث أحضر أكثر من 20 طالبا إلى المحكمة وتجمع أهاليهم أمام المبنى وصرخوا نريد أولادنا خاصة أن إدارة المخابرات العسكرية قد منعت الأهالي من زيارة أولادهم المعتقلين في سجن صيدنايا أو إيصال لوازم ومبالغ مالية تساعدهم على تأمين لوازم ضرورية لا تقدمها لهم المعتقلات، إذ المطلوب والذي نادى به الطيف الديمقراطي السوري ومنذ سنوات هو رفع حالة الطوارئ وإزالة كل ما ترتب على فرضها من مظالم وانتهاكات لحقوق الإنسان.

كما يستدعي المناخ الإقليمي والدولي معالجة لملف التحقيق في اغتيال الشهيد رفيق الحريري والعلاقات السورية - اللبنانية بطريقة مختلفة بحيث تحتوي إن لم تلغ التأزم الراهن وتفتح الطريق لمخرج مشرف يحفظ مصالح البلدين والكف عن استخدام الذرائع ذاتها، خاصة ذريعة ldquo;إسرائيلrdquo;، التي باتت مستهجنة، وفتح طريق علاقات بين دولتين مستقلتين بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة وترسيم الحدود، خاصة في مزارع شبعا، لما لذلك من أثر في صياغة معادلة وطنية لبنانية تحدد السلوك السياسي للقوى السياسية اللبنانية تسمح بوضع عقد اجتماعي لبناني جديد ينهي الاصطفافات الراهنة والانقسامات العمودية السائدة باتجاه تحديد هوية وطنية لبنانية، والتعاطي مع الشرعية الدولية بعقلية أخرى وعدم وضع الشرعية الوطنية في تضاد مع الشرعية الدولية، لأن الأخيرة جاءت لتنظيم العلاقات بين الدول وردع التجاوزات ومنع الحروب، ما دعا إلى اعتبار مجلس الأمن الدولي مسؤولا عن حراسة وحماية السلم والأمن الدوليين، وردع ومعاقبة الخارجين على القانون الدولي ومستدعياته.

لن تفلح المهرجانات التضامنية ولا الشعارات الكبيرة ولا الوعود المؤجلة في إخراج النظام السوري من مآزقه. لقد دقت ساعة الحقيقة، والتحرك لوضع الاستحقاقات الوطنية على جدول العمل اليومي بات هو المخرج الوحيد.

* كاتب سوري