الأربعاء:25. 01. 2006


جورج غالاوي



يتولى الكولونيل ستيف ديفيز من مدينة نيو روشيل بولاية نيويورك الأميركية قيادة الفريق العسكري التابع للواء الثاني لقوات المارينز الأميركية المرابط غرب العراق، ولا يعاني الرجل أي أوهام أو سوء إدراك في علاقته بالمكان الموجود به أو الشعب الذي يتعامل معه.

ولا يمثل أفراد حركة المقاومة السنة العراقيون وفلول القادمين من الخارج عبر الحدود سوى جزء من المشكلة التي يعانيها ديفيز. فهو يواجه أيضاً ما يطلق عليه هو اسم laquo;مشروع تهريب إجرامي يمتد تاريخه إلى آلاف الأعوامraquo;.

لقد أمضى الكولونيل الطويل القامة سنوات في دراسة ظروف الشرق الأوسط لكونه مقيماً في المنطقة. ولذا فإنه يدرك ما يستطيع هو وقوات المارينز تغييره ويعرف أيضاً الأشياء التي لا يمكن له أو لغيره المساس بها.

ويندرج مشروع التهريب العتيق تحت نطاق الأشياء التي لا يمكن تغييرها. وقال لي الكولونيل أثناء زيارتي للمنطقة أخيراً: laquo;لا أستطيع تغيير الأمر ولم يستطع صدام حسين تغييره. ولم يستطع البريطانيون تغييره ولا يستطيع عشرة جيوش أخرى تغييره أيضاraquo;.

ويعرف الكولونيل أيضا أن المارينز لا يستطيعون هزيمة قوات المقاومة العراقية بالقوة العسكرية ولكن على حد تعبيره laquo; نستطيع وسنستمر في تعطيل أنشطتهمraquo;.

والفريق العسكري للواء الثاني الذي يتكون من 3200 جندي مسؤول عن تأمين مساحة تزيد على أكثر من 30 ألف ميل مربع وتمتد من الحدود السورية حتى وادي الفرات.

خلال الأشهور الستة الماضية قاتل المارينز الموجودون تحت إمرة ديفيز والقوات العسكرية المرافقة رجال المقاومة في مدن حدودية حساسة مثل القائم والحديثة بما فيها من سد ضخم ومحطة للطاقة الكهرومائية .

ومدن أخرى رئيسية مثل كربلاء وهيت. لم يحدث أن استولى جنود ديفيز ببساطة على تلك المدن في اجتياحات كبيرة ثم أعادوها مرة أخرى إلى العدو بتركهم لها بعد الاستيلاء عليها بأسبوعين. فما حدث هو أنهم استولوا عليها ثم حصّنوها بقواعد دوريات أميركية.

يقول الكولونيل: laquo;الغالبية العظمى من الشعب لا تتوق إلى شيء أكثر من الاستقرار والأمن ونحن نحقق بعض الاستقرار الآنraquo;. ويقول المارينز الموجودون تحت إمرة ديفيز إنهم قتلوا مئات من المقاتلين واستولوا على 900 طن من الأسلحة والمعدات منذ مارس الماضي.

و قال الكولونيل إنه شخصيا لا يأبه بما إذا كان الشعب العراقي يحب الأميركيين أم يكرههم طالما أنهم بدأوا يتفهمون القواعد ويحترمونها! ويضيف في هذا الشأن: laquo; نحن لا نقتل أو نضرب الناس ولكن إذا كنت متمردا مسلحا فإننا سنقتلك. فالأمر بهذه البساطةraquo;.

ويقول ديفيز إن قوات المارينز الموجودين حول مدينة القائم لاحظوا أن المقاتلين الأجانب كانوا يتسللون عبر الحدود وذلك على الرغم من أن تلك الحدود مغلقة رسميا، حيث يعبرون جسرا فوق نهر الفرات ويتحركون إلى داخل مناطق وادي النهر المكتظة بالسكان وهي المناطق التي تؤدي إلى بغداد.

و بموافقة الجنرال جورج كيسي الذي قام بتفتيش المنطقة تم السماح لديفيز بإغلاق الجسر وذلك عن طريق نسف الجزء الأوسط منه. و قد شهدت تلك المنطقة ذاتها مقتل 14 جنديا من قوات المارينز كلهم من ولاية أوهايو الأميركية عندما انفجرت عبوة ناسفة في مركبتهم المدرعة. فالطرق هناك خطرة ولا تزال كذلك.

لقد ذكرتني قافلة مرت إلى مدينة الحديثة وقوات المارينز التي تحرسها بشجرة مليئة بالبوم. الرؤوس تنظر في كل الاتجاهات وترصد وجود أي شيء سواء أكان كلبا أم صندوقا من الكرتون المقوى أو كومة من القمامة، لاسيما في المناطق الأخدودية الموجودة في جوف الأرض..

إن المقاومين يخفون متفجراتهم في أي مكان يمكنهم الوصول إليه. وكلما زادت القوة المسلحة التي يستخدمها الأميركيون، زادت العبوات الناسفة.

يقول ديفيز إن عدد العبوات الناسفة آخذ في التقلص وإن عددا أكبر منها يتم العثور عليه قبل أن يُحدث الدمار المقصود منه. ولدى ديفيز ثقة في أنه إذا واصل الأميركيون وجودهم في مدن تلك المنطقة ليوفروا الاستقرار والأمن لسكان المنطقة فإن حركة المقاومة ستأخذ في التقلص.

ويضيف: laquo;إن الأميركيين يريدون حلا مباشرا لكل شيء. يريدون منك أن تؤدي مهمتك وترحل، وتؤديها بسرعة أيضا. ولكن ليس هكذا تسير الأمور في الشرق الأوسط وليست كذلك أيضا في العراق. الموجود هنا هو عبارة عن حضارة قديمة وراسخة ولن نستطيع أن نغير الطريقة التي يعيش بها الشعب بين عشية وضحاها. وربما لن نستطيع تغييرها أبدا.laquo;.

هناك أشياء تتغير على أرض الواقع وتتغير إلى الأفضل.فالحدود التي كانت مفتوحة على مصراعيها في مرحلة من المراحل مع سوريا موجود بها الآن 11 نقطة حدودية عراقية لحماية المنطقة. وبحسب ديفيز فإن مستوى كتائب الجيش العراقي آخذ في التحسن بشكل منتظم ومستمر وأفرادها يضطلعون بمسؤوليات حراسة وتأمين أجزاء من المنطقة. هناك تزايد في وجود الشرطة العراقية في المدن.

يقول ديفيز: laquo;الأخبار السعيدة تتمثل في أن المقاومين لن يستطيعوا بعد الآن أن يجرونا إلى البحر. أما الأخبار السيئة فتتمثل في أن هذا التطور سيحتاج إلى وقت ومال وعمل مستمر من قبل المارينز و الجنود. وأنا آمل فقط أن يكون لدينا الوقتraquo;.

عنlaquo;البيانraquo;