الأربعاء:25. 01. 2006


د. إسماعيل الشطي

مع تمام مبايعة الشيخ صباح أحمد الجابر الصباح أميرا للكويت يكون آل صباح دخلوا العهد الرابع عشر من تاريخ حكمهم، ويكون سموه الرابع من حكام الأسرة ممن تسمى بصباح، فلقد حكم الكويت صباح الأول الذي تم اختياره بتوافق جماعي بين الرعيل الأول من الكويتيين، كما حكمها صباح الثاني في العهد الرابع لحكم آل صباح، وقد حكم من بعده ثلاثة من أبنائه أحدهم مبارك الملقب بالكبير، أما صباح الثالث فهو المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح الأمير الأسبق الذي تولى الإمارة في العهد الثاني عشر من حكم آل صباح، وسموه يأتي في الترتيب الرابع من بين أبناء الشيخ أحمد الجابر التسعة، ولد عام 1929 وتولت رعايته منذ الصغر المرحومة بيبي السالم زوجة ابيه ووالدة أخيه الأمير الراحل، وقد عبر سموه في لقاء تلفزيوني عن شعوره الفياض وأحساسه المرهف إزاء المرأة التي تولت رعايته والبيت الذي تربى فيه، وقد تولى أول منصب له عام 1955 كرئيس لدائرة الشؤون الاجتماعية ودائرة المطبوعات والنشر، وكان عضوا في المجلس الأعلى الذي أنشأه الشيخ عبدالله السالم لتأسيس الدولة الحديثة بالكويت، وكان أول وزير للإرشاد والإعلام ما بين عام 1962 و 1963، غير أنه تولى بعد ذلك وزارة الخارجية منذ ذلك الوقت حتى مطلع الألفية الجديدة، وقد رأس البعثة الدبلوماسية عام 1963 التي حضرت اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة والتي تم خلالها ضم الكويت كعضو رقم 111 بالمنظمة، وتولى لحقبة قصيرة حقائب وزارية مختلفة بجانب توليه لوزارة الخارجية، ولوزارة المالية (1965ـ1967)، ووزارة الداخلية (1978)، ووزارة الإعلام (1971ـ1975) ووزارة الإعلام (1981ـ1985)، كما تولى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ثم رئيس مجلس الوزراء حتى يوم أمس، وقد أراد الأمير الراحل أن يوليه ولاية العهد عندما شرع في فصل ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء، إذ كانت وجهة نظره رحمه الله ألا يتم الفصل بينهما حتى لو أدى ذلك لتسمية ولي عهد جديد، غير أن الشيخ صباح ناضل بكل أساليب الرجاء لكي لا يتم ذلك وفاء للشيخ سعد العبدالله حفظه الله، واستجاب له الأمير الراحل بتعيينه رئيسا للوزراء مع إبقاء ولاية العهد في محلها، وسموه أب لأربعة أبناء هم ناصر وحمد والمرحومة سلوى وأحمد وله أحفاد كثيرون من ذريته.
تحدثت الوثائق البريطانية عنه في فترة الخمسينات والستينات كصاحب توجه قومي عروبي، وبرز بين ثنايا تلك الوثائق التخوف من تأثيره السياسي على أخيه الأمير الراحل، ولعل سياسات الكويت الخارجية خلال تلك الفترة اصطبغت بالنزعة القومية إلى درجة خصصت لها تلك الوثائق عددا من المراسلات بين الخارجية البريطانية والمقيم البريطاني بالكويت (أو السفارة فيما بعد) لمناقشة ذلك، غير أن التوجه البراغماتي للحكم استطاع أن يحتوى نزعات سياسية كثيرة كتلك خلال مشواره الممتد ثلاثة قرون.
يتولى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الإمارة في ظروف استثنائية نتجت عن وفاة الأمير الراحل وفي ظل إعتلال حالة وصحة ولي العهد، وهي ظروف أدت إلى جدل بين خيارين، الأول هو استكمال إجراءات تنصيب ولي العهد أميرا رغم إعتلال صحته، والثاني هو مواجهة الأزمة بشكل مباشر وتولية الإمارة لمن هو قادر، ورغم أن هناك اتفاقا على عدم قدرة الشيخ سعد على القيام بمهام الأمور، كما لم يكن هناك خلاف على أحقية الشيخ صباح الرابع بالإمارة، إلا أن الخلاف انحصر حول الإجراءات التي يتم فيها تنحية الشيخ سعد، بين من يرى أن التنحية تتم بعد إجراءات توليته الإمارة، وبين من يرى أن تتم بالاعتذار، وبين من يرى أن تتم بالإجراءات الدستورية الخاصة بالعزل نتيجة العجز والمرض، غير أن إمارة الشيخ صباح الرابع كانت محل أجماع الأسرة الحاكمة بكافة أجنحتها وقياداتها، ولأول مرة في تاريخها أبرزت هذا الإجماع بشكل تظاهري حاشد للتأكيد على الموقف المتماسك، وتبع هذا التأييد مباركة بين كافة القوى الشعبية والسياسية والاجتماعية، تهنئة من القلب لصباح الرابع آملين أن يكون عهده ربيعا على الكويت.