تركي بن عبد الله السديري


لم أكن أتصور أن بلداً لدينا من سكانه ما يزيد على المليون شخص يجهل الشيء الكثير عن بلادنا..

تحدث معنا الصحفيون الهنود صباح يوم الخميس الماضي فكانوا على معرفة جيدة بأحوال الاقتصاد السعودي، مشاريع الاستثمار، العلاقات الدولية، التبكير الصناعي المتلاحق حالياً.. لكنهم كانوا في حالة جهل تام بما هو عليه الوضع الاجتماعي، التعليمي، الإعلامي..

قالوا إن الشباب في الهند لا يفضلون العمل في السعودية لأنهم شباب يحبون المرح وحياة الشباب المعتادة والمعلومات لديهم أن المدن السعودية خالية تماماً من كل مرح.. كئيبة.. يرتاح فيها الشيوخ والعمال وكأنها جهزت لهم..

لا أكابر فأدعي الخطأ الكامل في هذه المعلومة لكنها لا تمثل حقيقة الواقع المتغير نحو الأفضل..

فهمت حقيقة أخرى.. معلوماتهم عن مجتمعنا حسب ما قالوه تأتيهم من مصادر غربية مرئية ومسموعة.. والعمال الذين يمارسون العمل هنا يعودون في إجازاتهم إلى القرى بينما المدن يتوغل فيها الإعلام الأجنبي المضاد بنشر معلومات تحرض على كره مجتمعنا الذي تصفه بالمنغلق الذي لا يقبل بأي آخر..

لقد كان الزملاء الهنود في حالة رغبة صادقة لمعرفة الحقائق كما هي عن مجتمع جديد من الواضح أنهم يفضلون التقارب معه..

قال لي أحدهم: ألا تعتقد أن العلاقات الباكستانية/ السعودية قد تكون عائقاً أمام ازدهار العلاقات الهندية/ السعودية.. أجبته: بالعكس بل هي قد تساعد في تذليل بعض المشاكل بينكم وإن لم يحدث وأنتم لستم عدو لشعبنا العربي فإن علاقتنا بأمريكا كأهم حليف لها في الشرق الأوسط لم تتأثر بعلاقتنا مع الفلسطينيين رغم أن إسرائيل عدو لشعبنا..

قلنا لهم الشيء الكثير عن المتغيرات في مجتمعنا وأنهم في الوقت الذي نلتقي بهم هنا يوجد هناك في بلادهم وفد إعلامي ثقافي يضم أكثر من سبع سيدات يعكسن صورة مشرفة عن المرأة السعودية..

إننا في حاجة إلى المزيد من الخروج إلى المجتمعات الأجنبية.. الهند أو غيرها.. صحيح لقد بدأنا بتنفيذ هذه الخطوة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا منذ العام الماضي.. فالإعلام لم يعد كلمة تكتب وتقرأ ولكنه أيضاً عقلية تحاور وتناقش ووسائل رؤية وحوار تتوزع بلغات أجنبية على المجتمعات البعيدة عنا.. مشكلتنا أن وسائل التأثير الإعلامي القريبة منا موجهة إلى عالمنا العربي الذي أصبحت فيه الأمور واضحة أكثر مما يجب.. لكن بقي أن نتحدث إلى مجتمعات أجنبية نحتاج تعاونها واحترامها حتى تخرج من عزلة التعريف التي تحصر تعريفنا ببترول يتدفق أو إسلام متشدد.. وليس بينهما مجتمع له رأي وثقافة وعقلانية حوار وتفاهم..