صــبــاح الأمّـــة
كتب خالد المطيري وداهم القحطاني ومخلد السلمان وطلال العنزي

بعد أسبوع حافل بالتطورات المتسارعة، وبعد يوم طويل من شد الأعصاب، استمر فيه مسلسل المفاجآت والتجاذبات، وافق مجلس الأمة باجـــماع أعــضائه الـ 65 من النواب والوزراء، في جلسة سرية، على تنحية سمو الأمير الشيخ سعد العبدالله بسبب وضعه الصحي، وعلى انتقال صلاحياته الى مجلس الوزراء، فيما اعتبرته وكالات الأنباء العالمية laquo;المرة الاولى التي تتم فيها تنحية حاكم في منطقة الخليج بالوسائل الدستوريةraquo;.
واذا كان التمسك بالدستور وترسيخه آلية وحيدة للحياة السياسية الكويتية، ولو في أقسى الأزمات وأشدها، أثار اعجاب العالم بالنموذج الكويتي، وارتياح الداخل الكويتي الى هذا المكتسب الديموقراطي الجديد الذي لم laquo;يخدشraquo; رقيه أي خروج عن laquo;الصراط المستقيمraquo;، فان الملاحظة الثانية هي أن هذا المنعطف الجديد في تاريخ البلاد، اكتملت صورته النقية باختيار الأمة نفسها حاكمها الخامس عشر، تماماً كما اختارت حاكمها الأول، فكانت تزكية مجلس الوزراء مساء أمس رئيسه الشيخ صباح الأحمد أميراً نتيجة طبيعية للمبايعة التي حصل عليها سموه من الشعب أولاً، ومن ممثليه ثانياً، ومن الأسرة الحاكمة ثالثاً، في اجماع يتيح له انطلاقة ثابتة وقوية الى الاصلاح المنشود، على كل المستويات.
وتزكية مجلس الوزراء جاءت في اجتماع استثنائي عقده مجلس الوزراء في دار سلوى برئاسة الشيخ صباح, وقرر مجلس الوزراء، استناداً الى القرار الاجماعي الذي اتخذه مجلس الأمة، اعلان خلو مسند الامارة وممارسة مجلس الوزراء صلاحيات الامير, وبعد أن غادر الشيخ صباح الاجتماع، ترأسه النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ نواف الاحمد، وقرر laquo;تزكية سمو الشيخ صباح الاحمد اميرا لدولة الكويت (,,,) في ضوء ما عهده اهل الكويت جميعا في سموه من كفاءة واخلاص وخبرة ودراية وحرص صادق على مصلحة الوطن والمواطنين والذي تجسد من خلال تاريخه الحافل وسجله العريض في خدمة الكويت واهلها من مختلف المواقع وتواصله العميق مع اخوانه وابنائه المواطنينraquo;, ونوه مجلس الوزراء laquo;بما يحظى به سموه من مكانة مرموقة وعلاقة وطيدة على الاصعدة الخليجية والعربية والدوليةraquo;,
وقوبلت تزكية الشيخ صباح بارتياح نيابي وشعبي عارم, وفي هذا الصدد، قال رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي laquo;ان تزكية سموه ليست مستغربة,,, إنما المستغرب لو لم تتم تزكيتهraquo;, وقال laquo;اننا ننطلق حاليا إلى فتح صفحة جديدةraquo; وlaquo;الكويت كسبت أميراً محنكاً خبيرا في العديد من المسؤوليات سواء كانت الديبلوماسية أو المالية أو الإعلامية أو الاجتماعيةraquo;, وقال laquo;كلنا أمل بأن يكون سمو الشيخ صباح خير خلف لخير سلفraquo;.
ووفقاً لمصادر وزارية، يتوقع ان تتقدم الحكومة صباح اليوم بكتاب تزكية الشيخ صباح الأحمد لتولي مسند الامارة, وكان الخرافي وعدد من النواب توقعوا ان يتم تحديد جلسة القسم يوم الاحد المقبل او الاثنين, لكن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلسي الوزراء والأمة محمد ضيف الله شرار توقع أن تعقد الجلسة الاثنين او الثلاثاء المقبلين.
وقال الخرافي أن هذه الجلسة laquo;ستخصص لأكثر من اجراء وسنحاول ان ننجز اجراءاتraquo; المبايعة والقسم في يوم واحد.
وأوضحت مصادر نيابية ان الجلسة ستشهد laquo;تأبين سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الاحمد والثناء على سمو الامير الشيخ سعد العبدالله وأداء القسم للأمير الذي رشحه مجلس الوزراءraquo;.
وأوضح مصدر برلماني انه ونظراً لأن يوم السبت المقبل سيكون يوم عطلة رسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية فيتوقع ان يدعو رئيس مجلس الأمة لعقد جلسة خاصة الاحد المقبل لبحث ترشيح سمو الشيخ صباح لمسند الإمارة على ان تعقد جلسة تأدية سموه لليمين الدستورية في حال موافقة مجلس الأمة بأغلبية عدد اعضائه وليس بأغلبية الحضور على ترشيح مجلس الوزراء يوم الاثنين المقبل من اجل اتاحة المجال لتقديم الدعوة لكبار رجالات الدولة واعضاء السلك الديبلوماسي وفقاً للاعراف البروتوكولية.
وعبر مجلس الوزراء عن تقديره لما اتسم به تعامل الشيخ صباح مع الوضع laquo;من حكمة ورؤية وسعة صدر والتزام كامل بالاطار الدستورى والقانوني فى التعامل مع هذه الازمة وسعيه المخلص للحفاظ على المكانة العالية التى يتمتع بها حضرة صاحب السمو الشيخ سعد العبدالله السالم الصباحraquo;,
وكان الشيخ صباح عدد في كلمته أمام المجلس في الجلسة السرية مآثر الشيخ سعد وأكد مكانته الكبيرة لدى الشعب الكويتي, وقال laquo;شاء المولى عز وجل أن يتعرض حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ سعد العبدالله الصباح، إلى أزمة صحية معقدة، اشتدت مضاعفاتها وتطوراتها (,,,) حتى أفقدته القدرة على مواصلة مسيرة عطائه المعهود وممارسة اختصاصاته الدستورية, إنها مشيئة الله، وكم كنا نتمنى ألا يطال هذا الأمر سدة الحكم (,,,) واننا إذ نعتز بدستورنا وديموقراطيتنا، ونفتخر بكويتنا دولة القانون والمؤسسات، فإنه كان لا بد مما ليس منه بد، بعد أن تثبت مجلس الوزراء على نحو قاطع لا يقبل الشك، من عدم قدرة سموه الصحية على ممارسة اختصاصاته الدستوريةraquo;, وقال ان laquo;تفعيل الإجراءات المقررة في القانون رقم 4 لسنة 1964، في شأن أحكام توارث الإمارة، بات أمراً ملحاً وملبياً لمقتضيات المصلحة الوطنية العليا في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ وطننا العزيز، ويحفظ لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح حفظه الله مكانته الرفيعة، ويجنب هذا الرمز الوطني الكبير أي مساس يطال تاريخه الناصع الطويل في خدمة الكويت وأهل الكويتraquo;, وقال laquo;ان سعد العبدالله أخ وأب لجميع الكويتيين، ولا يمكن كائناً من كان أن يختزل مشاعر الحب الجارف الذي تفيض به قلوب الكويتيين تجاه هذا الرجل في شخصه فقط، ولا نقبل لأحد أن يزايد على محبته، والحرص على كرامته والحفاظ على مكانتهraquo;, وقال ان laquo;مجلس الوزراءاتخذ ما يراه محققاً للمصلحة الوطنية العليا منطلقاً من حرص صادق على تقديم مصلحة الكويت التي تتضاءل أمامها كل مصلحة أخرىraquo;, وخلص الى القول laquo;يتوجب علينا أن ننأى بأنفسنا عن أي مزايدات أول ما تنال من أمن الكويت واستقرارها، وتعريض حاضر أهلها ومستقبلهم لمحاذير ومخاطر لا يعلم مداها إلا اللهraquo;,
واشاد مجلس الوزراء laquo;بروح المسؤولية والتعاون البناء مع مجلس الامة والذى كان له اطيب الاثر فى احتواء هذا الامر فى مناخ ايجابي مسؤول اتسم بالحكمة والحرص على المصلحة الوطنية العلياraquo;,
واعتبر الرئيس الخرافي أن laquo;الاجراءات جميعها التي تمت هي اجراءات يجب ان نفتخر ونتفاخر بها لانها جاءت نتيجة للشفافية التي دائما نتحدث عنها وهذه الاجراءات ما هي إلا تأكيد على ثقتنا ليس بأنفسنا فحسب انما تاكدنا هذه الثقة للعالم اجمع وان لدينا من الامكانات ان نعالج كل ما يتعلق بموضوعاتنا من خلال التحاور في اطار دستوريraquo;.
وقال النائب محمد الصقر ان الكويت laquo;أثبتت أمام العالم ديموقراطيتها وحريتها والتزامها بالدستور بكل شجاعة واخلاصraquo;, ولاحظ أن laquo;تطبيق الدستور تكرسraquo;
وقال النائب خالد العدوة ان laquo;الكويت أثبتت للعالم أن الديموقراطية فيها راسخةraquo;, ولاحظ أن laquo;البعض حاول ان يشعل النيران ويصفي الحساباتraquo;.
وأكد النائب براك النون أن laquo;الكويت أثبتت تمسكها بالدستور والقنوات القانونيةraquo; مبيناً أن laquo;الجلسة كانت تاريخيةraquo;، والبلاد دخلت في مرحلة ولادة جديدة بمثل تلك القرارات التي تهم الوطن وتماسكه وقوتهraquo;.
وقال النائب عواد برد ان laquo;الكويت سجلت احترامها للديموقراطية وأكدت ان حكامها من الشعب واليهraquo;, ورأى ان جلسة امس laquo;تعد تاريخية ليس للكويت فحسب بل في دول العالم الثالث برمتها ومنها نستلهم الدروس والعبر في كيفية الحكم الرشيد والعمل المشترك بين القيادة والشعب لحل الازمات والنجاة بالبلاد من مساوئ الامور والاحداثraquo;, وقال ان laquo;ما حدث رغم ألمه في النفوس لا نعتبره الا فوزا للكويت بأسرتها الحاكمة التي ابت الاستفراد بالقرار بمعزل عن الشعب كما يحدث في بلدان العالم الثالثraquo;.
وشدد الأمين العام للحركة الدستورية الإسلامية الدكتور بدر الناشي على ان ما شهده مجلس الامة أمس laquo;يعد حدثا تاريخيا يعزز مسيرة الكويت في الالتزام بالنهج الديموقراطي والعمل الدستوريraquo;، مشيرا الى ان laquo;ما حصل يسجل للأسرة الحاكمة والشعب الكويتيraquo;, ولفت الناشي الى ان laquo;الاسرة الحاكمة التزمت بالقنوات الدستورية والقانونية لحسم الخلاف بعد استنفاد اساليب التفاهم والتوافق الداخليraquo;.