الجمعة:27. 01. 2006
علي الرز
المشادة الطلابية التي حصلت على هامش محاضرة النائب سمير الجسر في كلية الحقوق ليست جديدة لا على الوسطين السياسي او الجامعي في لبنان، لكن اللافت فيها هو تراص الشباب المنتمين الى حركة quot;املquot; وquot;حزب اللهquot; واحزاب وهيئات اخرى في صفوف احتجاجية رافعين قبضاتهم في الهواء هاتفين:quot; سورية سورية سوريةquot;.
اشكاليتان مهمتان حكمتا صورة المشادة، الاولى تفسير كل تحرك لتيارquot;14 آذارquot; ورموزه لدفع الحقيقة قدما الى امام في جريمة اغتيال الرئيس الحريري على انه تحرك يهدف الى اسقاط النظام السوري حتى ولو كان التحرك عبارة عن محاضرة سياسية علمية قانونية لنائب ووزير سابق هادىء مثل الجسر، والثانية استحضار المعارضين لتحرك الغالبية النيابية، سورية كدولة وشعب وكيان، في مواجهة هذه الغالبية وكأن الفرز الاعلامي الذي روجت له وسائل معروفة بعد اغتيال الحريري تحول فعليا فرزا سياسيا، او كأن فئات لبنانية كبيرة مشهود لها بحسن قراءاتها السياسية لم تعد تريد ان تصدق الا ان اغتيال الحريري مؤامرة دولية هدفها الاول والاخير النيل من سورية.
تفاصيل النظرية السورية التي دأب بعض المنظرين البعثيين التافهين على الترويج لها من ان خروج النظام السوري من لبنان خروج من دمشق هي شأن سوري لا علاقة لنا به، اما النظرية الاخرى التي تتوالى في الكواليس من ان الخروج السوري في لبنان يعني انكشافا للوضع الشيعي السياسي فيه امر اساسي كان يجب ان يقابل على الدوام بنقاش هادىء بل وجعله اولوية في الحوارات بدل ان تتكاثر تفاصيله في حضانات مغلقة لتلد واقعا شبيها بما حصل في كلية الحقوق وربما الى quot;وقائعquot; اخرى اكثر تطرفا.
مرة اخرى، الشيعة في لبنان تحرروا من عقد النقص المركبة في المجالين التنموي والسياسي باثباتهم الملموس انهم حماة ثلاثة مشاريع مصيرية في لبنان: التحرير والتوحيد والعروبة. ففصائلهم الرئيسية لعبت الدور الذي لا يغفله الا جاهل او حاقد في تحرير الارض مقدمة قوافل العز والكرامة من شهداء ومصابين، وفصائلهم الرئيسية دافعت عن مشروع الدولة بعد اتفاق الطائف وانخرطت في مؤسساتها بعدما تبين لها بالملموس ان الشيعة اعزاء بدولتهم وادوات في دول الآخرين، وفصائلهم الرئيسية حمت العمق العربي وتمسكت بالانتماء القومي في احلك الظروف وقدمت لسورية - بوابة لبنان الى عمقه - الكثير الكثير بعدما تراجعت بفعل المشروع الاسرائيلي والغزو الاسرائيلي فاعادتها مع وليد جنبلاط الى الجبل والعاصمة (من ينسى 6 شباط؟) وقاومت اسرائيل من العاصمة وحتى الحدود الدولية، بل وخاضت قوى شيعية معارك زواريب نيابة عن سورية في بيروت ومخيماتها(هل يذكر التاريخ كما هو؟).
حركة quot;أملquot; تحديدا وquot;حزب اللهquot; آخر من يجب تبني فرضية ان اغتيال الحريري مؤامرة دولية لاسقاط النظام السوري لان هذا النظام يعرف تماما دهاليز التعاطي مع السياسة الدولية وماذا يقدم واين يتنازل او يعترض؟ واذا كانت المشكلة بينه وبين العالم تتنامى فبالتأكيد لاسباب لم تعد خافية على احد آخرها موضوع لبنان، واذا كان العالم يريد تصعيد الامور مع النظام فبالتأكيد لا يحتاج الى quot;مؤامرة اغتيال الحريريquot; ليفعل ذلك.
واذا كانت القوى السياسية الشيعية غير مضطرة لتبني فرضية quot;المؤامرةquot; فمن باب أولى ان لا تسقط هذه الفرضية على التعامل مع شركاء الداخل وتحديدا مع من احرقتهم نار اغتيال الحريري من عائلة وتيار وقوى متحالفة. فهؤلاء لا يقلون عنها حرصا على سورية الشعب والارض ولا يقلون عنها فهما للمخاطر المحيقة بالمنطقة ولا يقلون عنها عمقا في قراءة التحولات السياسية... وعلى القوى الشيعية تحديدا ان تفكر قليلا في الطرف الذي يتحمل المسؤولية الفعلية عما آلت اليه الاوضاع في لبنان والمنطقة وهو بالتأكيد ليس سمير الجسر والتيار الذي ينتمي اليه والقوى المتحالفة معه!
التعليقات