بغداد - خلود العامري

هل أنت عراقي؟ هل تبحث عن ملاذ آمن؟ إذا كان جوابك (نعم) فادفع عشرة آلاف دولار لتحصل على فرصة اللجوء الإنساني في أي دولة أوروبية خلال أسابيع قليلة من ترتيب أوراقك.

بهذه الطريقة يعلن سماسرة الهجرة في العراق عن بضاعتهم (الهجرة) سواء أكانت شرعية أم غير شرعية. هذه البضاعة باتت تستهوي الشباب والشيوخ على حد سواء بسبب الانهيار الأمني الذي وصلت اليه البلاد بكل ما افرزه من عمليات الخطف والذبح الطائفي والتهجير المذهبي، حتى باتت رغبة العائلات العراقية في الحصول على فرص الهجرة بمثابة laquo;امل الخلاص الوحيدraquo; بالنسبة الى الكثير من العراقيين.

لكن هذا الأمل تحول الى حلم بعيد المنال للكثير من الشباب بعدما رفع السماسرة تسعيرتهم بسبب الإقبال الكبير على الهجرة غير الشرعية التي يروج لها هؤلاء السماسرة والتي غالباً ما تتم عبر دول الجوار ومنها ايران وتركيا, والتي لا تخلو من مخاطر عدة قد يدفع المغامر حياته ثمناً لها.

ويقول حسين عبد الناصر، وهو موظف في كلية الآداب وأحد الطامحين الى الحصول على فرصة للهجرة ان شقيقه باقر هاجر الى احدى الدول الاسكندينافية من طريق البحر بعدما دفع الى احد متعهدي الهجرة مبلغ 15 الف دولار لترتيب اوراقه ابتداء من مرحلة الانطلاق من تركيا وصولاً الى مرحلة الهبوط في مطار الدولة التي هاجر اليها ودخول معسكر اللاجئين.

ويرى حسين ان الوصول الى الهدف والخروج من جحيم القتل والانفجارات ينسيان المهاجرين العناء والمشقة التي تعرضوا لها أثناء الطريق. أما أنوار صبحي، وهي موظفة في وزارة التربية فتؤكد ان محاولات شقيقها للحصول على فرصة للهجرة باءت بالفشل على رغم مرور اكثر من عامين على مغادرته العراق الى سورية، اثر تعرضه لحادث اطلاق نار من احدى الجماعات المسلحة وفقدانه احدى ساقيه, ولم تفلح مراجعته العديد من المنظمات الانسانية والسفارات الاجنبية هناك سعياً وراء الهجرة. وتقول ان شقيقها لا يستطيع العودة ولا المغادرة الى بلد آخر وهو يفضل البقاء في مكانه لحين ايجاد الفرصة الملائمة.

ويلجأ شباب آخرون للبحث عن سماسرة من الدرجة الثانية او الثالثة ممن يتقاضون مبالغ اقل، على رغم تضاؤل فرص النجاح مع هؤلاء، فيما تغادر العائلات ذات الدخل المتوسط بعد تصفية مصالحها وبيع ممتلكاتها الخاصة, الى دول الجوار بحثاً عن السفارات التي فتحت باب الهجرة الى بلدانها.

وتشير دراسة اجرتها وزارة الخارجية الى ان نسبة الهجرة في البلاد خلال عامي 2004-2005 وصلت الى 70 في المئة قياساً الى عامي 2002-2003 وأكدت الدراسة ان هذه الهجرة من اخطر الهجرات على البلاد منذ عقد التسعينات في القرن الماضي، خصوصاً ان غالبية المهاجرين من الكفاءات العلمية والاكاديمية من الاطباء والاساتذة.

وتؤكد الاحصاءات الرسمية لوزارة الهجرة والمهجرين ارتفاع نسبة الهجرة من العراق الى اكثر من 50 في المئة عام 2006 قياساً الى عام 2005.

وتحتل الدول الاسكندينافية المرتبة الاولى في نسبة استقبال المهاجرين العراقيين اذ تشير الاحصاءات الرسمية للوزارة الى ارتفاع نسبة المطالبين بالهجرة الى دول الدنمارك والسويد من العراقيين الى 75 في المئة قياساً الى عام 2005, فيما وصل عدد المقيمن الرسميين والمسجلين في سجلات الامم المتحدة العراقيين في تلك الدول الى 25 الف شخص. وعلى رغم ارتفاع نسبة المهاجرين غير الشرعيين الى هذه الدول يؤكد ستار نوروز، الناطق الرسمي باسم وزارة الهجرة لـ laquo;الحياةraquo; ان عدد المهاجرين غير الرسميين من العراقيين في الدنمارك لا يتجاوز 600 مهاجر حيث تجري محادثات رسمية بين وزارة الهجرة العراقية ووزارة الخارجية الدنماركية للوصول الى قرارات نهائية في شأن منحهم اقامات رسمية او اعادتهم الى العراق.

ويقول ان الاحصاءات الرسمية للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة تؤكد وجود اكثر من مليون ونصف المليون عراقي في ثلاث دول عربية هي سورية والاردن ومصر اكبر نسبة منهم في الاردن حيث يصل عددهم الى 750 ألف عراقي مقابل 600 ألف في سورية و150 الف في مصر، لكنه يؤكد ان هذا العدد اقل بكثير من الأعداد الحقيقية، خصوصاً ان غالبية النازحين الى هذه الدول يمتنعون عن تسجيل أسمائهم لدى مفوضية اللاجئين.

ويقول ان الوزارة لا تملك اعداداً دقيقة لأعداد المهاجرين العراقيين خلال العامين الماضيين في دول العالم وانها تطمح الى معرفة هذه الأعداد بعد اجراء التعداد العام لسكان العراق في تشرين الاول (اكتوبر) من عام 2007.

وتشير التقارير الواردة من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين الى ان اللاجئين والمهاجرين العراقيين هم من اكثر اللاجئين تشتتاً في العالم، اذ يتوزعون على 80 دولة.