الخميس: 2006.05.11

أصدرت محكمة فيدرالية أمريكية يوم الأربعاء الماضي حكما بالسجن مدى الحياة بحق زكريا الموسوي المتهم الوحيد الذي حوكم على خلفية هجمات 11 سبتمبر عام 2001 حتى الأن.
وجاء حكم محكمة مدينة الإسكندرية في شمال ولاية فيرجينيا (خارج العاصمة واشنطن) بعد ستة أيام من المداولات بين هيئة المحلفين المؤلفة من 12 عضوا وفي أعقاب جدل كبير حول ما إذا كان ينبغي الحكم على الموسوي بالإعدام أو السجن المؤبد.
ويشترط القانون الأمريكي أن يصدر المحلفون قرارا بالإجماع عند أي حكم بالإعدام ومن ثم فان عدم وصول المحلفين إلى قرار بالإجماع حول عقوبة الإعدام أدى إلى الحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وتشير تقارير منظمة العفو الدولية إلى تنفيذ حوالي 60 عملية إعدام في الولايات المتحدة عام 2005، ورغم إلغاء عقوبة الإعدام في معظم دول العالم المتقدمة، إلا أن استمرارها في الولايات المتحدة ما زال يثير جدلا كبيرا.
ما هو تاريخ استخدام هذه العقوبة في الولايات المتحدة؟ ما رأى الشعب الأمريكي في هذا الموضوع؟ تقرير واشنطن يلقي الضوء هنا على جدلية استمرار عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة.

تاريخ الإعدام في الولايات المتحدة
طبقا لبيانات quot;مركز معلومات عقوبة الإعدامquot; (Death Penalty Information Center) وجدت عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة منذ أيام السيطرة البريطانية وقبل تأسيس الدولة الاتحادية المعاصرة. وفي القرن السابع عشر كانت عقوبة الإعدام شائعة الاستعمال بهدف منع الجرائم. وتم استمرار مزاولة عقوبة الإعدام حتى عام 1972 عندما قررت المحكمة الدستورية العليا الأمريكية أن القانون الذي كان يتم تطبيق عقوبة الإعدام هو قانون غير دستوري. إلا أنه وبعد أربع سنوات فقط تغير القانون ليضمن جواز هذه العقوبة في ظل الدستور الأمريكي، ومنذ ذلك التاريخ يتم تطبيق عقوبة الإعدام في غالبية ولايات أمريكا.

عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة اليوم
تشير بيانات موقع منظمة العفو الدولية (Amnesty International) الى ان هناك 38 ولاية أمريكية من الولايات الخمسين تطبق عقوبة الإعدام. وأهم هذه الولايات من حيث عدد من تعم إعدامه في السنوات الأخيرة ولايات تكساس وكاليفورنيا ونيويورك. وفي السنة الماضية أعدم 60 شخصا بعد إداناتهم بجرائم قتل. ويتم في معظم الأحوال تنفيذ حكم الإعدام عن طريق حقن الشخص بمواد سامة، إضافة إلى وجود آلية استخدام الكرسي الكهربائي، وينتظر ما يقرب من 3400 شخص في السجون الأمريكية تنفيذ حكم الإعدام فيهم.
آراء الشعب الأمريكي في عقوبة الإعدام
في استطلاع قام به مؤسسة غالوب للاستطلاعات (Gallup) عبرت غالبية الشعب الأمريكية عن دعمها لوجود عقوبة الإعدام لمن يقترف بعض الجرائم، وكانت إجابة عينة بلغت 1000 مواطن امريكي على الأسئلة حول هذا الموضوع على النحو التالي.
bull;في الحكم على من يقترف جرائم شديدة الخطورة وتتطلب أنزال أقصى صور العقاب، هل تؤيد تطبيق عقوبة الإعدام أم عقوبة السجن مدى الحياة؟
50 بالمائة تطبيق عقوبة الإعدام
46 بالمائة السجن مدى الحياة
bull; في حالة القتل العمد، هل عقوبة الإعدام هي العقوبة المناسبة في هذه الحالة؟
71 بالمائة نعم عقوبة الإعدام مناسبة
26 بالمائة لا ليست مناسبة
bull; هل تعتقد أن تطبيق عقوبة الإعدام يعتبر عملا غير أخلاقي؟
28 بالمائة الإعدام عقوبة غير أخلاقية
65 بالمائة الإعدام عقوبة أخلاقية
bull; هل تعتقد أن تطبيق عقوبة الإعدام يقلقل الجرائم؟
35 بالمائة يقلل الجرائم
62 بالمائة لا يقلل الجرائم
الجدل حول الإعدام
ورغم ميل آراء غالبية الأمريكيين لدعم استمرار عقوبة الإعدام، إلا أنه ومع إلغاء غالبية الدول المتقدمة لهذه العقوبة ومعارضة قوى دينية كاثوليكية لاستمرار العقوبة يجعل من الجدل حول هذه القضية عملا مستمرا في جهود هدفها النهائي إلغاء عقوبة الإعدام.
أمريكيا يتم التركيز على أربع نقاط هامة بخصوص هذا الجدل:
-العلاقة بين تطبيق عقوبة الإعدام وبين تقليل معدل الجرائم
-إمكانية حدوث خطأ في الإجراءات القانونية بما يؤدي إلى تطبيق عقوبة الإعدام
-تطبيق عقوبة الإعدام لا يعكس حقائق الإحصاءات السكانية والطبقية والعرقية
-عقوبة الإعدام نفسها لا تحترم قدسية الحياة
بعض الفئات ترى أن وجود عقوبة الإعدام يقلل الجرائم بشكل عام، ولكن البعض الأخر يشير إلى أن نسبة الجرائم في الولايات الجنوبية التي يتم تطبيق عقوبة الإعدام فيها، تتمتع بنسب أكبر من الجرائم من تلك الولايات التي لا يتم تطبيق عقوبة الإعدام فيها في شمال أمريكا. وبسبب هذه الحقائق الرقمية، يؤكد البعض انتفاء العلاقة بين تطبيق عقوبة الإعدام ووجود نسب قليلة من الجرائم.
وهناك بعض منظمات الحقوق المدنية تري إمكانية حدوث أخطاء إجرائية أو تحقيقيه تؤدي لفرض عقوبة الإعدام على بعض الأبرياء. فإذا أخطأت محكمة ما، قد تكون النتيجة إزهاق روح شخص بريء!

وطبقا لبيانات مركز معلومات عقوبة الإعدام أن هناك 123 متهما ينتظرون عقوبة الإعدام يُعتقد على نطاق واسع ببراءتهم نتيجة أخطاء إجرائية.
أما أهم نقاط الجدل التي يستخدمها معارضو عقوبة الإعدام هي عدم وجود توازن فيمن تطبق عليهم عقوبة الإعدام، 50 بالمائة ممن عوقبوا بالإعدام كانوا من السود الأمريكيين، بالرغم من أن نسبتهم فقط 13 بالمائة من مجموع السكان، إضافة إلى ذلك تبلغ نسبة البيض من ضحايا death penalty cases جرائم عقوبة الإعدام 80 بالمائة، في حين أن نسبة ضحايا جرائم القتل عموما في الولايات المتحدة تبلغ 50 بالمائة فقط.
توجد كذلك فئات لا توافق على تطبيق عقوبة الإعدام لأسباب دينية وعقائدية، وأخلاقية. ويؤمن البعض بأن تطبيق عقوبة الإعدام هو عمل غير أخلاقي على الإطلاق، ويؤمن هؤلاء بأن الحياة هي من أقدس النعم التي منحها الله من الله للإنسان، لذا لا يجب أن تفرض أي سلطة أيا كانت عقوبة الموت على أي شخص بغض النظر عن نوع الجريمة. ويرى أنصار تلك النظرية أن عقوبة الإعدام تشبه عدم وجود احترام للحياة، فالقتل هو أسوأ الجرائم ولا يجب أن يكون العقاب عن طريق القتل في الوقت ذاته، حتى وأن كان على يد الحكومة.