الثلاثاء02 يناير2007

جيسون ميكس ـ كريستيان ساينس مونيتور


حين كان رئيس الوزراء الياباني الحالي quot;شينزو آبيquot; منشغلاً بحملته الانتخابية الرامية إلى تنصيبه خلفاً لسابقه quot;جونيشيرو كويزوميquot; في وقت مبكر من العام الجاري، كان معظم الحوار الدائر ضمنها محلياً وإقليمياً ودولياً، منصباً حول التغيرات المرتقبة في السياسات الخارجية اليابانية، وما إذا كان quot;الصقرquot; الجديد quot;آبيquot;، سيواصل نهج quot;الدبلوماسية القتاليةquot; الذي سار عليه quot;كويزوميquot; أم لا؟ بيد أن تواتر الأنباء مؤخراً عن حدوث تباطؤ مفاجئ في أداء الاقتصاد الياباني، رجح التكهنات بأن تشكل قضايا الجبهة الداخلية، أكبر التحديات التي تواجهها حكومة quot;آبيquot;، خلافاً لما قيل سابقاً عن أهمية القضايا الخارجية. وكانت الحكومة قد أعلنت في العام الماضي أن الكثافة السكانية اليابانية قد أخذت في الانكماش، وأن الإحصاءات الحالية تشير إلى أنه ما لم ترفع اليابان معدل مواليدها السنوية من 1.25 طفل لكل امرأة قادرة على الإنجاب، فإنه من المتوقع أن تنكمش الكثافة السكانية بحلول نهاية القرن الحالي، بحوالى 50 في المئة تقريباً. وفوق ذلك، فإن هناك من الشواهد والأدلة ما يؤكد تنامي الفوارق والفجوات في الدخل الشخصي للمواطنين، تصحبه زيادة ملحوظة في معدلات الفقر بينهم.
ويقيناً فإن هاتين المشكلتين الأخيرتين، هما الأكثر إثارة لأرق اليابانيين وهمومهم. وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة quot;أساهي شيمبونquot; في وقت مبكر من العام الحالي، أن 81 في المئة من اليابانيين الذين شملهم الاستطلاع، يبدون قلقاً إزاء تعرضهم لمشكلات وأزمات مالية. أما في شهر يوليو المنصرم، فقد لاحظ تقرير صادر عن quot;منظمة التعاون الاقتصادي والتنميةquot; حول اليابان، أن فوارق الدخل بين المواطنين اليابانيين قد فاقت متوسط معدل المنظمة المذكورة، بينما سجلت معدلات الفقر النسبي بينهم، أعلى معدل سجلته المنظمة على الإطلاق في العام الماضي. وتلك ضربة كبيرة بالنسبة لبلد طالما تباهى بعدالة نظامه الاجتماعي، بينما يتباهى حوالى 90 في المئة من مواطنيه، بانتمائهم وتصنيفهم تقليدياً ضمن أبناء وبنات الطبقة الوسطى.
من جانبه علق quot;تاداشي ناكاميquot; رئيس quot;معهد ناكامي الدولي للبحوثquot;، بقوله: quot;إنه وفي الوقت الذي اتسم فيه مفهوم المساواة الاجتماعية هذا بالدقة والحقيقة، إلا أن الحقبة الماضية، شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في درجات اللامساواة بين المواطنينquot;. وفي اعتقاده أن العامل الرئيسي وراء هذا التحول، هو ازدياد الاتجاه نحو العمل غير المتفرغ وكذلك الميل لاستخدام العمالة المؤقتة. quot;فالشركات، وسعياً منها وراء خفض تكلفة الإنتاج، كثيراً ما فضلت استخدام العمال والموظفين غير المتفرغين، وكذلك العمالة المؤقتة، مع العلم بأن تكلفة هذا النوع من العمالة، عادة ما تكون حوالى ربع أو نصف ما يتقاضاه العاملون والموظفون المتفرغونquot;.
أما توشيكي تاشيبانكي، أستاذ الاقتصاد بجامعة كيوتو، فقد أشار في ورقة له نشرتها quot;الدورية الاقتصادية اليابانيةquot;، في وقت مبكر من العام الحالي، إلى أن فوارق الدخل واللامساواة بين المواطنين بدأت تشهد ارتفاعاً منذ ثمانينيات القرن الماضي. واستشهد في ورقته تلك بأرقام وإحصاءات من وزارة الرعاية الاجتماعية، أظهرت تلك الفوارق، إضافة لاستخدامه نتائج مسح اجتماعي شمل 8 آلاف ممن استطلعت آراؤهم، وقد رأى ثلثاهم على الأقل، أن الفوارق الاقتصادية وفجوات الدخل، تشهدان ارتفاعاً ملحوظاً منذ ذلك الوقت. إلى ذلك ذكر quot;ناووكو ساكاوquot;، وهو باحث اقتصادي اجتماعي في quot;الحزب الديمقراطي اليابانيquot; المعارض، أن هناك شعوراً متزايداً في أوساط المواطنين اليابانيين بالفوارق الاجتماعية واللامساواة بينهم من حيث الدخل. وضمن ذلك فقد أصبح في وسع قاطني quot;جبال روبونجيquot; كسب الملايين بضغطة زر واحدة، في حين يضطر العاملون في المصانع والشركات للعمل بدوام طوله 12 ساعة في اليوم، مقابل أجور زهيدة لا تتجاوز الحد الأدنى الذي لا يفي بحاجاتهم.
وبوجه عام، فقد ازداد تذمر اليابانيين وتململهم من اتساع الفوارق الاقتصادية والاجتماعية واللامساواة بينهم، في الوقت الذي اتسع فيه شعورهم بأن تزايد معدلات الفقر في أوساطهم، إنما نتج وتسارع متأثراً بسياسات الإصلاح الاقتصادي التي دشنها رئيس الوزراء السابق كويزومي. وهذا ما يضع حكومة quot;آبيquot; الجديدة ورئيسها في مأزق حقيقي. ذلك أن quot;آبيquot; مزمع على استكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادي التي بدأها سلفه كويزومي. وتشمل تلك الإصلاحات، فتح سوق العمل وتحويله إلى سوق تنافسي يسمح لأعداد أكبر من اليابانيين بممارسة العمل غير المتفرغ فيه، فضلاً عن تذليل استخدام العمالة المؤقتة. وفي الوقت الذي يرى فيه العديد من المحللين والمراقبين الاقتصاديين، أنه لا سبيل لليابان سوى مواصلة حملة الإصلاحات هذه، فإن قلق اليابانيين يزداد يوماً إثر الآخر، من أن تكون بلادهم قد اتجهت صوب نمط اقتصادي ينقسم فيه المواطنون إلى quot;رابحينquot; وquot;خاسرينquot;، وتسوده اللامساواة الاقتصادية.