4 يناير 2007

محمد عبد الجبار الشبوط


ليس من السهل ان نفهم كيف ان اخطاء اجرائية وسوء تصرف وادارة تكفي لتحويل سفاح او جزار الى raquo;شهيدlaquo;. وهل ان مفهوم الشهادة صار بهذا الرخص والابتذال لدى من يرى، ولست ادري بأي عين يرى، ان رجلا في ذمته رقبة اكثر من مليون انسان، يمكن ان يصبح raquo;شهيداlaquo;، بين ليلة وضحاها لمجرد ان بعض عديمي الشعور بالمسؤولية تصرفوا بطريقة غير مناسبة، ولأن الاشخاص الذين تولوا عملية ادارة تنفيذ حكم الاعدام شنقا لم يقوموا بواجبهم بطريقة تتناسب مع رفعة منزلة الدولة؟ هل يمكن ان تصل الثقافة التي تحكم على من تحكم بانه شهيد بهذه الدرجة من السطحية؟
بعض الدول الاوربية التي تحرم قوانينها عقوبة الاعدام، قالت انها ضد العقوبة من حيث المبدأ لكنها تحترم ارادة الشعب العراقي، وانتهى الامر. ولم raquo;يتطورlaquo; موقفها الرافض من حيث المبدأ لعقوبة الاعدام الى درجة اعتبار المعدوم raquo;شهيداlaquo;، ولم تأسف على اعدامه، لأنها فصلت بين المفهوم وبين الشخص.
وجسد هذا الموقف المتوازن سياسيا وثقافيا الامين العام الجديد للامم المتحدة كي مون الذي قال ان على المجتمع الدولي احترام قرار الشعب والحكومة العراقية بطي صفحة ماض مليء بالجرائم الشنيعة التي ارتكبها صدام حسين.
وقال كي مون raquo;صدام حسين كان مسؤولا عن ارتكاب جرائم شنيعة وفظائع لا يمكن وصفها بحق الشعب العراقي وعلينا الا ننسى ضحايا تلك الجرائمlaquo;. وقال raquo;الشعب والحكومة العراقية اتخذوا خطوات واضحة للتعاطي مع ذاك الماضي واتمنى على المجتمع الدولي ان يتفهم ذلك ويحاول تعزيز حكم القانون وطنيا ودولياlaquo;.
وامتنع الامين العام عن التنديد باعدام صدام بالرغم من موقف المنظمة الدولية التقليدي المعارض لعقوبة الاعدام.پوتجنب الرد بنعم او لا على صحافي سأله ان كان اعدام الرئيس العراقي السابق السبت عملا مقبولا.
وهذا موقف مفهوم.
ما هو غير مفهوم، ان بعض العرب والمسلمين من الذين دانوا اعدام صدام شخصيا دون ان يرفضوا عقوبة الاعدام من حيث المبدأ، اتكؤوا على جملة اخطاء ادارية واجرائية وتصرفات غير مسؤولة ليعززوا رفضهم لإعدام صدام، وانطلقوا منها الى اعتباره شهيدا.
من الممكن قبول الاعتراض على تفاصيل بعض ما حصل عند اعدام الطاغية. ففي الوقت الذي كان فيه موفق الربيعي، مستشار الامن القومي العراقي، يعلن ان العملية صورت بصورة رسمية لكن قرار بث الصور او الشريط السينمائي يعود الى الحكومة العراقية، كان التسجيل غير الرسمي، الذي تم من قبل شخصين على الاقل كانا حاضرين في غرفة الاعدام بواسطة جهازي هاتف نقال، احدهما مسؤول كبير، كما قال منقذ الفرعون، قد وجد طريقه الى وكالات الانباء والمحطات الفضائية، وربما مقابل مردود مالي. هذا الشريط عرض صورا ومجادلات حصلت قبل وبعد الاعدام ادت الى اثارة الضجة الحالية لأنها تضمنت دلالات سياسية وطائفية ما كان لها ان تكون حاضرة في غرفة الشنق. فقد تلاسن بعض الاشخاص مع المجرم قبل اعدامه، وهتفوا بشعارات خارجة عن الصدد، وهي امور ما كان ينبغي لها ان تحصل، خاصة ان الاعدام تم باشراف لجنة رفيعة المستوى برئاسة موفق الربيعي.
الحكومة العراقية تقوم الان بالتحقيق بالامر، وربما لن يصحح التحقيق الضرر الذي حصل خاصة لجهة سمعة الحكومة العراقية والتعاطف العربي والاسلامي معها، لكنه يبقى مطلوبا وضروريا. وينبغي ان تعلن نتائج التحقيق وان يحمل الاشخاص الذين كانوا وراء الهرج والمرج المسؤولية الكاملة عما حصل لأن فيما حصل اساءة الى العراق والى القضية العادلة التي شنق صدام بسببها. واذا ثبت ان المسؤولين الكبيرين اللذين كانا حاضرين في الغرفة، وهما موفق الربيعي وسامي العسكري، يتحملان مسؤولية ما حصل، او احدهما، فان على المسؤول ان يمتلك الشجاعة الكافية ليعلن استقالته من منصبه، بعد ان فشل في ادارة عملية الشنق بصورة سليمة، وفي منع التصرفات السيئة التي ألحقت الضرر بالحكومة العراقية وعدالة المحكمة.
وفي كل الحالات، فان السفاح سوف يبقى سفاحا، ولن تكفي هذه الأخطاء لتحويله الى شهيد.