تشارلي ريس - كينج فيتشر


يمكن التفكير بالحرب على أنها المركز العنيف لدائرة بداخلها حلقات من الناس تحيط بذلك المركز العنيف، والذي يوجد فيه الجنود الذين يخوضون المعارك الفعلية في تلك الحروب. وفي الحلقة الثانية، يوجد الأهل والأشخاص الآخرون الذين يخوض أحباؤهم المعارك. أما الحلقة الثالثة، وعلى بعد آمن من ساحات القتال، يوجد السياسيون الذين أصدروا أوامر بدء الحرب.
الحلقة الرابعة تتضمن الصحفيين الذين تعتبر الحرب بالنسبة إليهم مجرد قصة إخبارية أخرى. فهم يتقاضون أجورهم للكتابة أو الحديث عن شيء ما، والحرب تعتبر موضوعا شيقا للكتابة يستمر فترة طويلة.

الحلقة الخامسة تحوي الذين يطلقون على أنفسهم لقب خبراء ويحبون أن يستعرضوا أصواتهم على شاشات التلفزيون والمشاركة في النقاشات الجماعية. أما الحلقة السادسة فتشمل صناعة الأسلحة التي تفضل البقاء في الظل. فتجار الأسلحة يعتبرون الحرب موسما طويلا لبيع بضائعهم، وكلما زادت فترة الحرب، ارتفعت الأرباح التي يجنونها. وهناك أفضليات مميزة للبضائع التي تدمر نفسها عند استخدامها للمرة الأولى، مثل الرصاص والصواريخ والقنابل وقذائف المدفعية. ولكن حتى البضائع كبيرة الحجم مثل العربات لا تدوم طويلا.

وفي الحلقة السابعة والأخيرة، هناك معظم أبناء الشعب الذين ليست لهم علاقة مباشرة بالحرب. فهم ليسوا في الجيش، وليس لهم أحبة منتسبون للجيش، ولا يعملون في صناعة الأسلحة. بالنسبة لهؤلاء الناس، الحرب البعيدة تشبه برنامجا تلفزيونيا يتفرجون عليه وهم ينعمون بالراحة في غرف جلوسهم. وإذا أحسوا بالملل، فإنهم يبتعدون عن الحرب بمجرد الضغط على جهاز التحكم عن بعد. الحرب بالنسبة لهؤلاء لا وجود لها، وتستمر حياتهم اليومية على هذا الأساس.

تلك هي المشكلة بالنسبة للحروب الخارجية غير المعلنة بشكل رسمي. غالبية الأمريكيين يكونون معزولين عن المشاركة فيها. السياسيون يبدؤون الحرب، والسياسيون هم وحدهم القادرون على إيقافها. كلما قل عدد الأشخاص الذين لهم علاقة مباشرة بالحرب، خف الضغط على السياسيين لإنهائها. هذا الأمر يترك الحرية للسياسيين ليتخذوا مواقف على أي جانب يرغبون من القضية، دون أن يشعروا بأن عليهم أن يفعلوا شيئا بالفعل.

الرئيس بوش ليس له مصلحة في إنهاء الحرب في العراق. فهو كان قبل هجمات سبتمبر الإرهابية حائرا وتائها لا يعرف ما يتوجب عليه فعله. لكنه الآن يستمتع بكونه رئيس حرب، وأعطاه ذلك دورا ليلعبه. وهو بالتأكيد لن يتخلى عن ذلك الدور.

الكونجرس يستطيع إنهاء الحرب بالطبع، وذلك عن طريق قدرته على اتخاذ قرار إيقاف تمويلها. الدستور الأمريكي يضمن للكونجرس كامل الحق في أن يفعل ذلك لأنه يتحمل 100% من مسؤولية النفقات الفدرالية. ليس هناك شيء يستطيع الفرع التنفيذي في الإدارة الأمريكية أن يفعله ليغير هذه الحقيقة.
الجنود لا يستطيعون أن يعلنوا السلام. وشعب العراق لا يستطيع أن يفعل ذلك. السياسيون الأمريكيون وحدهم قادرون على إنهاء هذه الحرب، وهم لا يستطيعون إنهاءها بإرسال المزيد من الجنود الأمريكيين إلى ميادين القتال. تلك الخطة لم تنجح في فيتنام، وهي لن تنجح في العراق.

إذا كنا نريد أن نتفادى سقوط المزيد من القتلى، علينا أن نمطر ممثلينا في الكونجرس برسائل نحثهم فيها على إنهاء الحرب فورا. وفي المستقبل، علينا أن نصر أن يسبق أي حرب إعلان رسمي عنها يترافق مع تخصيص زيادة ضريبية بواقع 10% على ضريبة الدخل و10% على أسعار السلع والخدمات، يتم إلغاء كلتيهما بمجرد انتهاء الأعمال الحربية. مثل هذا الإجراء سيجبر جميع أبناء الشعب الأمريكي، بما في ذلك الذين تشملهم الحلقة السابعة، على الاهتمام أكثر بالحرب ويعطيهم حافزا أكبر لإنهائها. إن تحمل الجميع لتكاليف خوض الحرب سيجعلها أقل احتمالا لدى معظم الأمريكيين. طالما أننا نجبر جنودنا على أن ينزفوا دماء، علينا أن نتحمل النزيف المادي أيضا.