عابد خزندار

بعد سيعين عاما من اكتشاف النفط في الشرق الأوسط لا يشك أحد في أن كلّ المصائب والمذابح والحروب والمنازعات التي حلت بالشرق الأوسط كانت بسبب النفط، إذ كان هذا الشرق قبل النفط منسيا مهملا يرزح تحت الامبراطورية العثمانية دون أن يهتم به أحد، ولكن حين ظهرت بوادر بوجود النفط بادرت قوى الاستعمار في الغرب وبالذات بريطانيا بإرسال جواسيسها إلى الشرق الأوسط وحين أرسلت بريطانيا لورنس إلى الحجاز لم يكن الهدف احتلال سوريا وإنما احتلال العراق إذ أن المنطقة قسمت قبل الحرب العظمى بين بريطانيا وفرنسا وفقا لمعاهدة سايكس - بيكو بين الدولتين وكان العراق الغني بالنفط من نصيب بريطانيا، ولكيلا ينهض الشرق الأوسط من سباته الطويل زرعت في قلبه إسرائيل التي تبنتها أميركا لتكون أداتها في وأد الحركات التحررية والقومية وهو ما نجحت فيه حتي الآن، والآن نشهد بوادر إنشاء شرق أوسط جديد لا ليحل محل الشرق الأوسط الحالي ولكن في طريق الحرير في قلب آسيا أي في دول قازاخستان والتركمانستان وأوزبكستان واذربيجان، وقد بدأ مسلسل الأحداث بمقتل صابر مراد نيازوف الذي حكم البلاد بقبضة حديدية لكي يؤمن إمداد جازبروم الروسية بالغاز الطبيعي الذي أعاد عافية شريان الحياة إلى الاقتصاد الروسي، وأرهص بروسيا قوية يمكن أن تعود لمنافسة أميركا في السيطرة على العالم، وبعد مقتل نيازوف تولى رئاسة البلاد بموجب الدستور رئيس مجلس النواب أطايوف الذي وجد نفسه بعد ساعات خلف القضبان بتهم غير محدده وحل محلة نائب رئيس الوزراء محمدوف الذي لا يجيز له الدستور تولي حكم البلاد، ولكن هل يستطيع طبيب الأسنان هذا السيطرة على القبائل الخمس الرئيسية في البلاد أم ينشب صراع بينهم يوقف تدفق الغاز لروسيا وتتدخل دولة اذربيجان التي توجد فيها قاعدة أميركية وتفرض حاكما ترضى عنه أميركا عليها، ثم هل يسكت الروس على ذلك، ثم هناك النفط أيضا في اوزبكستان التي يحكمها حتى الآن اسلام كريموف بالحديد والنار، فهل سيصفى هو الآخر، ثم هناك أيضا قازاخستان التي يقدر الخبراء أن احتياطياتها من البترول الذي لم يستخرج بعد قد تفوق احتياطيات السعودية والتي تقع بجوار الصين الشرهة للبترول، والتي تحكم الآن برجل قوي موال لروسيا فهل سيكون المرشح القادم للموت الفجائي، وهل ستسكت روسيا والصين على ذلك، وقد لاتكون هناك حرب مباشرة بين روسيا وأميركا ولكن كما هو حادث في منطقتنا حرب بالوكالة Proxy war وقودها الأول العرب أنفسهم، ومهما يكن فنحن الآن نشهد ميلاد شرق أوسط جديد في طريق الحرير.