سمير عطا الله


هناك اثنان، بين أشهر مقدمي البرامج التلفزيونية الأميركية: أوبرا وينفري، السمراء، والرجل الأبيض جيري شبرنغر. الأولى، السيدة وينفري، تقدم في برنامجها النصائح للعائلات، تشارك الناس همومها، تحاول العثور على حلول لأصحاب المشاكل، تنشر بين مشاهديها (10 ملايين كل يوم)، ثقافة مدّ يد العون للآخرين، تؤيد القضايا الإنسانية، تدمع أحياناً مع ضيوفها ومع مشاعرهم.

الثاني، الأبيض جيري شبرنغر، يقدم البُلَهاء والداعرين والداعرات، ويعرض laquo;الخياناتraquo; في ما بينهم، ويروّج للتعري القبيح، وينشر laquo;ثقافةraquo; الانحطاط والانحلال والتدهور الخُلقي والتشوه الفكري والهبوط الاجتماعي.

يفوق دخل أوبرا وينفري دخل أي نجم آخر من نجوم التلفزيون الأميركي، وتصرف الكثير من هذا الدخل في عمل الخير. وآخر ما قامت به، إنشاء مدرسة للبنات في جنوب أفريقيا تكلفتها 22 مليون دولار.

والذي يريد أن يساعد أفريقيا يجب أن يرسل إليها العلم والتوعية وليس السلاح والحروب والملصقات الضخمة التي تحمل صورته وتدعو لعبادته. ومن أصدقاء أوبرا وينفري، التي ترسل لأهل بشرتها العلم، الرجل الذهبي العاجي نيلسون مانديلا. الأفريقي الذي حرر بلده وترك الحكم قبل اليوم الأخير من انتهاء الولاية. الأفريقي الذي أمضى ربع قرن في السجن، ثم خرج يعرض المصالحة وليس يطلب الثأر. وبدا بعض الرؤساء العرب مضحكين عندما لبسوا قمصاناً تشبه قميصه.

نيلسون مانديلا لا يُقلَّد بالقمصان المعرّقة. يُقلَّد بالارتقاء إلى أعلى ما يمكن أن تتحمله النفس البشرية في رفضها للانتقام والتحكم والتسلط وإلغاء كل الحقوق البشرية. لقد استعار ميشال عون اللون البرتقالي من الثورة المدنية الأوكرانية، دون أن يتكبد فتح laquo;ألبومraquo; الألوان واختيار لون آخر. لكن استعارة الألوان عمل مخالف للحقوق المحفوظة. كذلك استعارة القمصان. ويظل نيلسون مانديلا عملاق أفريقيا في قارة استعمرها الرجل الأبيض وعبث بها مزوروها والقابضون على ثرواتها وأموالها ورقاب شعوبها.

تخلو أميركا من الألقاب النبيلة، كما في بريطانيا. ولولا ذلك، كان يجب أن تُمنح أوبرا وينفري مرتبة ليدي أو بارونة أو كونتيسة، فماذا أنبل مما تقوم به من عمل. يجب على الدول أن تعيد تلك الألقاب التقديرية. وعندما نال بورهان ياموك، laquo;نوبلraquo;، قال: laquo;لقد أصبحت الآن باشا حقيقياًraquo;.

أوبرا وينفري سيدة جميلة سمراء. وجيري شبرنغر أبيض قبيح، يجب إرساله، هو، ومخرج برنامجه، ومنتجه، إلى الكلاب.. وكذلك ضيوفه، وأخشى أن الكلاب لن تقبل بمثل هذا المستوى!