الخميس 11 يناير 2007

صالح القلاب

قبل فترة قفزت الى واجهة تطورات القضية الفلسطينية وثيقة إسمها وثيقة يوسف نسبة الى الدكتور أحمد يوسف ، المستشار السياسي لرئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية ، الذي قام بإعدادها بالتعاون مع الباحث الإسرائيلي الشهير هير شفيلد والباحث البريطاني ألستر كروك ، الذي عمل ممثلا للإستخبارات البريطانية في الأراضي الفلسطينية حتى العام الماضي ، ومدير قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية السويسرية نيكولاس لانج وقد شارك في عملية الإعداد هذه الدكتور خليل الشقاقي مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية وهو شقيق المرحوم فتحي الشقاقي الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي الذي أغتيل في فاليتا في مالطا من قبل المخابرات الإسرائيلية قبل عدة أعوام .

وهذه الوثيقة ، التي حاولت حركة حماس التنصل منها لاحقا ، بدأ الإعداد لها منذ نحو أربعة شهور خلال لقاءات في لندن ضمت بالإضافة الى المشاركين المذكورة أسماؤهم آنفا عددا آخر وقد قام نيكولاس لانج خلال فترة الإعداد بزيارتين الى دمشق إلتقى خلالهما بالدكتور موسى أبو مرزوق كما وقام بأربع زيارات مماثلة الى قطاع غزة أجرى خلالها محادثات مطولة حول هذا الشأن مع المستشار السياسي لرئيس الوزراء الفلسطيني أحمد يوسف.

وبهذا فإن أكثر ما يثير الإستغراب في الإشتباك المهاتراتي المرافق للإشتباكات بالأسلحة في غزة أن مسؤولا من حركة حماس وصف الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) بأنه رئيس سلطة أوسلو الخيانية وهذا يستحق التوقف عنده بعيدا عن حملات الشتائم المتبادلة يوميا بين التنظيمين الرئيسيين اللذين يشكلان العمود الفقري ( الآن ) لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية.

أولا : إذا كان عيب محمود عباس ( أبو مازن ) أنه رئيس سلطة أوسلو ( الخيانية ) !! فلماذا يا ترى لا ينسحب هذا العيب على الحاج إسماعيل هنية الذي هو رئيس وزراء هذه السلطة والذي يرفض التنازل عن رئاسته هذه حتى وإن تحولت شوارع غزة الى برك للدماء ..؟ .

ثانيا : إذا كانت أوسلو سلطة خيانية فلماذا قبلت حركة حماس لآ بخوض الإنتخابات التشريعية الأخيرة ، التي فازت فيها ، على أساسها ولماذا هي تشتبك حاليا مع محمود عباس في مواجهة دستورية وقانونية وتستعين بدستور أوسلو وقوانينها وتعتبرها المرجعية الفلسطينية التي يجب الإحتكام إليها عندما تتصادم الآراء والمواقف.

لقد نصت هذه الوثيقة على هدنة خمسة أعوام تنسحب إسرائيل خلالها الى خط متفق عليه داخل الضفة الغربية وهذا هو الدولة ذات الحدود المؤقتة التي يجري الحديث عنها هذه الأيام والمرفوضة من قبل سلطة أوسلو ومن قبل الأردن ومصر وغير الموافقة عليها دول معنية أخرى مثل المملكة العربية السعودية .

إن كل من يعود الى هذه الوثيقة ، التي هي البرنامج السياسي لحركة حماس رغم نفيها ، سيجد أن إتفاقيات أوسلو لآ أفضل منها بألف مرة فهذه الوثيقة تعطي لإسرائيل ما أعطته لها هذه الإتفاقيات وأكثر ، حتى بالنسبة لحق العودة وحتى بالنسبة للقدس ، مقابل شيء واحد هو الإعتراف بحكومة إسماعيل هنية والتسليم لحركة المقاومة الإسلامية بالهيمنة على السلطة الأوسلوية بكل مؤسساتها .. وهذا يعني أن الصراع البغيض المحتدم حاليا هو على الحكم وحده وليس له أي علاقة لا بالمبادىء ولا بما يسمى بالثوابت الفلسطينية .. إنه صراع على سلطة أوسلو الخيانية !!