الجمعة 12 يناير 2007

أبو خلدون


كريس هيدجيز، مدير مكتب جريدة ldquo;نيويورك تايمزrdquo; الأمريكية السابق في الشرق الأوسط والبلقان، شارك في تغطية الحروب والاضطرابات والفتن الأهلية التي حدثت في هاتين المنطقتين في أكثر الفترات اضطرابا في تاريخهما، وسبق له المشاركة في تغطية الاضطرابات والحروب الأهلية في أمريكا الوسطى والجنوبية، وفي كتابه: ldquo;الحروب قوة تعطينا درساrdquo; الحائز على جائزة بوليتزر، يقدم كريس نفسه بالقول: ldquo;رافقت الجيوش النظامية في الغارات على معاقل رجال المقاومة في المناطق النائية في أمريكا الوسطى والجنوبية، وتعرضت لإطلاق نار كثيف في سهوب جنوب العراق ودخلت الحبس في السودان، وتعرضت للضرب من قبل الشرطة العسكرية في العديد من المدن، وطُرِدت من ليبيا وإيران، واحتجزني الحرس الجمهوري العراقي لمدة أسبوع أثناء تمرد الجنوب بعد حرب الخليج الثانية، وطاردتني طائرة ميج 21 روسية بقذائفها وصلياتها في البوسنة، وأثناء عمليات القصف الصربي المكثف لسيراييفو، كنت أتكوم على نفسي في مخبئي بينما القذائف المدفعية والصاروخية تنهال على المنطقة من جانب الصرب من كل صوبrdquo;.

وطوال العقود الأربعة الماضية كانت الحرب هي الخبز اليومي لهذا الصحافي، وكانت مفردات الفئات التي تشارك فيها، من الحرية والديمقراطية والتحرر والاستعمار والاستعمار الجديد والفاشية والإرهاب إلى غير ذلك، هي المفردات التي تتردد على لسانه، وعلى ضوء هذه الخلفية فإنه يقول في كتابه الذي صدر قبل أيام بعنوان ldquo;الفاشيون الأمريكيون: الحرب التي يشنها اليمين المتطرف ضد أمريكاrdquo; إن العمليات التي تنفذها القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان شبيهة بالعمليات التي كان ينفذها الأرهابيون، والتي أمضى كريس عمره في تغطية أخبارها، وrdquo;الفاشية الإسلاميةrdquo; التي يتحدث عنها الرئيس الأمريكي جورج بوش لا وجود لها إلا في ذهنه، أما الفاشية الحقيقية فهي تلك التي يمارسها في العراق وأفغانستان، وحملات التحريض والتشنج التي يشنها اليمين المتطرف المتحالف مع الصهيونية العالمية داخل الولايات المتحدة شبيهة في أسلوبها وتطرفها بالحملات الإعلامية التي كان يشنها الفاشيون الإرهابيون في أمريكا الجنوبية والوسطى والبلقان والشرق الأوسط، ويضيف: إن اليمين الأمريكي المتطرف المتحالف مع الصهاينة سيجر أمريكا إلى سلسلة من الحروب الخارجية لها أول وليس لها آخر، وربما إلى حرب أهلية أمريكية في الداخلrdquo;.

وكريس لا يستبعد نشوب حرب أهلية في الولايات المتحدة تعيد إلى الأذهان حرب الشمال والجنوب، بل إنه يرى أن هذه الحرب ستكون لها حسنات، من بينها: إعادة أمريكا إلى صوابها، وقبل مدة ألقى محاضرة حرّض فيها الأمريكيين على الثورة، فقد بدأ محاضرته بالقول: ldquo;جئت لأحرضكم، الجأوا إلى الخنادق واحملوا أسلحتكم وعبّئوا مخازن الذخيرة فيها وكونوا على أهبة الاستعدادrdquo;.

ويقول كريس في كتابه إن اليمين المتطرف المتحالف مع الصهيونية العالمية يسعى لفرض نظام توتاليتاري فاشي في الولايات المتحدة، يتحول فيه الأمريكيون إلى قطيع من النعاج، ويضيف: ldquo;إنهم يعرفون تماما ما يفعلون ويخططون لكل خطوة بشكل دقيق، واحتكارهم لأجهزة الإعلام والمؤسسات المالية احتكار متطور جدا، وهم يدركون أهمية ما يحتكرون، ويتفهمون اليأس والانكسار الذي يعاني منه الشعب ويعرفون كيف يبتزون الجماهير لكي تتحول إلى وسيلة لتحقيق غاياتهمrdquo;. ويقول كريس إن اليمين المتطرف سيحاول دفع الولايات المتحدة إلى عدم الاستقرار، سياسيا واجتماعيا، وعندما يتحقق ذلك تسنح له الفرصة التي ينتظرها منذ أمد، ولكن وصوله إلى السلطة مرتبط بأزمة داخلية كبيرة، كأزمة الكساد الكبير التي حدثت في القرن الماضي، وإذا حدثت هذه الأزمة، فإنهم سيقفزون إلى الحكمrdquo;.

والنظام الأمريكي ليس من المناعة بحيث يحول دون ذلك.