13 يناير 2007

خلدون


ستة عقود ونيف مرت على انتحار هتلر الذي قادت سياسته التوسعية إلى الحرب العالمية الثانية التي دمرت أوروبا وجلبت للشعب الألماني الكثير من المآسي التي لا يزال يعاني منها حتى الآن، وإذا كان الألمان ينظرون بغضب إلى الحقبة النازية، فإنهم ينظرون بغضب أيضا إلى فيلم سيعرض في برلين بعد أيام بعنوان ldquo;أصدق الصدق الصادق عن أدولف هتلرrdquo; من إخراج اليهودي داني ليفي لأنه يتناول سيرة الزعيم النازي بطريقة ساخرة ويقدمه بصورة زعيم مدمن يعاني من التبول اللاإرادي والعديد من مركبات النقص. ويقول الألمان إن هذا الأسلوب ليس هو الأمثل للحديث عن مرحلة من تاريخهم. يضاف إلى ذلك انهم يرون أنه من الأفضل القول إنهم ساروا وراء هتلر وهم يعرفون أنه طاغية سيقودهم إلى مصير مجهول، عن القول إنهم ساروا وراءه وهم يعرفون انه مهرج لا يستحق إلا السخرية، إذ لا شعب يحترم نفسه يسير وراء مهرج.

وقبل أيام صدر في برلين كتاب من تأليف المخرج وكاتب السيناريو اليهودي، أيضا، رودولف هيرتزوغ عن النكتة خلال الحقبة النازية بعنوان ldquo;هايل هتلرrdquo;، ويقول هيرتزوغ في كتابه الذي جمع فيه كل ما وصل إليه من النكات التي أطلقها الألمان عن فترة حكم هتلر واعتمد في ذلك على روايات العديد من كبار السن الذين عاشوا الحقبة النازية إن الألمان كانوا يعرفون منذ وصول النازيين إلى الحكم أن هتلر طاغية، ولكنهم لم يكونوا يخافونه، ولو كانوا كذلك لما أطلقوا النكات عليه.

وفي بداية حكمه في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي كان هتلر يطرب للنكتة ويحب سماعها، ويسأل مساعديه عن الجديد منها، ومن النكات التي انتشرت في تلك الفترة: ldquo;ان هتلر زار مستشفى للأمراض العقلية ليتفقد حالة المرضى، وكلما مر على جماعة منهم أدوا له التحية النازية، ولاحظ بينهم رجلاً لم يفعل ذلك فاقترب منه وسأله بغضب: لماذا لا تؤدي التحية مثل بقية زملائك؟ فقال الرجل: سيدي الفوهرر، أنا الممرض، ولست مجنونا مثلهمrdquo;. ونكتة أخرى تتحدث عن استئثار النازيين بالوظائف المهمة في القطاعين العام والخاص: ldquo;زار هتلر أحد المصانع، وأثناء الجولة سأل مدير المصنع: هل لديكم موظفون من الحزب الديمقراطي الاشتراكي؟ فقال المدير: 80% من موظفينا ينتمون إلى هذا الحزب سيدي؟ فقال هتلر، وهل لديكم موظفون من حزب الوسط؟ فقال المدير: 20% يا سيدي، فقال هتلر: وكم عدد الموظفين من الحزب النازي؟ فقال المدير: كلنا من الحزب النازي سيديrdquo;. ونكتة أخرى: ldquo;قالت فتاة لصديقتها: والدي التحق بالصاعقة، وأخي الأكبر بالقوات الخاصة، والأصغر بتنظيم الشباب النازي وأمي بالجمعية النسائية النازية، وأنا التحقت بتنظيم الفتيات النازي. فقالت صديقتها: وهل يتوفر لكم من الوقت للقاءات عائلية؟ فقالت الفتاة: نعم، نلتقي في مؤتمر الحزب السنوي في نوريمبرجrdquo;.

ومعسكرات الاعتقال النازية كان لها نصيبها من النكات، ومن ذلك: التقى صديقان، فقال الأول: سعيد برؤيتك.. كيف كانت تجربتك في معسكر الاعتقال؟ فقال الثاني: رائعة، في الصباح كانوا يقدمون لنا إفطارا شهيا، وعند الغداء شوربا ولحماً وحلويات، وعند العصر نمارس هواياتنا الرياضية والفنية والموسيقية، وفي المساء يقدمون لنا عشاء شهيا ونحضر فيلما سينمائيا ثم نذهب للنوم. فاستغرب صديقه، وقال له: غريب لقد روى لي صديقنا ماير قصة مختلفة تماما، فرد الأول: ولهذا أعادوه إلى المعتقل.

وفي الفترة الأخيرة من حكمه منع هتلر النكات السياسية وأمر بمتابعة مطلقيها ومروجيها، وفي عام 1944 أعدمت فتاة تدعى ماريان إليس بسبب نكتة تقول إن هتلر كان يقف مع مساعده جورينج على سطح مبنى المستشارية في برلين، فقال هتلر: أتمنى أن أفعل شيئاً كبيراً لشعبي يسعد الجميع ويخلده التاريخ، فقال جورينج: تستطيع أن تفعل ذلك سيدي، فقال هتلر: كيف؟ فأجاب جورينج: بأن تلقي بنفسك من على سطح المستشارية إلى الشارع. ويقال إن أحد زملاء ماريان سمعها وهي تروي النكتة فوشى بها إلى السلطات.