أحمد الربعي


في أمريكا يكذبون لأسباب تكتيكية، فيرددون أن الخيار العسكري تجاه إيران مستبعد، وفي طهران يجهلون فيرددون أن الخيار العسكري ضد إيران مستحيل، وأن أميركا laquo;عاجزةraquo; عن أن تفعل ذلك !

نقول ونرجو أن يكون تحليلنا خاطئا، إن الخيار العسكري الأميركي تجاه إيران، وإمكانية توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية قد أصبح في مراحله النهائية، وإذا لم تحدث معجزة سياسية تكسر جليد الحوار المتوقف بين إيران والمجتمع الدولي، فيجب ألا تفاجأ إيران ولا الدول المحيطة بسيناريو العمل العسكري الأميركي.

هناك مجموعة أوهام منتشرة في العقل العربي والإسلامي بشكل عام، وهي أوهام تم تجريبها من قبل في مناسبات عديدة وأثبتت فشلها، وثبت أن العرب يخلطون بين أمنياتهم وبين الواقع. بين ما يريده الآخر وما يخطط له ، وبين ما يعتقدون هم أن الآخر يفكر فيه.

هناك وهم أن إيران دولة عسكرية ضخمة وقوة ضاربة حاسمة، وهذه حقيقة لو كانت إيران تواجه بعض جيرانها، لكن الحقيقة هي أن أي مواجهة بين أميركا وإيران ستكون فيها إيران دولة صغيرة مغلوب على أمرها وسيحدث لها ما حدث للعرب في 1967، وللعراق حين عاند صدام ورفض كل الحلول السلمية، وستتمكن أميركا من فرض شروطها، وهذا كلام لا علاقة له بالمحبة والكراهية، فإيران اقرب لنا جغرافيا وتاريخيا من أميركا، وما يربطنا معها من علاقات ثقافية وتاريخية يفوق ما يربطنا بأميركا، لكنها الحقائق والواقع والمعطيات التي تثبت أن موازين القوى مختلة بشكل فاضح لصالح الولايات المتحدة والتحالف الغربي وتحديدا الأوروبي!

هناك وهم أن أميركا laquo;تتمرغ في وحل العراقraquo; ونتمنى ألا يصدق العرب هذه المقولة فالعراق ليس فيتنام. وأميركا تستطيع أن تدير أكثر من حرب اعتمادا على إمكانيات سياسية وتكنولوجية هائلة.

طهران تحتاج إلى إعادة النظر في خطابها السياسي، فالعنتريات لم تنجح مرة واحدة في التاريخ الحديث، ولم يحدث أن نجح احد إلا بعد أن استخدم عقله، وعرف إمكانياته الحقيقية وتصرف على أساسها على قاعدة laquo;رحم الله امرءا عرف قدر نفسهraquo;!

في إسرائيل لديهم ترسانة نووية ومع ذلك لا يتجرأ مسؤول إسرائيلي بالحديث عن امتلاك إسرائيل للسلاح النووي بل ينفون وجود مثل هذه الأسلحة، وفي طهران ما زالوا في المراحل الأولى من عمليات التخصيب ومع ذلك نسمع لغة التهديد والوعيد والعناد.

ليت القيادة الإيرانية تفكر في مصالح شعبها، وتحاول فهم المعادلات السياسية الدولية المعقدة. وتدرك أن الكلام الكبير لا يغير من المعطيات السياسية. وأن البحث عن بدائل وحلول عملية مع المجتمع الدولي هو أجدى وانفع من اللغة المحنطة التي تعتقد أن ارتفاع الصوت يعني قوة الحجة!