19 يناير 2007

ألوف بن ـ هآرتس

لا يعتزم إيهود أولمرت الاستقالة من رئاسة الحكومة. فهو يريد أن يقاتل من أجل ضمان بقائه السياسي ولتنقية اسمه من quot;التحقيقات والقضاياquot;. فعزمه قوي، كما أن برودة أعصابه في الأزمات تثير الاحترام، ويمكنه أن يتباهى بالاقتصاد النامي، بتلاشي الارهاب الفلسطيني وبصداقته مع قادة العالم. لكن مع ذلك، يبدو أن صراع أولمرت من دون أمل، وذلك في أعقاب الضربة المزدوجة التي تلقاها أمس الأول، مع بدء التحقيق ضده في قضية البنك القومي واستقالة رئيس الأركان دان حالوتس.
حتى وإن صمد رئيس الحكومة في منصبه لعدة أشهر إضافية، أو لسنة، فإنه سيكون منهمكاً بإنقاذ كرسيه وسيجد صعوبة في إدارة شؤون الدولة. فمنذ الآن دخلت إسرائيل في مرحلة فراغ، مع قشرة رقيقة من الزعامة وقليل من المضمون. ويتعين التعلل بالأمل في أن يستغل رئيس الأركان الجديد هذه الفترة لترميم الجيش، وأن لا تُشن حرب جديدة في المناطق الفلسطينية أو في الشمال بحيث تقوض النزر القليل من الاستقرار الداخلي.
إن رحيل رئيس الأركان سيترك اولمرت وحيدا في القيادة التي قادت الحرب الفاشلة في لبنان. ذلك أن عمير بيرتس في طريقه خارج وزارة الدفاع، وقادة الجيش استقالوا، وبقي أولمرت آخر الواقفين على التلة. وحده هو القابل للإقالة. لديه ادعاءات ليست سيئة مقابل لجنة فينوغراد: أسلافه أهملوا الجبهة، الجيش ضلله، قراراته حظيت بتأييد مهني وشعبي. لكنه سيجد صعوبة في اقناع الجمهور ووسائل الإعلام، العطشى لرؤية رؤوس تتطاير في القيادة، حتى لو تجاوزته اللجنة. فمزاعم أولمرت بشأن انجازات الحرب نُسيت منذ زمن؛ وحتى أن حالوتس اعترف أنها أضرت بقدرة الردع الإسرائيلية.
المصاعب تُطبق على أولمرت. الجمهور سئم منه، وفي الاستطلاع الأخير انخفض التأييد له إلى 14 في المائة، وهذه النسبة سُجلت قبل التحقيق في قضية البنك القومي، قبل استقالة رئيس الأركان وخلاصات لجنة فينوغراد. إن ادعاء أولمرت بأن الواقع جيد، وأن الاستطلاعات وحدها غير جيدة، يبدو كمزحة سيئة. وحتى لو كان محقا، فمن الواضح أنه فشل في توضيح مواقفه. فمقربوه السياسيون من مثل، حاييم رامون وابراهام هيرشزون، يعانون من جهاز فرض القانون. مديرة مكتبه متورطة في تحقيق مصلحة الضرائب، حزب السلطة، كاديما، يبدو في الاستطلاعات مثل حزب المركز الثاني، وهذا الحزب، من دون أجندة منذ دفن خطة الانطواء، من دون زعيم كاريزماتي وشعبي، وفي ظل نزاعات بين قادته، يفقد أسباب وجوده، والوسط السياسي يعود تدريجيا إلى البنية الحزبية الثنائية.
استراتيجة أولمرت تقوم على أساس خفض الرأس إلى حين مرور المحن، وبعدها البحث عن خطوة تعيد له هيمنته. خطوة على غرار quot;السور الواقيquot; وفك الارتباط أيام شارون. لكن ما الذي يمكنه فعله؟ فالقنوات السياسية مغلقة. وأولمرت يرفض التحدث مع السوريين، ومحادثاته العقيمة مع ابو مازن لن تقوده إلى اي مكان. وحتى لو أراد أولمرت القيام ببادرات حسنة دراماتيكية، الإفراج عن آلاف المعتقلين الفلسطينيين وإخلاء عشرات المواقع الاستيطانية، فلن يستطيع ذلك. فحرية المناورة لديه مقيدة بين ليبرمان الذي يعزز ائتلافه، وبين قادة حماس الذين يحتفظون بجلعاد شليط.
فلو أرد أولمرت التوجه إلى المسار الأمني، واستغلال الخوف الشعبي من الحرب من أجل القيام بجولة تسلح وتحصن، فقد تأخر الوقت. فمن أجل القيام بذلك كان يتعين عليه إقالة عمير بيرتس وحالوتس فورا بعد انتهاء الحرب واستيراد سلاح جديد من أميركا. كما أن القيام بعمليات أمنية استعراضية وكبيرة، مثل تصفية ناجحة لنصرالله، أو قصف المنشآت النووية في إيران، يمكنها أن تعيد زعامته، لكن هذه الخطوات تبدو خطيرة جدا. كما أن بوش لن يسمح لإسرائيل بمهاجمة الإيرانيين قبل أن يبذل المزيد من الجهود الديبلوماسية لوقفهم.
لكن أولمرت لن يذهب. فهو سيواصل النضال حول عدالته. لكن ماذا بالنسبة للدولة؟ ستضطر إلى الانتظار في هذه الأثناء.