يوسف بزي


quot;إن الجماهير لا تعقل، فهي ترفض الأفكار أو تقبلها، كلاً واحداً، من دون أن تتحمل نقاشها. فما يقوله لها الزعماء يغزو عقلها سريعاً فتنزع الى تحويله حركة وعملاً، وما يوحي به للجماهير ترفعه هذه الى مصاف المثال ثم تندفع به، في صورة إرادية، الى التضحية بالنفس. انها لا تعرف غير العنف الحاد شعوراً. فتعاطفها لا يلبث ان يصير عبادة، ولا تكاد تنفر من أمر ما حتى تسارع الى كرهه. وفي الحالة الجماهيرية تنخفض الطاقة على التفكير، ويذوب المغاير في المتجانس، بينما تطغى الخصائص والسلوكات التي تصدر عن اللاوعي.

وحتى لو كانت الجماهير علمانية تبقى لديها ردود فعل دينية تفضي بها الى عبادة الزعيم والى الخوف من بأسه، والى الإذعان الأعمى لمشيئته، فيصبح كلامه دوغما لا تناقش، وتنشأ الرغبة في تعميم هذه الدوغما، اما الذين لا يشاطرون الجماهير إعجابها بكلام الزعيم فيصبحون هم الاعداءquot;. هكذا يعرّف غوستاف لوبون، مؤسس علم نفس الجماهير، الجموع المؤتلفة في كتلة واحدة، متحركة بمحرضات سياسية او دينية (كتاب quot;سيكولوجيا الجماهيرquot; دار الساقي 1991).
أما حازم صاغية فيحاول استكشاف quot;اصل الفهم العربي للسياسة وعلاقة النخبة بالجماهيرquot; (كتاب quot;اول العروبةquot; دار الجديد 1993)، فيستعين بمذكرات يوسف الحكيم عن التجربة الفيصلية والثورة العربية، ناقلاً من المذكرات ما قاله الأمير فيصل بن حسين بعد خروجه من دمشق وهزيمة ميسلون: quot;لا ألوم الدهماء من الشعب على تهورها، فمن طبيعتها ان تخضع لقادتها ما دامت متأخرة عن ركب الحضارة والثقافة والسياسة، وانما عتبي على اولئك القادة ورؤساء الجمعيات الوطنية والاحزاب السياسية إذ تهوروا في خططهم وبعدوا عن محجة الصواب (...) والمؤسف كل الأسف هو انهم اصروا على تفكيرهم الضيق حتى بعد علمهم بضعفنا جيشاً وسلاحاً وشعباً ومالاً وعدم إمكان وقوفنا أمام عدو لا ينضب معين سلاحه وعتاده وذخائره، فجازفوا بمصير أمتهم واستقلال بلادهم.

وفي المعنى نفسه، في اثناء حرب تموز ndash; آب المعلقة حتى الآن من غير اتفاق على quot;وقف النارquot;، بادرني احد اقربائي الهاربين من جحيم بنت جبيل قائلاً: quot;اسرائيل غلطانة، تقيس الأمور على قياسها. عندها رأي عام اذا انزعج يفرض تغييراً في السياسة. يظنون ان ذلك سيحدث في جنوب لبنان ضد حزب الله. هذا غلط، ما فيش رأي عام بالجنوب، لأن ما فيش فرد. الواحد منا ليس له الا جماعته. يعني انا ابن بنت جبيل لا استطيع ولا اتخيل الخروج من ملتي. تريدني مثلا ان ابوح بانتقاداتي لحزب الله، الى اين اذهب؟ اقعد مع جعجع في الارز، او اسكن في المختارة مع جنبلاط؟ الواحد منا ببنت جبيل كل حياته الاجتماعية واقفة على المناسبات: افراح وتعزية واسبوع واربعين اغلبها في الحسينية، والعمل هو مع الناس في السوق. إذا صار الواحد منا مخالفاً هل تعرف ماذا تصبح حياته وأعماله؟ أحسن له ان يموت. انت خلقت وعشت في بيروت، يعني غريب عن بنت جبيل، ولا تسكن في الضاحية. هكذا انت غريب عن حزب الله وعن الملّة، تقدر ان تكون مختلفاًquot;.

قريبي هذا، الحاج المؤمن، والذي يقلّد مرجعية السيد محمد حسين فضل الله، والذي كان متحمساً لحزب الله ومؤيداً له، لتحريره الشريط الحدودي وتخليصه من ذل الاحتلال وتسلط العملاء، كان يقول اثناء الحرب الأخيرة ان ما فعله حزب الله بالجنوب ولبنان في عملية quot;الوعد الصادقquot; سيجعله شبيهاً بما كانت عليه التنظيمات الفلسطينية في الجنوب قبل العام 1982: quot;كل شيء في حسبانهم إلا سلامة العباد والبلاد... مع فارق واحد هذه المرة، انه من اهل الجنوب وابنائهquot;. ويكمل quot;اولئك المسلحون الفلسطينيون عملنا على طردهم ما بين 1980 ndash; 1981، أما حزب الله فلا يمكن ان ننبذه... آخ، لو في رأي عام جنوبي يحمي حزب الله من الغلط، ساعتها جماعتنا لا تقع في الكوارثquot;.

كلام هذا الجنوبي لن تقبله الجماعة المعتصمة بـquot;حزب اللهquot;، فهذه الجماهير الغفيرة تظاهراً وتخييماً ونزولاً الى الشارع، هي على وصف العالم لوبون والأمير فيصل وابن بنت جبيل، أي هي إما quot;لا تعقلquot; او quot;متهورةquot; أو quot;ليست رأياً عاماًquot;. فالكثرة الغالبة من الضاحية الجنوبية والبقاع الشمالي ومناطق الجنوب، كان يكفي لـquot;الزعيمquot; ان يقول لها ان ما حل بها من نكبة وموات وتشريد ليس جراء مغامرة غير محسوبة، وليس جراء استخفاف بالحدود الدولية، وخطأ بالحسابات، وتهور كوارثي بقرار الحرب والسلم، بل حتى ليس العدوان الإسرائيلي، انما هو في الحكومة اللبنانية التي لم تجارِ ارادة الحزب. كان يكفي quot;الزعيمquot; ان يعلن ان حكومة فؤاد السنيورة هي عينها حكومة أولمرت و(السفير) فيلتمان، حتى تندفع الجماهير ثأراً لما نزل بها من مصائب وويلات.

quot;جماهيرquot; حزب الله هذه تريد إسقاط الحكومة لأن هناك من أوحى لها ان ذلك كفيل بالقضاء على فساد حياتهم، أو انه حل لمشكلة الدَين العام اللبناني. وأن اسقاط الحكومة هو السحر المطلوب لتنتفي البطالة. وطالما أن الأمر فيه quot;نصرةquot; لـquot;حزب اللهquot;، فلا بد أنه الصواب عينه. وربما كان في مخيلة هذه الجماهير أنها سائرة على درب محو الفقر والعوز ما إن يتم quot;الاستيلاءquot; على العاصمة وعلى السلطة، على نحو ما فعله سائق التاكسي مادّاً رأسه من نافذة سيارته منادياً، بلكنته القروية، صديقه على الرصيف بصوت عال في وضح النهار في شارع بلس البورجوازي: quot;أخذنا بيروت... أخذنا بيروتquot; بحمية ونشوة تذكرنا بأوقات الحروب اللبنانية حين يخرج أحدهم فرحاً بعد معركة: quot;اخذنا الفنادقquot; او quot;اخذنا المرفأquot;. وفعل quot;الأخذquot; هذا غالباً ما يكون بعد تدبير مجزرة وخراب عميم ونهب عظيم.

في سنوات تلك الحروب سيطر رجال الميليشيات على بيروت quot;الغربيةquot;، فعاثوا فيها فساداً وتسلطاً ونهباً وقتلاً عشوائياً واشتباكات زواريب يومية على نمط العصابات والمافيا، وحلت الفوضى وتفشى الخوف واستبدت اخلاقيات اللصوص والقتلة على نحو لا يضاهيه سوى حال الصومال منذ أواخر التسعينات أو ما هي عليه حال غزة اليوم ونواحي العراق. وفي الأثناء تعاظمت أعداد quot;المهجرينquot; الآتين من أحياء الفقر والقرى والأرياف، فـquot;اخذواquot; المدينة أخذاً على المعنى الذي قاله سائق التاكسي إياه، واحتلوا البنايات والشقق وصادروا الأملاك الخاصة والعامة واستباحوا كل ما في متناولهم، وهم غالباً ما كانوا أقارب رجال الميليشيات أو أنصارهم بل ومنبتهم الأهم، وغالباً ما كان هؤلاء هم quot;اهل الشهيدquot; او quot;عائلة البطلquot; او quot;أسرة القائدquot;. وكان ذلك يكفي ليخولهم حقوقاً تفوق حقوق كل المواطنين، فهم بحسب لغة دارجة الآن quot;اشرف الناسquot;، أي هم quot;الوطنيونquot; الذين يسعون انتقاماً لتهجيرهم او لدماء بذلوها، أو لفقر قديم، أو لتخلف عن المدنية والتعليم، الاستيلاء على ما يشتهونه أكان ذلك يخص الغير أو يخص الدولة، فهم quot;المحرومونquot; إياهم كما جسّدهم أحمد منصور (quot;بطلquot; مجزرة الاونيسكو)، أو كما مثلهم المستفيدون من إخلاء وادي أبو جميل، الذي صار يطلق عليه عندهم اسم quot;وادي الذهبquot;.

خروج الجماهير ضد الحكومة والنزول الى وسط بيروت انصياعاً لأمر من الزعيم وبـquot;تكليف شرعيquot; من الحزب، ليس دافعه شعار quot;من أجل تأليف حكومة وفاق وطنيquot;، فهي لا تبذل جهداً لإدراك مشكلة سياسية، ولا تهمها التفاصيل، فالجماهير لا تعرف إلا العواطف البسيطة والمتطرفة، وهي لا تشك لحظة واحدة في ما تعتقده الحقيقة أو الخطأ. وهي التي خرجت مراراً منذ سنوات قليلة ضد مشاريع انمائية وعمرانية عند مدخل بيروت الجنوبي، لأن الحزب الذي يحرص على دوام العزلة وتحصين المعقل لا يسعه تقبل خطط تدمج أهل هذا المعقل في المدينة وتخرجهم من quot;ضاحويتهمquot; كي لا يخسر حظوته وسيادته، فحرضهم وألّبهم على الدولة وموظفيها، واذ نجحت الجماهير في مسعاها، وإن ضد مصلحتها، عادت الى قنوطها وشعورها بالإهمال مغذية في نفسها مشاعر النبذ والضغينة.

وهذا يطابق ما فعلته تلك الجماهير إبان الحروب 1975-1990. فهي إذ خرجت على الدولة وانقضت على مؤسساتها ومقوماتها، quot;أخذتquot; بيروت واستباحتها. وفي هذه المدينة المتداعية، المنهكة تحت وطأة اقتحام أهل الاطراف والارياف، وانقلاب السيادة لفتيان الاحياء والزواريب وقبضايات النواحي وشلل المسلحين، كانت الفوضى العارمة التي تستبيح كل المحرمات وتنتهك كل القوانين من غير رقيب أو حسيب، تجعل من الحياة اليومية كابوساً متصلاً بلا انقطاع. فكانت الجماهير عينها تئن وتشكو من quot;غياب الدولةquot;، تماماً كما تفعل جماهير المعقل التي ترفض سيادة الدولة وتبايع لسيطرة حزبها، ولا تتوقف عن الشكوى من quot;غياب الدولةquot;.

كنت والصديق محمد أبي سمرا هناك، قبل تظاهرات الاحد الحاشدة، نجول بين مخيمات معتصمي quot;حزب اللهquot;. وأول ما يلاحظه المرء تلك المقدرة الهائلة على تغيير المعالم. تماماً كما هي مقدرة نوع من المهجرين الذين كانوا ما إن يحتلوا بناية فخمة وحديثة حتى تتحول في زمن قياسي الى ما يشبه الخرائب وتحل فيها الرثاثة. انها مقدرة غامضة هذه التي تجعل الحدائق بوراً وتحيل مواقف السيارات الى أرض خربة، وتصبح الساحات مليئة بالقاذورات ومرتعاً لزمر المتبطلين، وتصير الارصفة اشبه بمقاهي صغار الكسبة.
الجماهير هناك أتت بحصرها ومناقل الفحم والنراجيل والادوات المطبخية القليلة لتحضير القهوة أو لحفظ المأكولات والمشارب، من غير اكتراث بالاملاك العامة، ومن غير انتباه الى ان ما يجاورهم بات أرضاً موحلة، وان برك الماء المعطوبة باتت مياهاً آسنة، ومن غير امتناع عن تشويه الجدران والواجهات بالشعارات والخربشات ومن دون مراعاة للنظافة رغم جهود شركة التنظيف quot;سوكلينquot; (التي غالباً ما يسخرون منها في لغتهم السياسية).

انها طاقة الاستباحة نفسها وسلوكاتها التي نتذكرها إبان quot;اقتحامquot; بيروت والاستحواذ عليها في زمن الحرب، فبعد ان تم تخريب كل العلامات المدينية وانماط الاجتماع المديني بات مثلاً بإمكان شاب أرعن مزود بمسدس ان يستولي على موجودات منزل أو يفرض خوة على متجر. فلا شيء مما يقيم المدنية أو يدل على النظام العام سلم من ثأر تلك الجماهير. في تلك الفترة كان quot;جمهورquot; الميليشيات والعصبيات الاهلية هو الذي يستحوذ على صورة الشارع والمشهد العمومي، وهو الذي كان يرسم معالم الحياة اليومية للمدينة، فحيثما حل واستوطن انتشرت الرثاثة واصاب التحلل كل المرافق والانشاءات وانقلب كل شيء الى اشلاء.

وquot;تمتعاًquot; بإقامتهم في العاصمة التي يعجبون بها ويمقتونها في آن واحد، كان الكورنيش البحري الممتد من الرملة البيضاء الى عين المريسة، مرتعاً لهذا الجمهور، فما كان منه الا ان حوله الى اسواق من الواح تنك على صورة خرائب سوق صبرا اليوم، والى ارض للنفايات والجدب والرثاثة ومرتعاً للمشاكسات وللاستعراضات الذكورية الميليشيوية وللفلتان ومفرشاً للمشردين والعصابات والباعة الجوالين من غير رادع ولا حدّ، فصار الكورنيش معلماً للضحالة والخواء وتفاهة quot;البروليتاريا الرثةquot;.

على مثال الكورنيش هذا، أتت جماهير quot;حزب اللهquot; الى منطقة الوسط التجاري مدهوشة بجمال تلك المنطقة وأناقتها وكارهة هذا الجمال وحاقدة عليه، فاقتحمه باعة الخضار بعرباتهم والشحاذون وباعة الترمس والكعك والقهوة ومن كل اصناف اصحاب البسطات الوضيعة، وافترشت الأسر كل زاوية، وغلب على الحضور الفتيان والاولاد والمراهقون. ونستطيع ان نجازف بالقول ان أكثر من 60 في المئة من جمهور المعتصمين هم من المراهقين، الذين نجدهم في الاحياء الشعبية والذين يعون من السياسة تماماً ما أتقنه أنا من اللغة الصينية.

لم تتورع احدى الصحافيات عن تمجيد حضور هذا الجمهور، وامتدحت بحماسة هذا التحول في المعالم الذي أحدثه في الامكنة، معتبرة ان وسط العاصمة الآن صار حقاً quot;وسط العاصمةquot; وفق ما تراه مخيلتها ونوازعها الشعبوية، فهي اذ لاحظت التشويه والتخريب اعتبرت ذلك من علامات ادخال المكان في كنف الاهل. فنزع الاناقة والطابع السياحي، حسبته مكسباً للشعب. وثقافة تلك الصحافية وغيرها من مدّاحي quot;غزوةquot; اهل quot;حزب اللهquot; للعاصمة، ترجع الى النزعة نفسها التي حرضت ستالين وصحبه على المثقفين وميسوري الحال واصحاب الاملاك والتجار ومن هم من اهل المراتب والنخب. فساقهم الى السخرة والاذلال والموت. وهي النزعة اياها التي دفعت حكام فيتنام وجماهيرهم الى سوق اهل الخبرة والعلم والامكانات الى الاشغال الشاقة والى مصادرة املاكهم وتخريب البلاد. أو كما فعل الخمير الحمر وزعيمهم بول بوت الساعي الى quot;فردوسquot; المساواة في كمبوديا، فتم اخلاء المدن وتدميرها وقتل كل مثقف للغة اجنبية، أو هو على مثال الحداثة والمعاصرة، ولتكون كمبوديا حقول موت لسنوات مديدة.

يوتوبيا الجماهير الشعبوية هذه، كامنة هنا في ساحات معتصمي quot;حزب اللهquot;، فهم quot;اشرف الناسquot; في مواجهة الخونة والمستكبرين. أتوا من اجل quot;حكومة نظيفةquot;، وفي سبيل ذلك لا بأس بالاستباحة، طالما ان هذا الجمهور شعر بالثأر من سكان المدينة وأهلها، اذ جعل اصحاب المحلات والمقيمين والمتسوقين والسياح والموظفين ورجال المكاتب، خائفين وهاربين متهيبين المرور من هناك أو استئناف عمل أو العيش في الجوار.

لم يكن كافياً بالنسبة لهم أن quot;يستولواquot; على الوسط، اذ كان عليهم ايضاً ان quot;يسرقواquot; ما يعجبون به ويكرهونه في آن واحد، ويشعرون بدونية اصلية حياله، فاعتصامهم وتظاهرهم انما هو محاولة استيلاء على صورة 14 آذار وسرقة وسائلها وتعبيراتها، فاستعاروا صورة الاعتصام في الخيم الطالبية واستعاروا فكرة المنصة المتلفزة، واستعاروا العلم والشارات والازرار والاوشحة. لكنهم في هذه السرقة جعلوها مشاكلة لمزاجهم الايديولوجي وشغفهم بالتنظيم الحزبي الفاشي، فبدل الخيم المتواضعة القليلة والضئيلة نصبوا مئات الخيم الكبيرة والضخمة كمضارب البدو، وبدل المنصة الصغيرة نصبوا منصتين شاسعتين وبدل الاعتصام الرمزي القليل العدد جيّشوا آلاف العناصر والأسر والاقارب وجعلوهم يستوطنون هناك كاستيطان المهجرين في بيروت الثمانينات.

ومداراة لعقدة النقص تجاه 14 آذار ومشهدها، جعلوا انفسهم غير قانعين بساحة رياض الصلح فتسللوا الى ساحة الشهداء، مكان 14 آذار، بغرض سرقتها ومصادرتها.
إنهم quot;يتمتعونquot; باقامتهم هذه معطلين الحياة العامة، منتشين بقدرتهم على توطين الخواء والكآبة، محتقرين كل ما يقيم المدينة ويحييها، تماماً كما ردوا على شكوى اللبنانيين من بوار مصالحهم وسياحتهم وأعمالهم، فقالوا quot;ما هذه السياحة، إنها بضعة صحون حمص وعاهراتquot;.

سائق التاكسي الذي quot;أخذquot; بيروت، ومراهقو القرى والضاحية الذين احتلوا الوسط مع نراجيلهم قد ينجحون في مسعاهم، وعندها لن نرتاح من شكواهم لـquot;غياب الدولةquot;، التي سيكونون قد قوضوها تماماً.