سمير عطا الله

ربما كان صحيحاً أن المجتمع اللبناني، أو بعضه على وجه الدقة، كان يمارس في الغالب، بعض الحرية التي لا تمارسها المجتمعات العربية الأخرى. وكانت المرأة اللبنانية على نحو خاص، أكثر تأثراً بما يستجد في المجتمعات الأوروبية من تقاليع وموضة ومظاهر خارجية. بل حتى أحياناً في السلوك. وكانت معظم هذه المظاهر تسجل تحت عنوان laquo;الزيraquo; أو laquo;التصاميمraquo; أو laquo;الموضةraquo;. وكان يدخل في التسمية الفستان القليل الكمين أو القليل الطول أو القليل العرض، أو القليل القماش، طولا وعرضا ومقاييس أخرى.

لكن المرأة الحامل، على قدر ما تنفعني ذاكرتي، لم تدخل أبدا في هذه المباراة. فما أن تبدأ علامات الحمل حتى تفرض على نفسها زيادة مظاهر الاحتشام، فترتدي الفساتين التي كلما تقدم حملها زاد اتساعها. فالحشمة تقضي، بل الذوق يقضي، ألا يبدو النتوء الموقت للآخرين على ما هو. واعتمدت السيدات السمينات بلا حمل هذا الزي احتراماً للذوق العام.

ظلت هذه القاعدة قائمة إلى أن شرفنا العصر. ويبدو انه غليظ مثل بعض مصممي أزيائه. فالمرأة الحامل هذه الأيام ترتدي فستاناً ضيقاً على قدر حملها وشهرها. أو ترتدي، أكرمك الله، سروالا يبين أحجامها الزائدة والناتئة من الناحية الأمامية ومن الناحية الأخرى أيضاً. فإذا كانت حضرتها في الحالات العادية على شيء من الجمال، تقبح شكلها بحيث تبدو مثل دبابة ميركافا معطلة في الجنوب، وإذا كانت لا جمال ولا قامة ولا ناحية أمامية أو سواها، فاللعنة على ما تقدم وما تأخر. وما تواقح وما ظهر.

لا أريد أن أعيد أحداً إلى زمن كان فيه الحمل موضوعا شخصيا في العائلة لا عرضاً عاماً مثل الصالون السنوي للسيارات. كل سيدة حرة فيما ترتدي، شرط ألا يكون في ذلك اعتداء على الذوق العام. ثم أنت أيتها الحيزبون أليس في بيتك مرآة تنظرين إليها قبل الخروج بين الناس؟ أم أن المرآة ترفض أن تراك على هذا الشكل المترهص، فتخرجين علينا وأنت على غاربك. أو بالأحرى على غرابك. أو على بومتك؟ وما ذنبنا نحن في زواجك وفي حملك؟ اجل. اجل. أخاطبك أنت بالذات، أنت العالية من الناحية الأمامية، الواطية جداً من المقلب الآخر، نعم أنت، لماذا لا تلزمين بيتك؟ من أفلتك علينا؟ ألا يكفي لبنان ما فيه من مصائب وقباحات وناتئين؟ ولماذا تدخلين الأماكن العامة على هذا الشكل في أوقات الغداء والعشاء، أو موعد ذهابي إلى المكتبة. تعالي معي إلى هذا الرف. سوف أهديك رواية قديمة لفؤاد كنعان عنوانها شديد الاختصار: قرف.