جهاد الخازن

من لبنان الى فلسطين وبالعكس.
الغالبية النيابية والمعارضة في لبنان laquo;فوّتونا بالحيطraquo;، يعني دفعوا اللبنانيين ليصطدموا بالجدار.



أعرف مباشرة مما سمعت من الأخ سعد الحريري، ومن السيد حسن نصر الله، وقد كنتُ جالساً وهما يتحدثان على الهاتفين مرتين (مع مرتين أخريين عبر طرف ثالث) ان رئيس الغالبية مصرّ على محكمة دولية في اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، رحمه الله، وان سماحة السيد يعارض المحكمة، بالتفاصيل المعلنة، لأنها في رأي المعارضة مؤامرة فرنسية ndash; أميركية تستهدف سورية وليس المسؤولين عن عمليات الاغتيال في لبنان.

ما أقول هنا هو ان كلاً من الطرفين في الخلاف السياسي اللبناني يعرف في شكل كامل رأي الطرف الآخر، ومع ذلك لم يحاول أي طرف ان يخطو خطوة واحدة الى الوراء، مع انه لو تنازل كل طرف عن أبسط قدر من حقه لما كان اللبنانيون يقفون الآن على حافة الهاوية من جديد، فيما زعماء البلد الأشاوس يدفعونهم الى الأمام.

السياسة هي سياسة الممكن، وإلا فهي لا تستحق اسمها، غير اننا في لبنان نطلب دائماً كل شيء أو لا شيء، ولا نتعلم من أخطائنا أو أخطاء الآخرين.

أحمّل الغالبية والمعارضة المسؤولية كاملة عن مصيبة البلد بهما، وأعرف ان كلامي لن يرضي احداً لأن المواطنين عندنا يتحدرون من جون فوستر دالاس، وجورج بوش الابن laquo;ومن ليس معنا فهو ضدناraquo;.

أرجو ان أكون مع لبنان، ولعلي كذلك فليست عندي ولاءات أميركية أو إيرانية، أو حتى عربية عندما يكون المطروح مستقبل لبنان. ولا فائدة من الإنكار، فالمبعوث الإيراني علي لاريجاني في دمشق لحلّ الأزمة اللبنانية، والسفير الأميركي جيفري فيلتمان يؤكد في بيروت ان بلاده ليست في صدد فرض أي حلول في لبنان، ما يعني ان الفكرة موجودة في أذهان بعض اللبنانيين، ان لم تكن عند الأميركيين أيضاً.

لماذا لا يحاول اللبنانيون ان يقلعوا شوكهم بأيديهم، ولو مرة واحدة؟ كل وساطة للخير مقبولة، وأرحّب شخصياً بالوساطات العربية من مصر والمملكة العربية السعودية والسودان وقطر والكويت، بل أرحب بالوساطات الأميركية والإيرانية والأوروبية. غير ان الوساطة شيء والتزام فريق ضد فريق شيء آخر، ونحن نعرف من يريد الخير للبنان، ومن يريد تبعية دفن نموذجها مع الاستعمار القديم.

مرة أخرى، أكتب مدركاً ان كلامي لن يرضي أنصار الغالبية، ولن يرضي المعارضة، فأنا لا أنتصر لفريق، وإنما أحاول ان أستعمل ما عندي من عقل وخبرة لأنتصر للبنان، ثم لا أجد غير اليأس، فالناس انقسموا على أنفسهم، وتصعيد المعارضة يعكس laquo;حسن توقيتraquo; فقد جاء عشية laquo;باريس-3raquo; وكيف يستثمر العالم في بلد يُستثمر في التخريب والحرائق والموت البطيء.

الوضع الفلسطيني في سوء الوضع اللبناني، أو أسوأ، فالفلسطيني تحت الاحتلال لا يكتفي بعدوٍ يقتل بنات المدارس، وإنما له عدو من نفسه، وهو أيضاً موزع الولاءات من أميركا الى إيران، مروراً بكل من يطمح الى دور في laquo;القضيةraquo;.

محادثات الرئيس محمود عباس والأخ خالد مشعل في دمشق laquo;نجحتraquo; في الاتفاق على وقف الاقتتال وبدء الحوار.

يا ناس، ربما أكون قد جننت، غير انني أسأل بما بقي عندي من عقل هل وقف الاقتتال والحوار قضايا خلافية أو جدالية يحتاج معها رئيس السلطة الى التفاوض مع رئيس laquo;حماسraquo; بوساطة سورية أو غيرها.

منذ أشهر ونحن نسمع عن مفاوضات لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، ومنذ اشهر والفشل يواكب هذه المفاوضات، وهو فشل واكب مفاوضات أبو مازن وأبو الوليد في دمشق، بغض النظر عن البيانات الصادرة.

مرة ثالثة، أعرف ان كلامي لن يعجب أحداً لأنني أدافع عن فلسطين ومستقبل الفلسطينيين لا أي فصيل، غير ان الذي لا يعجبه كلامي يستطيع ان laquo;يبلّط البحرraquo; كما يقول الفلسطينيون، فحماس في السلطة وهي متمسكة بها بالأيدي والأرجل على رغم ان حكومتها، من دون ذنب اقترفته هذه الحكومة، أفقرت الفلسطينيين وسهلت مهمة اسرائيل ضدهم. و laquo;فتحraquo; خارج السلطة تحاول العودة بكل وسيلة ممكنة، مع انها فشلت في الحكم، وانغمست في فساد جعل الناخب الفلسطيني يختار laquo;حماسraquo;، والنتيجة ان الفلسطيني تحت الاحتلال يجد نفسه واقعاً بين سندان الحكومة ومطرقة المعارضة.

وكما في لبنان و laquo;باريس-3raquo;، أسأل لماذا يساعد العالم الخارجي الفلسطينيين، وهم لا يساعدون أنفسهم، والى متى سيبقى الفلسطينيون واقفين على باب laquo;الأجاويدraquo; بانتظار الاعاشة.

أبو مازن هدّد مرة أخرى بانتخابات رئاسية وبرلمانية، ولعله يحزم أمره قبل ان يصبح كمن صرخ laquo;الذئبraquo; حتى لم يعد يصدقه أحد.

اتهم القيادات اللبنانية بالمسؤولية عن الكارثة في لبنان، واتهم القيادات الفلسطينية بالمسؤولية عن كارثة الفلسطينيين بهذه القيادات، وكما قلت فكلامي لن يرضي أحداً، وهذه القيادات من هذين الشعبين، وكما تكونوا يولى عليكم.