سحر بعاصيري
لبنان 23 كانون الثاني 2007 تحوّل ساحة مواجهات كانت كفيلة بأن تفجّر لدى اللبنانيين كل ما تختزنه شوارعها المشتعلة المحتقنة من ذكريات مقيتة عن زمن يفترض ان الجميع تجاوزوه او هكذا يقولون. واذا كانت ساحة الازمة امتدت من حلبا الى صيدا ومن بيروت وجبل لبنان الى شتورة، فان الازمة تظهر مدى ما تحبل به هذه المساحة من تعقيدات إن على المستوى الداخلي أم الاقليمي أم الدولي.
نعم، للازمة ابعادها الداخلية والاعمق مما يقوله هذا او ذاك ممن هم اليوم في المعارضة او الموالاة. لها في الوضع الداخلي البعد الطائفي المتمثل أساسا في بحث الموارنة عن توازن جديد لشعورهم بتراجع الدور وهذا يعبّر عنه quot;التيار الوطني الحرquot;. والساحة شهدت مواجهات داخل الطائفة من نهر الموت الى شكا مرورا بنهر الكلب وجبيل والبترون. ولها ايضا البعد المذهبي السني الشيعي المتمثل في القلق الشيعي وعدم الرضا بعد اتفاق الطائف والذي ساهمت حرب تموز 2006 في تأجيجه. والساحة شهدت مواجهات سنية - شيعية في المزرعة والروشة وسنية - علوية في باب التبانة وبعل محسن. وللازمة الى حد ما بعد اجتماعي فيه ما هو محق وما هو مفتعل.
وأبعد من هذا، هي مأزق النظام السياسي ولا سيما بعد غياب دور الحكم الذي اختصّت به سوريا طويلا وإن تكن في الحقيقة طرفا اقليميا ولاعبا مهيمنا داخليا وليست حكماً. كل هذا لا يفي ساحة المواجهات اللبنانية حقها. فهي تختصر اليوم في بعدها الاقليمي جملة ازمات: العلاقات اللبنانية - السورية واللبنانية - الايرانية وايقاع العلاقات السورية - الايرانية والعلاقات السورية - السعودية والسعودية - الايرانية. وتختصر في بعدها الدولي ازمات لا تقل تعقيدا: العلاقات الايرانية - الاميركية والسورية - الايرانية والفرنسية - السورية. ويبدو ان روسيا ايضا اختارت لبنان مدخلا لعودتها الى المنطقة.
كل هذا غير اسرائيل الحاضرة ابدا لتضيف الى التعقيدات النكهة التي تستطيب. فهل يحتمل اللبنانيون، بل هل يحتمل هذا اللبنان ان نشرّع أبوابه على كل هذه الازمات؟ هل اخطأ اللبنانيون الحساب في 23 كانون الثاني 2007؟ عسى ان يكون اليوم التالي يوما للمراجعة والتفكير والعقل لانه يُخشى أن نضلّ الطريق بين الساحة والوطن.












التعليقات