عبد الرحمن الراشد

ربما كانت آلاف الإطارات التي حرقت في العاصمة اللبنانية قبل يومين خير دفاع ودعاية للحكومة اللبنانية، حيث قدمت المعارضة كقطاع طرق وفوضويين وأناس لا يؤتمنون على مستقبل البلاد ومصالح الشعب. وأتخيل أن الحكومة لم تسع كثيرا من اجل الضغط لإنهاء الاعتصام ورفع السواتر الترابية وإطفاء الحرائق وفك الحصار عن العاصمة، لأنه كان أفضل شاهد على سلوك المعارضة.

ومع أن عددا من قيادات المعارضة أرادت تحويل الانتباه واللجوء إلى الجدل الكلامي حول على من تقع المسؤولية، إلا انه كان واضحا أن المستهدف بالعقوبة في يوم حصار بيروت هم الناس لا الحكومة نفسها. فقد ثبت من الاعتصام السلمي في وسط المدينة أنه بلا شعبية ولم يقنع أحدا بالتحرك، وظهر واضحا أن غالبية الناس ليست في مزاج لمعارك سياسية جديدة وأنها لا تريد تغييرا على الأرض وتجاهلت كل دعوات المعارضة التي كان آخرها التظاهرة العمالية التي جاءت مخيبة لآمال منظميها. لهذا قررت المعارضة معاقبة الشعب على لا مبالاته ورفضه التحرك فمنعت الناس من الذهاب بأطفالها إلى المدارس ومرضاها إلى المستشفيات ومسافريها إلى المطار، وأخافت الجميع بالإعلان أن على الجميع أن يلتزموا بيوتهم، وان ما قد يقع من أذى هم المسؤولون عنه، وهكذا من صور الإرهاب السياسي الذي لم يعرف اللبنانيون مثله حتى في ذروة الانتشار العسكري السوري.

وطالما أن المعارضة لا تريد اللجوء إلى الحلول القانونية، وترفض الانخراط في الحكومة وترفض عقد البرلمان ولا تريد الدعوة لانتخابات جديدة، فقد بات واضحا أن الآتي هو إعلان الحرب، وما حصار بيروت وحرائق شوارعها إلا دليل على خطورة التفكير الذي يدير عقل قيادة المعارضة.

وعندما يتحدث أحد عن المعارضة يعرفونها بحزب الله، لأن الجنرال عون مثل اليتيم يبحث عن حضانة دائمة، والبقية صغار في الحسابات السياسية اللبنانية. وكأن حزب الله لا يكفيه انه تسبب في خراب نصف البلد في أغسطس الماضي ليكمل الآن على النصف الثاني.

لماذا يلجأ حزب الله إلى وسائل غير ديموقراطية، بدعوى انه طعن في الظهر، ويريد إسقاط الحكومة بالقوة، في حين انه يستطيع ـ لو كان جادا في مشروعه ـ أن يشن حملة سياسية لإقناع الناس بموقفه ومنطقه، وبعد ذلك يحتكم إلى الانتخاب النيابي في حينه. فالحزب يملك خطباء مفوهين وماكينة حزبية كبيرة، وقضايا شعبية وينتظر منه أن يكون حامي النظام لا هادمه.