جيمس دوبينز ـ إنترناشيونال هيرالد تريبيون

يمكن أن يكون أحدث خطاب للرئيس الأميركي جورج بوش إلى الشعب الأميركي عن العراق أكثر رسالة رئاسية فزعا منذ أن أعلن رونالد ريغان عن أنه قد شن ضربة نووية ضد الاتحاد السوفيتي .. كان ريغان يمزح .. أما بوش فلا .
لقد تركزت ردة الفعل المباشرة حيال خطاب بوش على الزيادة المعتزمة في التزامات الجند الأميركان إلى بغداد على أن الخطر الأكبر الذي تشكله الخطة ليس هو ما يتعلق بالتصعيد الأفقي في العراق , ولكن بالتصعيد الرأسي على امتداد المنطقة المحيطة .
وعلى ضوء مستوى العنف في العراق , فإن إضافة جنود آخرين قوامهم 20.000 جندي أميركي ليس من المحتمل أن يحدث فرقا واختلافا كبيرا بطريقة أو بأخرى إن الخسائر البشرية , أميركية وربما عراقية , يمكن أن تزيد كنتيجة لذلك , ولكن هامشيا فقط إن الخطر الأكبر بكثير المتأصل في خطة الرئيس بوش هو أن الحرب في العراق يمكن أن تنتشر إلى البلدان المجاورة .
ففي شهر ديسمبر الماضي , أوصت quot; مجموعة دراسة العراق quot; , برئاسة وزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر وعضو الكونغرس السابق لي هاميلتون , أوصت بأن يشرك بوش إيران وسوريا وهو يفعل ذلك بإرسال حاملة طائرات إضافية إلى الخليج وصواريخ باترويت إلى البلدان المجاورة وهذا بالضبط هو التجاه والمسار المعاكس لما نادت به quot; مجموعة دراسة العراق quot; , والتي حثت ودعت إلى محادثات دبلوماسية جدية بدلا من , أو على الأقل بالإضافة إلى , التلويح بالقوة العسكرية .
كما أوصت اللجنة ثنائية الحزب ( من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بأن تجدد إدارة بوش جهود الوساطة في اتفاق سلام عربي- إسرائيلي إن زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس للشرق الأوسط وصفت بأنها جهد مخصص أصلا لدعم تقدم في المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية ولكن في أعقاب خطاب الرئيس بتاريخ 10 يناير , يشير الآن مسؤولو الإدارة الأميركية إلى أن الغرض الرئيسي من الرحلة هو صياغة تحالف ضد إيران بين حكومات المنطقة المحافظة .
وعلى ضوء اللهجة الفظة على نحو استثنائي لتعلقيات وتصريحات الرئيس بوش الأخيرة فيما يخص إيران وسوريا , والخطوات والتحركات العسكرية التي وجهها لتوه الرئيس نحوهما , وجهود الإدارة الأميركية المكثفة لبناء وتسليح تحالف إقليمي معاد لإيران , وتصميم وعزم الرئيس المتكرر غالبا على أن ينكر على إيران أي قدرة نووية , فإن هناك خطرا متزايدا من أن المواجهة الأميركية-الإيرانية الحالية يمكن أن تتصاعد في الأشهر القادمة من خطابية فظة وعقوبات اقتصادية إلى إجراء عسكري .
إن الغارة العسكرية الأميركية على قنصلية إيرانية في شمال العراق , واعتقالها لستة مسؤولين إيرانيين بعد ساعات فقط من خطاب الرئيس بوش , إنما يبرز خطر مثل ذلك التصعيد .
وعندما يضيف المرء إلى عوامل الخطورة هذه تقارير مفادها أن الإدارة الأميركية قد بدأت في دعم تمويل لميليشيات quot; كونترا quot; لتحدي حزب الله وحماس للسيطرة على شوارع بيروت ورام الله ومدينة غزة , يواجه المرء بسيناريو كابوسي مفزع : احتمال انفراط العقد واندلاع حرب أهلية ووجود دول فاشلة ممتدة من الجزء الهندي من كشمير إلى البحر المتوسط .
ليس من المرجح أبدا أنه يمكن للولايات المتحدة أن ترسي الاستقرار في العراق وتزعزع الاستقرار في إيران وسوريا في نفس الوقت وتلك الدول - بمنطق تقاربها وعلاقتها الثقافية وروابط الدم فيها لها مدخل وسبيل ونفوذ داخل المجتمع العراقي أكثر مما يمكن أن يأمل الأميركان تحقيقه مطلقا وما دامت الولايات المتحدة تعمل في العراق بأغراض متقاطعة مع كل جيرانه تقريبا , ولاسيما الأكثر نفوذا , فإن الجهود الأميركية لدعم السلام والمصالحة من غير المحتمل أن تزدهر .
في عام 1995 كان من الممكن أن يكون مستحيلا بالنسبة للولايات المتحدة ولحلفائها أن تجلب السلام إلى البوسنة بدون مشاركة صربيا وكرواتيا , الدولتان المسؤولتان عن تلك الحرب الأهلية ولذا سيثبت أنه من المستحيل إرساء الاستقرار في العراق بدون تعاون جيرانه , ولاسيما أولئك الذين لهم النفوذ الأكبر .
وبالطبع , فإن صربيا وكرواتيا لم تشاركا طوعا في عملية السلام البوسنية فقد تتطلب الأمر ضغطا سياسيا منسقا منظما وعقوبات اقتصادية لجلبهما ( أي صربيا وكرواتيا ) إلى مائدة الحوار والمفاوضات كما استلزم الأمر أيضا مشاركة مستمرة وفي رفضها المزج بين القسر والتواصل في معاملاتها ( أو عدم معاملتها ) مع جيران العراق , تجعل إدارة بوش السلام في العراق أقل احتمالا , وتزيد فرص الحرب على امتداد المنطقة المحيطة .
جيمس دوبينز *

* مدير quot; المركز الدولي لسياسة الأمن والدفاع quot; بمؤسسة quot; راند quot; ومساعد وزير الخارجية الأميركية سابقا .


الوطن