مايكل يونغ - الديلي ستار

وهكذا يكون يوم الثلاثاء، الثالث والعشرين من هذا الشهر quot;يوم التغييرquot; على حد قول سليمان فرنجية، وربما يكون على حق. ذلك أن حزب الله ربما يمتلك في اليوم التالي منطقة أوسع بكثير للمناورة بدون اعتبار لمصالح حلفائه من المسيحيين، ميشال عون وفرنجية نفسه. ويتطلع كلا الرجلين بشغف إلى أن يكون ملقم مدفع المعارضة، وسوف يخرجان من الشجار وقد ذهبت سمعتيهما إلى مزيد من فقدان البريق. وليست هذه هي المرة الأولى التي يعمد فيها عون إلى المساعدة في ضمان أن ينتهي المطاف بالمسيحيين وقد تم تهميشهم.

وفي الأثناء، يبدو السعوديون والإيرانيون منكبين على صياغة صفقة في حزمة واحدة لإنهاء الأزمة اللبنانية، إذ لا ترغب أي منهما في نشوب حرب سنية-شيعية في شوارع بيروت. ومع ذلك، فقد فشل عون بشكل ما في التقاط مضامين ذلك. وهو يضع كامل تركيزه على حقيقة أن ترتيباتهما ربما تحد من طموحاته ليصبح رئيساً للجمهورية. ويبقى المشروع السعودي-الإيراني متسماً بكثير من الحيوية، رغم تحذير عون يوم الأحد من أن لبنان لا ينبغي له أن يطلب الحلول من الخارج. وكالعادة، يبدو الجنرال وهو يتحرك بعكس اتجاه عجلة التطورات الدولية والإقليمية.

يعمل حزب الله وحركة أمل كلاهما على منح عون ما يكفي من الحبل ليشنق نفسه به. ففي مقابلته مع محطة المنار يوم الجمعة، وضع السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله كشرط جديد للمعارضة إقامة انتخابات برلمانية مبكرة تجرى قبل الانتخابات الرئاسية. وما كان يمكن لعون أن يكون أحمق كفاية ليصدق أن نصر الله كان جاداً، أم هل كان كذلك؟ إن نصر الله يعرف ان هذا الطلب لا يمتلك فرصة للتحقق، لكن الشرط قد أضيف فيما يبدو لوضع حد لشيء لم يكن سعيداً به في المسودة السعودية الإيرانية. وفي الحقيقة، وفي يوم الأحد، كانت مصادر غير معروفة، تنتمي بالتأكيد إلى المعارضة، تسرب لصحيفة الحياة أن العقبة الرئيسية التي تقف في وضع حل لحالة الجمود الراهنة هي ميشيل عون.

فوق كل ذلك، قيل إن أتباع عون وفرنجية سوف يتركون يوم الثلاثاء وحيدين في الخنادق. فبينما ستذهب المناطق الشيعية إلى الإضراب، قالت مصادر من حزب الله وأمل أن أيا من الحزبين ليس ملتزماً بإغلاق الطرق في داخل بيروت أو حولها، على عكس الجماعات المسيحية. وبهذا، فإنه يمكن تجنب نشوب مواجهة سنية-شيعية، بينما سيسير عون وفرنجية، دون كيشوت وسانشو بانزا، كجنديين في سعيهما لتحقيق اللاعقلانية المسيحية.

سوف يعمد نصر الله إلى جعل عون يقع في الوادي، وهو ما يعود في جزئه الكبير إلى أن الجنرال قد أصبح عبئاً عليه. وفي الوقت ذاته، سوف يقوم حزب الله بدفع عون إلى الأعلى حتى يصل إلى الحافة. ولا يريد نصر الله طلاقاً غير مرتب مع العونيين، والذين ما يزال بالوسع أن يكونوا جد مفيدين ضد الأغلبية. وإذا ما تم خداع عون يوم الثلاثاء، وإذا ما فشلت دعواته للإضراب، وإذا ما كان تكتيكه الأوحد هو تحريض الناس على عدم الذهاب إلى أعمالهم، فإنه يمكن أن يتمكن نصر الله قريباً من أن يقول للجنرال: quot;انظر، لقد حاولت، وإلى حد أنني كنت أرغب في مساندة مطالبك بإجراء انتخابات مبكرة. لكن تأثيرك محدود، وينبغي لي حقاً أن أتجنب السماح لخلافاتي مع السنة أن تخرج من اليدquot;.

أما الشيء الأكثر بعثاً على خيبة الأمل، فكان أداء البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير. وعليه الآن أكثر من أي وقت مضى أن يتخذ موقفاً أكثر ثباتاً إزاء المسيحيين المصطفين مع المعارضة. وبدلاً من ذلك، نجده محايداً تماماً. وفي عظته ليوم الأحد، وجه صفير إدانته إلى الأغلبية والمعارضة معاً، وخاصة quot;عنادهمquot; في وقت يغرق فيه لبنان بتسارع. وقد كان ذلك أمراً قابلاً للفهم، لكنه لم يكن عادلاً أيضاً حين أتى مباشرة قبيل تحضير الحكومة التي تقودها الأغلبية لجلب الملايين من الدولارات من المساعدات الخارجية للبنان. وربما كان البطريرك متردداً إزاء إضافة المزيد من البلل إلى طين عون وفرنجية يوم الثلاثاء. ومع ذلك، فإنه يظل من صلاحياته، بل ومن واجبه أن يحذر المجتمع الماروني من المخاطر التي تنتظره. وعندما يتخذ زعيمان دور الريادة في مغامرة مجنونة والتي ستنفجر حتماً، وعندما يمكن للمارونيين جميعاً أن يتوقعوا بأن يشعروا بالضربة الارتدادية الموجعة لذلك القرار، فإنه لا يمكن لصفير أن يتجنب اتخاذ موقف أكثر وضوحاً.

إن حلم عون بأن يصبح رئيساً للدولة قد بات مطروحاً وممزقاً، هكذا ظهر في خطاب له يوم الأحد، والذي شجب فيه quot;النزعة الحريريةquot; (نسبة إلى الحريري). وقد كان الأمر بالنسبة إليه دائماً يتعلق بالحريرية، بعزوفه عن أولئك الذين تعاونوا مع سورية لبناء لبنان على أطلال إخفاق عون ما بين 1988-1990. وكان ذلك التحالف نفسه هو الذي سيدفع بالسوريين خارجاً بعد سنوات. ولا يستطيع الجنرال هضم فكرة أنه قد حرم لمرتين، من الشرف الذي استحقه حين قاتل السوريين في المقام الأول، ومن رأس المال السياسي الذي كان ينبغي أن يتوفر لديه بمجرد أن خرجوا. يمكن لك أن تتعاطف، ولكن ليس إلى حد أن تتبع رجلاً مغضباً على الطريق المنحدر للهلاك الجماعي والوطني.