جاسم بودي

الحكم على اي مرحلة سياسية استنادا الى تجربة عام لن يكون موضوعيا... لكن للتجربة احكاما.

صباح الاحمد لم يهبط على الحكم بمظلة، ولم يكن غريبا عن المسؤولية او الادارة، ولم يصل الى سدة الامارة بتسويات داخلية وخارجية... طلبته الامارة ولم يطلبها، وصلت اليه بالمناشدة والمبايعة فكان الاحرص على الاجماع وتوحيد الصف، واستقبلته بلا استغراب او مظاهرلانه من اهل بيت الحكم فكرا وممارسة.

عام على ولاية ابو ناصر هو امتداد لولايته الوطنية، فالاسلوب واحد والرؤية واحدة والهدف واحد. في الاسلوب لم يتغير شيء. الشورى المطلقة قبل اتخاذ القرار، والمعلومات الدقيقة والمكثفة قبل البحث فيه، ودرس الاحتمالات والنتائج في صلب التشاور، والاستعانة بخبراء ومتخصصين لاثراء النقاش، والجرأة على الاعتراف بأي خطأ قد يصاحب التنفيذ. اسلوب واحد حكم تحرك الشيخ صباح منذ مسؤوليته الاولى فحافظ على جوهره وغير في اشكاله للانسجام مع التطورات الادارية الحديثة، ولم يتخل في اي وقت عن الاشراف المباشر على القرار سواء بالزيارات الشخصية لعواصم السياسة والاقتصاد او بالمتابعة اليومية لتفاصيله.

في الرؤية ايضا لم يتغير شيء، فالخبرة المتراكمة على مدى عقود صقلت تفكير الشيخ صباح وانضجت التجربة. الكويت في مفهومه رسالة ودور اكثر من كونها دولة صغيرة في موقع جغرافي معين، وحتى تعمم رسالتها وتكمل دورها تحتاج رصيدا ضخما من الصداقات مع الجميع واستقرارا وسلاما وامنا في المحيط، وربما ادرك كثيرون الآن كيف استطاعت الكويت في ثمانينات القرن الماضي جمع السوفيات والاميركيين في عمل مشترك في مياهها الاقليمية بينما كان الطرفان يتقاتلان في كل انحاء العالم بحروب باردة حينا وساخنة احيانا، وربما استوعب المعترضون الآن فلسفة التسامح والرقي التي قادها شخصيا الشيخ صباح بعد تحرير الكويت تجاه بعض من اساء اليها فالغى مصطلحات دول الضد واطلق خطابا انسانيا قويا تجاه العراقيين كشعب معتبرا انهم ، مثل الكويتيين، ضحايا نظامهم السابق.

وفي الهدف، يستحيل ان يتغير اي شيء في عرف صباح الاحمد. الكويت والكويتيون اولا... منعة وعزة وسيادة وتقدما. لم يترك بابا من اجل مستقبل افضل الا وطرقه، ولم يترك طريقا من اجل التنمية والتطوير الا وسلكه، ولم يترك تجربة ناجحة الا وحاول اقتباسها، لا لكي يترك بصمة شخصية على المشهد الاقتصادي فحسب وانما لكي تستعيد الكويت بصمتها في المنطقة، تلك البصمة التي محتها للاسف ظروف الغزو والتخبط السياسي بعده والفشل التخطيطي والعوائق البيروقراطية.

عام من التجربة في سدة الامارة صعب ان يخضع لتقويم، ولكن اعواما كثيرة في سدة المسؤوليات تدلنا على ان الاصلاح والتطوير والحريات والديموقراطية والتنمية والامن والاستقرار والوحدة الوطنية هي العناوين التي حكمت المسيرة... وهي العناوين التي يريدها الشيخ صباح برنامج عمل الجميع ، شعبا وقيادة، للوصول بالكويت الى شاطىء الريادة.

سنة اولى يشعر فيها الشيخ صباح - كما كان يشعر دائما - بحجم الوفاء والولاء له والالتفاف حول قيادته، وسنة اولى يشعر فيها الكويتيون- كما كانوا يشعرون دائما - بحجم الحب الذي يكنه quot;العودquot; لهم، وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه من اجل تأمين مستقبل.