29 يناير 2007

د. أحمد الربعي


حتى كتابة هذه السطور وصل عدد القتلى - ولا نقول الشهداء - الفلسطينيين الى اكثر من اربعة وعشرين انسانا، كلهم قتلوا على ايدي ابناء العمومة وأبناء الوطن الواحد!

ما الذي يفعله الفلسطينيون بأنفسهم وبقضيتهم، كيف يمكن الدفاع عن القضية الفلسطينية وعدالتها في ظل هذا الوضع المأساوي الذي صنعته القيادات الفلسطينية بأيديها؟!
هل يجرؤ احد على اتهام اسرائيل والامبريالية بأحداث الأراضي المحتلة؟ هل يجرؤ احد على الحديث عن ضرورة وجود دولة فلسطينية مستقلة.. اذا كانت هذه القيادات البائسة هي التي ستديرها؟ وأي دولة هذه التي يمكن ان تبنيها عقول مختلة، وقلوب كارهة لا تعرف الرحمة، لا تستخدم العقل؟!
الفلسطينيون انتخبوا حماس وهم الآن يدفعون ثمن قرارهم؟ وسكتوا عن فساد السلطة قبل حماس.. وهم يدفعون ثمن ذلك؟
حاول محمود عباس التفاهم مع اسماعيل هنية باعتباره رئيسا منتخبا للوزراء ففشل، وذهب الى دمشق ليجتمع بخالد مشعل الذي لم ينتخب فكاد ان يتفق معه، والسبب ان خطوط مشعل مفتوحة على طهران اكثر من انفتاحها على رام الله، والقاهرة او الرياض!
على بعد كيلو مترات قليلة من هذه الكارثة الوطنية يجتمع البرلمان الاردني في جلسة خاصة، لا ليبحث دعم الفلسطينيين ومحاولة دفعهم للتفاهم، ولا من اجل حل مشكلة بطالة، أو إصلاح اقتصادي في الأردن، بل من اجل تأبين 'شهيد' الأمة الكبير صدام حسين، وتسابق النواب على الإشادة بمآثر 'الراحل' في وقت لم يسكب فيه واحد منهم دمعة على ملايين العراقيين المشردين وضحايا الإرهاب، وملايين الفقراء الإيرانيين من ضحايا صدام حسين، ولا على ضحايا الاردن الذين قتلوا على يد الإرهاب.. وهم في حفلة زفاف!
وعلى بعد كيلو مترات اخرى من هذا المشهد المحزن والمفجع لامة تقدس قاتليها وسارقي لقمة عيشها، نجد مشهد التفجيرات في شوارع بغداد حيث يتساقط الابرياء بالقنابل والسيارات المفخخة، ويقتل الاطفال وهم في طريقهم الى مدارسهم، ويقتل المتجولون في الاسواق والشوارع!
ثلاثة مشاهد لثلاث دول متجاورة تعطي صورة قاتمة لأمة يقودها مجانين، ويذهب ضحيتها ابرياء، امة احترف بعض قادتها القتل، فإن لم يجدوا عدوا قتلوا أبناء عمومتهم! امة تذكرنا بأجدادنا قبل الإسلام الذين كانوا يصنعون آلهتهم من التمر فإذا جاعوا أكلوها، ونحن اليوم نصنع الدكتاتور والقاتل ونمجده ونصفق له حتى يأكلنا!
انها أمة عربية ليست واحدة، وليست ذات رسالة خالدة! بل امة تمارس الانتحار وتتفنن في تعذيب ذاتها! إنها أمة تأكل ابناءها.. بشهية!