حفلة تنكرية لـ laquo;تهريبraquo; صندوقة ملفات ملغومة

بيروت - وسام أبوحرفوش

لم يتغير laquo;الزمن اللبنانيraquo; في الانتقال من عام لآخر، ورغم الاحتفالات laquo;الباهتةraquo; بعيد رأس السنة في الفنادق والمرابع فإن اللبنانيين استمروا في تنكيس أحلامهم وهم يودعون عاماً سيئاً ليستقبلوا سنة أسوأ.
ففي جمهورية بلا رأس احتفل بـ laquo;رأس السنةraquo; مع laquo;جردة حسابraquo; كلها خسائر والرابح الوحيد فيها هي الأزمة اللاهبة في التهامها العام تلو الآخر، أقله منذ الـ 2004 حين انفجر الصراع مع التمديد القسري للرئيس اميل لحود آنذاك.
في الـ 2005 أول الزلزال الذي استمرت حممه تعصف بـ laquo;الوطن الصغيرraquo;... اغتيل رفيق الحريري وكرت سبحة laquo;القبور المفتوحةraquo;، خرج الجيش السوري ودخل لبنان في laquo;صراع بقاءraquo; بعدما أصابته laquo;لعنة الاستقلالraquo; بكوابيس لم تنته.
في الـ 2006 أطبقت الحرب على الوطن المأزوم من كل الجهات، تعرض لحرب إسرائيلية كانت الأشد تدميراً والأكثر إجراماً، اعقبتها laquo;حرب سوريةraquo; على المحكمة الدولية، فجرت محاولة اسقاط الحكومة وأقفل البرلمان وكادت الفوضى تعم.
في الـ 2007 استمرت laquo;الحرب الباردةraquo; بين قوى الأكثرية والمعارضة ونجح الجيش في حرب المئة يوم ضد الإرهاب في laquo;نهر الباردraquo;، وواصلت آلة القتل سفك المزيد من الدماء، وبلغ الصراع مرحلة أشد خطراً مع تعطيل عملية انتخاب رئيس جديد للبلاد.
ومع laquo;الساعة الصفرraquo; في عناق عقارب ليل أمس جرى التسليم والتسلم بين الـ 2007 و2008 في حلقة laquo;تشاؤميةraquo; تم خلالها laquo;ترحيلraquo; ملفات العام laquo;المرraquo; إلى السنة laquo;الأمرraquo; وسط تمتمات رددت عبارة واحدة: الله يستر.
10 ملفات في laquo;صندوقةraquo; الـ 2007 جرى تهريبها إلى الـ 2008 شوهدت تتسلل ليلاً من خلف احتفالات بدت كأنها تنكرية بعدما أخفت مظاهر القلق على المصير بالمفرقعات وضجيج سهرات سكنها الفرح الكئيب
bull; الملف رقم 1 ممهور بالشمع الاحمر كتب عليه laquo;الرئيس الممنوعraquo; في اشارة الى laquo;الفراغ الرئاسيraquo; الناجم عن عدم اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية لا ضمن المهلة الدستورية ولا بعدها.
bull; الملف رقم 2 اسمه laquo;الحوار المقطوعraquo; بعدما بلغ الصراع ذروته بين الاكثرية التي تريد انتخاب رئيس laquo;ونقطة على السطرraquo;، والمعارضة التي لن تفرج عن الانتخابات قبل تسليمها laquo;رقبةraquo; الحكومة المقبلة.
bull; الملف رقم 3 هو laquo;الشللraquo; الذي قد يصبح شاملا بعد محاولة تعطيل الحكومة عبر laquo;بترهاraquo; باستقالة الوزراء الشيعة وقفل البرلمان منذ اكثر من عام ودفع الرئاسة نحو laquo;فخامة الفراغraquo;.
bull; الملف رقم 4 عنوانه laquo;الدم المسفوكraquo; وفيه هواجس شتى من عمليات الاغتيال والتفجير التي لم تغادر لبنان منذ ثلاثة اعوام وغدرت باثنين من نوابه واحد ابرز ضباطه في العام الفائت.
bull; الملف رقم 5 وفيه المحكمة الدولية التي من المرتقب اكتمال تشكيلها خلال السنة الجديدة بعدما تم تأمين تمويلها ومقرها وقضاتها، ولم يبق الا اعلان ساعة الصفر لبدء عملها.
bull; الملف رقم 6 اسمه laquo;المبادرات المتهاويةraquo; واخرها المبادرة الفرنسية التي اعلن الرئيس نيكولا ساركوزي تعليقها في انتظار تحول الاقوال السورية افعالا لعل وعسى.
bull; الملف رقم 7 ويتمثل في اعتصام خيم المعارضة في وسط بيروت قبالة السرايا الحكومية، والمستمر رغم مرور 13 شهرا عليه كـ laquo;بؤرةraquo; استنزاف سياسية اقتصادية للبلاد.
bull; الملف رقم 8 اقتصادي وتستوطنه المخاوف من laquo;انهياراتraquo; خطرة بعدما اقفل البرلمان بوجه نتائج باريس - 3 وملياراته السبعة وبلغ الدين العام على عتبة الـ 2008 نحو 40 مليار دولار.
bull; الملف رقم 9 اسمه laquo;العوامل الاقليميةraquo; ومفتوح على جعل لبنان laquo;رهينةraquo; لمساومات سورية مع الغرب قبل انابوليس وبعده، حول المحكمة الدولية وسواها، ولمقايضات ايرانية في شأن الملف النووي.
bull; الملف رقم 10 عنوانه laquo;المجتمع الدوليraquo; وقراراته من الــ 1559 و 1595 الى 1757 و1701 مرورا بـ laquo;رزمة اخرىraquo; من قرارات مماثلة ترشح لبنان لدخول كتاب غينيس للارقام القياسية.
هكذا لبنان، فرغم القول ان قائد الجيش العماد ميشال سليمان، المرشح التوافقي، صار رئيسا مع وقف التنفيذ، فان الشكوك تتزايد في امكان اجراء الانتخابات الرئاسية في laquo;السنةraquo; الكبيسةraquo; الجديدة، وثمة من يرجع استمرار laquo;الفراغ الرئاسيraquo; الى ما بعد الانتخابات النيابية العامة في صيف الـ 2009 لإصرار المعارضة على افقاد الأكثرية الحالية قدرتها على الحكم ورهانها على التحول أكثرية في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
الاقل تشاؤما يعتقدون ان الانتخابات الرئاسية laquo;مؤجلةraquo; قد تتم في ربيع الـ 2008 مع انعقاد القمة العربية في مارس المقبل، حيث من المتوقع حصول laquo;تسوياتraquo; في الطريق الى قمة دمشق تتيح laquo;الافراجraquo; عن الرئيس اللبناني العتيد، وهو الأمر الذي قد يتضح الخيط الابيض من الاسود فيه مع التحرك الجديد لجامعة الدول العربية في اتجاه بيروت انطلاقاً من اجتماع مجلس وزراء خارجيتها الطارئ في القاهرة يوم الأحد المقبل.
واذا كان العام 2007 طوى آخر أيامه بـ laquo;رسالة قويةraquo; من الرئيسين المصري حسني مبارك والفرنسي نيكولا ساركوزي لسورية، تدعوها الى تسهيل الانتخابات الرئاسية في لبنان، فإن سنة الـ 2008 في بيروت تدشن أيامها الأولى بثلاث اطلالات على جانب من الأهمية غداً الأربعاء لمجلس المطارنة الموارنة والأمين العام لـ laquo;حزب اللهraquo; السيد حسن نصرالله ورئيس laquo;اللقاء الديموقراطيraquo; النائب وليد جنبلاط، ومن شأن كلام الثلاثة ان يسهم في استشراف ملامح هذه السنة التي لن تكون بالتأكيد أفضل من سابقاتها.
والعلامة laquo;الفارقةraquo; التي تميز سنة 2008 في مستهلها هي التحركات الكثيرة والحراك القليل، ففي laquo;ملف المبادراتraquo; كان واضحاً وداع العام laquo;الراحلraquo; باعلان الرئيس الفرنسي تعليق اتصالاته بسورية بعدما كان نفد صبر نظيره الأميركي جورج بوش من الرئيس بشار الأسد، ما يعني ان الساحة متروكة لـ laquo;اختبارraquo; جديد، وربما يكون الأخير، تقوم به الجامعة العربية قبل العودة بالملف الى مجلس الأمن الدولي بعدما كانت باريس laquo;استأخرتraquo; تلك العودة في انتظار تحول laquo;أقوال سورية أفعالاًraquo;.
والأكثر اثارة للانتباه في تساقط المبادرات حيال لبنان، الواحدة تلو الأخرى، وبلوغها الطريق المسدود مع laquo;الفراغ الرئاسيraquo;، هو انقطاع كل وسائل الاتصال بين الافرقاء اللبنانيين وتعطل لغة الكلام بعدما تعطلت كل المؤسسات وlaquo;استبدلraquo; الحوار بالاتهامات والتهديدات، وآخر فصول الافق المسدود كان سحب المعارضة تقويضها لرئيس البرلمان نبيه بري بالحوار مع الآخرين ووضع هذا الملف في جيب زعيم laquo;التيار الوطني الحرraquo; العماد ميشال عون، غير الحواري، في نظر خصومه.
... من السيئ الى الأسوأ، هكذا هي حال laquo;الزمن اللبنانيraquo; حالياً مهما كان اسم اليوم او الشهر او السنة فكل الأوقات متشابهة في حضرة laquo;الفراغ الملغومraquo; والمصير... الملعون.