خيرالله خيرالله

لا يذكّر أغتيال بينظير بوتو في السابع والعشرين من ديسمبر- كانون الأول 2007 سوى بأغتيال أحمد مسعود شاه الزعيم المعادي لquot;طالبانquot; في أفغانستان في التاسع من سبتمبر ndash; أيلول 2001. أغتيل مسعود القائد العسكري والسياسي بواسطة أنتحاريين قبل يومين من أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي كان وراءها أسامة بن لادن وتنظيم quot;القاعدةquot;. كان الهدف من أغتياله الأنتهاء من أي قوة داخلية في أفغانستان قادرة على التحرك عسكريا ضد quot;طالبانquot; أثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر.


هذا لا يعني أن أسامة بن لادن وquot;القاعدةquot; نفذا عملية أغتيال بينظير بوتو مباشرة. لكن الأمر يشير ألى أن شيئا ما سيحدث في باكستان قريبا وأن quot;القاعدةquot; وquot;طالبانquot; على علم بذلك، فتخلصا بطريقة أو بأخرى من الشخصية التي تقف عائقا في وجه مخططاتهما المستقبلية.
كانت بينظير بوتو تدرك جيدا أن هناك من يريد التخلص منها. ولهذا السبب وليس لغيره، أبلغ عاصف علي زارداري، زوج بينظير، مجلة quot;نيوزويكquot;، أنها سلمت الرئيس برويز مشرف باليد قبيل عودتها من المنفى الى بلادها في الثامن عشر من أكتوبر 2007 ، عبر مبعوث لها على الأرجح، رسالة. ورد في الرسالة أنه في حال تعرضها لمحاولة أغتيال، على مشرف التحقيق مع أشخاص محددين في فريقه الحكومي. لم يحدد زوج بينظير أسماء الأشخاص المعنيين بالرسالة، وأكتفى بالأشارة ألى مسؤولين كبار في الأجهزة الأمنية تعتبرهم بينظير أعداء لها.لكن مسؤولا آخر في quot;حزب الشعبquot; الذي تتزعمه بينظير أبلغ quot;نيوزويكquot; أن بين المعنيين بالرسالة شخص أسمه أعجاز شاه المسؤول عن الأستخبارات الداخلية في باكستان.


بغض النظر عن الطرف الذي خلف الجريمة، يظل أن عملية الأغتيال التي تعرضت لها رئيسة الوزراء السابقة مرتبطة ألى حد كبير بما تريده quot;القاعدةquot; وquot;طالبانquot; وما تخططان له في باكستان. ما لا يمكن تجاهله في أي شكل، أن ما يميز باكستان في مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 أنها لم تستطع المساهمة في الحرب على الأرهاب على الرغم من كل المساعدات الأميركية التي قدمت لها. تبين بكل بساطة أن المشكلة مع quot;طالبانquot; ليست محصورة بأفغانستان بمقدار ما أنها مشكلة باكستانية أولا وأخيرا. رفض الأميركيون الأعتراف بأن باكستان في أساس قيام quot;طالبانquot; وأن عناصر quot;طالبانquot; ليست في معظمها سوى من طلاب المدارس الدينية التي أزدهرت في البلد في أيام الجنرال ضياء الحق الذي أنقلب على ذو الفقار علي بوتو والد بينظير في العام 1977 ثم أعدمه في العام 1979 بعد تلفيق تهمة القتل في حقه وألأتيان بشهود زور لأثبات التهمة.


الآن بدأت الولايات المتحدة تكتشف مجددا أن باكستان هي quot;طالبانquot; وأن ليس في الأمكان معالجة الوضع الأفغاني من دون العودة ألى الجذور، أي ألى باكستان حيث لعبت الأدارات المتلاحقة في واشنطن والأجهزة الأميركية دورا أساسيا في تغيير طبيعة المجتمع الباكستاني من جهة ونشوء quot;طالبانquot; من جهة أخرى. في النهاية أن quot;طالبانquot; ليست سوى أنتاج للأجهزة الباكستانية بمباركة أميركية وبدعم مباشر من بعض العرب الذين سبق لهم ومولوا الحرب على السوفيات في أفغانستان بالمال والرجال. أنطلق طلاب المدارس الدينية في باكستان منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي في أتجاه أفغانستان للسيطرة عليها بعدما فشل quot;المجاهدونquot; الذين أخرجوا السوفيات ثم النظام التابع لهم في كابول في ضبط الأمن في البلد. نشأت quot;طالبانquot; بمبادرة باكستانية ومباركة أميركية بهدف أقامة أستقرار في أفغانستان لأسباب مرتبطة بالنفط أولا واخيرا. لم يعر الأميركيون أي أهتمام للظلم والظلام والظلامية وممارسات quot;طالبانquot; في حق المواطن الأفغاني والمرأة الأفغانية تحديدا. كان همهم الأستقرار. لم يدركوا سوى بعد فوات الأوان أن التضحية بالشعب الأفغاني من أجل ألأستقرار ومن أجل أنابيب النفط ، ليس سوى سياسة تنم عن قصر نظر.


مع أغتيال بينظير بوتو، يترتب على الأميركيين العودة ألى الجذور، أي ألى باكستان التي صنعت أجهزتها quot;طالبان. ولذلك لم يعد السؤال المهم هل quot;طالبانquot; والقاعدةquot; وراء أغتيال بينظير بوتو أم أفراد نافذون في الأجهزة الباكستانية؟ أنهم أمام نظرية الأواني المرتبطة ببعضها البعض. ما يحصل في أفغانستان على أرتباط مباشر بالوضع الباكستاني والعكس صحيح. ليس مهما من نفذ، بل المهم التساؤل ما المطلوب من أغتيال بينظير بوتو التي عادت ألى باكستان بهدف واضح كل الوضوح هو تمكين البلد من العودة ألى اللعبة الديموقراطية. نسيت رئيسة الوزراء السابقة أن باكستان التي مكنتها من أن تكون رئيسة للوزراء في العام 1988 حين كانت لا تزال في الخامسة والثلاثين من العمر، لم تعد لها علاقة بباكستان quot;المسجد الأحمرquot; في أسلام أباد الذي كان معقلا لquot;طالبانquot; و quot;القاعدةquot; داخل العاصمة قبل أن تسيطر عليه قوات الأمن بالقوة وتخرج المتطرفين منه. تبين أن هناك آلاف المساجد الأخرى على شاكلة quot;المسجد الأحمرquot; في كل أنحاء باكستان وأن المسألة مرتبطة بما أذا كان في أستطاعة العالم، على رأسه الولايات المتحدة، عمل شيء لأخراج باكستان من براثن quot;القاعدةquot; وquot;طالبانquot;؟


تكمن المشكلة في أن العالم لا يستطيع الوقوف مكتوفا أمام ما يجري في باكستان لسببين على الأقل أولهما أن ألأرهاب وجد ملاذا آمنا في البلد والآخر أن باكستان قوة نووية. أنها سببان كافيان لتكون باكستان في طليعة العناوين في السنة 2008.