البداية كانت عام 1981 مع الاتفاقية الاقتصادية الموحدة والموعد عام 2010 مع الاتحاد النقدي
أحمد الكناني
دخلت أمس الثلاثاء السوق الخليجية المشتركة حيز التنفيذ، فقد أصبحت هذه السوق حقيقة خليجية وعربية وعالمية، تنفيذا لما أقره قادة دول مجلس التعاون الخليجي في قمتهم الثامنة والعشرين التي انعقدت بالعاصمة القطرية، الدوحة.
ووفقا للبيان الختامي الصادر عن القمة، فقد أعرب القادة عن ارتياحهم لما تم انجازه، من متطلبات السوق الخليجية المشتركة وأعلنوا laquo;قيامها اعتبارا من الأول من يناير الجاري 2008raquo; وذلك بعد ما اطلعوا على تقرير عن سير الاتحاد الجمركي، وما تم انجازه لتسهيل وتعزيز التجارة بين دول المجلس خلال العام المنصرم. ويعمل إطلاق السوق الخليجية المشتركة على تعزيز المواطنة الخليجية، حيث سيستفيد laquo;مواطنو دول المجلس من قيام هذه السوق، في تعميق المواطنة الخليجية،
وتحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في ممارسة المهن والحرف والأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، وكذلك السماح لمواطني دول المجلس بممارسة نشاطي الخدمات العقارية والخدمات الاجتماعية في جميع الدول الأعضاء. وتأتي خطوة إطلاق السوق ثمرة لجهود استمرت على مدى سبعة وعشرين عاما، وفيها التعاون الاقتصادي الخليجي بمراحل متعددة بهدف السعي إلى حلم الوحدة الاقتصادية، ذلك الحلم سيتوج عام 2010 بإطلاق العملة الخليجية الموحدة.
وكانت المرحلة الأولى للسوق هي مرحلة البناء القانوني أو وضع الأطر القانونية المنظمة ثم كانت المرحلة الثانية وهي مرحلة البناء الفعلي والتنفيذي، وهذا ما سوف نستعرضه هنا.
أولا: مرحلة البناء القانوني:
مرت هذه المرحلة بثلاث خطوات، كانت البداية مع تأسيس مجلس التعاون الخليجي ووضع نظامه الأساسي، ثم كانت المرحلة الثانية مع توقيع الاتفاقية الاقتصادية الموحدة عام 1981، ثم جاء المرحلة الثالثة مع إصدار وتطبيق الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001.
(1) النظام الأساسي: في مايو من عام 1981 تأسس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في اجتماع عقد بمدينة أبوظبي، وحضره قادة الدول الخليجية الست (الإمارات وعمان والسعودية وقطر والبحرين والكويت).
وفي نفس العام اتفقت هذه الدول على وضع النظام الأساسي للمجلس، وتضمن هذا النظام اثنتي عشرة مادة، ونصت المادة الرابعة منها على الأهداف التي من أجلها تأسس المجلس ومن هذه الأهداف، التأكيد على تحقيق الوحدة الاقتصادية بين الدول الست من خلال:
أ ـ تحقيق التنسيق الكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها.
ب ـ تعميق وتوثيق الصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات.
جـ ـ وضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين بما في ذلك: الشؤون الاقتصادية، والشؤون التجارية والجمارك والمواصلات، والشؤون التعليمية والثقافية، والشؤون الاجتماعية والصحية، والشؤون الإعلامية والسياحية، والشؤون التشريعية والإدارية.
د ـ دفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية، وإنشاء مراكز بحوث علمية، وإقامة مشاريع مشتركة، وتشجيع تعاون القطاع الخاص بما يعود بالخير على شعوبها.
(2) الاتفاقية الاقتصادية الموحدة من أجل تحقيق ما نصت عليه المادة الرابعة من النظام الأساسي من أهداف جاء إصدار وتوقيع وتفعيل الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لعام 1981 والتي أصبحت سارية المفعول اعتبارا من مارس 1982،
واشتملت هذه الاتفاقية على سبعة فصول راعت التدرج في تحقيق الوحدة الاقتصادية بتنظيم التبادل التجاري عبر السماح باستيراد وتصدير المنتجات الزراعية والحيوانية والصناعية بين دول المجلس مع معاملتها معاملة المنتج الوطني وتم الاتفاق على إعفاء كافة هذه المنتجات من الرسوم.
كما نصت الاتفاقية على وضع دول المجلس لحد أدنى من التعرفة الجمركية تطبق تجاه العالم الخارجي، والسعي لتوحيد التعرفة الجمركية على ان تطبق تدريجيا خلال خمس سنوات. وألزمت الاتفاقية الدول الأعضاء بالتنسيق فيما بينها في نظم وسياسات الاستيراد والتصدير،
وفي سياسات تكوين المخزون الغذائي الاستراتيجي، وفي عقد الاتفاقات الاقتصادية، والعمل على خلق قوة تفاوضية جماعية لدعم مركز الدول الأعضاء في التعامل مع الأطراف الأجنبية في مجال الاستيراد والتصدير.
ووضعت الاتفاقية أول أسس المساواة في معاملة مواطني دول المجلس معاملة مواطنيها دون تفريق أو تحييز في مجالات: حرية الانتقال والعمل والإقامة، وحق التملك والإرث، وحرية ممارسة النشاط الاقتصادي، وحرية انتقال رؤوس الأموال، مؤكدة ضرورة تحقيق التنسيق والتجانس في الخطط الانمائية للدول الأعضاء بهدف الوصول إلى التكامل الاقتصادي، وذلك سعيا لإقامة السوق المشتركة (المادة العاشرة من الاتفاقية).
ونصت المادة الحادية والعشرون على التعاون المالي والنقدي كمقدمة لتحقيق الاتحاد النقدي فألزمت الدول الأعضاء بالسعي إلى توحيد الأنظمة والقوانين المتعلقة بالاستثمار وكذلك قيام الدول الأعضاء بتنسيق سياساتها المالية والنقدية والمصرفية وزيادة التعاون بين مؤسسات النقد والبنوك المركزية، بما في ذلك توحيد العملة لتكون متممة للتكامل الاقتصادي المنشود (المادة الثانية والعشرون).
(3) الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001: في 31 ديسمبر عام 2001 وقع قادة دول مجلس التعاون في قمتهم الثانية والعشرين، اتفاقية اقتصادية جديدة لظهور بعض الثغرات في تطبيقات الاتفاقية الاقتصادية الموحدة.
حيث رأى كثير من الاقتصاديين والساسة في دول مجلس التعاون أن الوصول إلى الوحدة الاقتصادية صار يستلزم إطارا قانونيا أكثر حداثة وعصرية بما يعبر عن طبيعة المتغيرات الاقتصادية الدولية، وبما يساعد على سرعة تحقيق الطموحات الخليجية.
فرغم الإنجازات الاقتصادية التي أسفرت عنها اتفاقية 1981 laquo;إلا أنه اتضح من التطبيق الفعلي أن بعض الضوابط صعب التطبيق، وأد إلى إحجام مواطني دول مجلس التعاون عن الاستفادة من قرارات المجلس الأعلى التي تمنحهم حق المساواة في المعاملة في المجالات الاقتصادية، ورغبة في نقل العمل المشترك من مرحلة التنسيق إلى مرحلة التكامل،
فإن التوجه الذي تبنته الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001 يميل إلى التطبيق المباشر لمبدأ المساواة الكاملة في المعاملة في جميع المجالات الاقتصاديةraquo;. (مجلة التعاون العدد 63 ـ دراسة للدكتورة نورة عبدالرحمن اليوسف، المستشارة الاقتصادية للأمين العام لمجلس التعاون).
وقد جاءت اتفاقية 2001، كما ورد في نصها laquo;استجابة إلى تطلعات وآمال مواطني دول المجلس في تحقيق المواطنة الخليجية، بما في ذلك المساواة في المعاملة في التنقل والإقامة والعمل والاستثمار والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعيةraquo;.
وكانت هذه الاتفاقية أكثر تحديداً من اتفاقية 1981 في وضع المراحل الزمنية لتطبيق المراحل الاقتصادية المختلفة للوحدة الاقتصادية الخليجية. وفي تحديد الآليات للمتابعة والتنفيذ. ففيما يتعلق بالاتحاد الجمركي حددت الاتفاقية الأول من يناير 2003 موعداً لبدء دخوله حيز التنفيذ، مؤكدة على ما سبق وتضمنته اتفاقية 1981 من حيث سهولة انتقال السلع بين دول المجلس دون قيود جمركية.
كما نصت الاتفاقية على تطبيق المواطنة الخليجية الكاملة في السوق المشتركة حيث laquo;يعامل مواطنو دول مجلس التعاون الطبيعيون والاعتباريون في أي دولة من الدول الأعضاء نفس معاملة مواطنيها دون تفريق أو تمييز في كافة المجالات الاقتصاديةraquo; في التنقل والإقامة، والعلم في القطاعات الحكومية والأهلية، والتأمين الاجتماعي والتقاعد،
وممارسة المهن والحرف، ومزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، وتملك العقار، وتنقل رؤوس الأموال، والمعاملة الضريبية، وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات، والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية.
وإلى جانب ما تميزت به الاتفاقية على صعيد تحقيق المواطنة الخليجية فإنها أيضا تميزت على اتفاقية 1981 بتحديد متطلبات الاتحاد النقدي سواء بالنسبة لتوحيد الأنظمة والقوانين المتعلقة بالاستثمار، ومعاملة الاستثمارات المملوكة لمواطني دول المجلس نفس المعاملة الوطنية، وتكامل الأسواق المالية وتوحيد السياسات والأنظمة المتعلقة بها.
وحددت الاتفاقية آليات أكثر تقدما من أجل تحقيق التكامل الإنمائي بهدف علاج الفروقات الاقتصادية والمالية بين الدول الأعضاء لتنفيذ laquo;استراتيجية التنمية الشاملة بعيدة المدى لدول مجلس التعاونraquo;
ومن ذلك laquo;تنسيق النشاط الصناعي على أساس تكاملي، وتوحيد التشريعات والأنظمة الصناعية فيما بينها بما في ذلك تشجيع الصناعة ومكافحة الإغراق raquo; وتحقيق التكامل في المجالات البترولية، والتنمية الزراعية، وحماية البيئة، وتنمية الموارد البشرية، والنقل والاتصالات.
ثانيا: المراحل والآليات التنفيذية
منذ تطبيق الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لعام 1981 مضى قطار التعاون الاقتصادي بين دول الخليج في انطلاقته التي تستهدف الوصول إلى محطة الوحدة الاقتصادية. ومر منذ هذه الانطلاقة بمرحلتين حققتا تمامهما، وهناك مرحلتان أخريان.
فأما المرحلتان اللتان تحققتا فهما:
1 ـ منطقة التجارة الحرة.
2 ـ الاتحاد الجمركي.
وأما المرحلتان الأخريان:
3 ـ السوق الخليجية المشتركة
4 ـ الاتحاد النقدي
1 ـ منطقة التجارة الحرة: بدأت هذه المنطقة اعتباراً من مارس 1983، وساعدت على حرية انتقال السلع الوطنية بين دول المجلس دون رسوم جمركية ومعاملتها معاملة السلع الوطنية، وذلك طبقا للاتفاقية الاقتصادية الموحدة.
وفي هذه المرحلة تم السماح لمواطني دول التعاون بمزاولة التجارة في أي دولة عضو laquo;انظر الرسم البياني الخاص بإجمالي عدد التراخيص الممنوحةraquo; وتم السماح للمؤسسات والوحدات الانتاجية بفتح مكاتب لها للتمثيل التجاري، واستيراد وتصدير السلع دون الحاجة إلى وكيل محلي، وإقامة مركز للتحكيم التجاري في البحرين عام 1990. لفض المنازعات.
وظلت منطقة التجارة الحرة سارية المفعول حتى الأول من يناير 2003، وخلال فترة العشرين عاما ارتفع حجم التبادل التجاري بين دول المجلس من ستة مليارات دولار عام 1983 إلى نحو العشرين مليار دولار بنهاية عام 2002، أي بما يزيد على الثلاثة أضعاف laquo;الأمانة العامة لدول مجلس التعاون ـ المسيرة والإنجاز ـ الطبقة الثانية 2007raquo;.
2 ـ الاتحاد الجمركي: مثل هذا الاتحاد المرحلة الثانية في بناء الوحدة الاقتصادية الخليجية. ووفقا للاتفاقية الاقتصادية لعام 2001. فقد بدأ العمل بهذا الاتحاد في يناير 2003 خلفا لمنطقة التجارة الحرة.
وكان المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون في القمة الثالثة والعشرين المنعقدة، بدولة قطر يومي 21 و 22 ديسمبر 2002 قد أقر قيام الاتحاد الجمركي وأقر أيضا الإجراءات والخطوات التي اتفقت عليها لجنة التعاون المالي والاقتصادي المكونة من وزراء المالية والاقتصاد في دول المجلس. وتمثلت الإجراءات والخطوات في تطبيق الاتحاد على ثلاث مراحل.
المرحلة الأولى: بدأت من يناير 2003 واستمرت حتى نهاية ديسمبر من نفس العام وتم خلالها الغاء إجراءات التصدير وإعادة التصدير والعبور في المراكز الجمركية البينية في الدول الأعضاء.
المرحلة الثانية: بدأت من يناير 2004 حتى نهاية ديسمبر من نفس العام. وركزت هذه المرحلة على تدعيم روابط إقامة الاتحاد وتعزيزه.
المرحلة الثالثة: بدأت مع يناير 2005 ويستمر العمل بها حتى نهاية ديسمبر 2007، وتم فيها إلغاء المهام الجمركية للمراكز البينية للدول الأعضاء.
ومع انتهاء عام 2007 فإن دول الخليج تكون قد تحولت إلى منطقة جمركية واحدة وهو ما يعني أنها منطقة laquo;تستبعد فيها الرسوم والضرائب الجمركية واللوائح والإجراءات المقيدة للتجارة بين دول الاتحاد، وتطبق فيها رسوم ضرائب جمركية ولوائح تجارية وجمركية موحدة تجاه العالم الخارجيraquo; laquo;من دراسة إجراءات وخطوات تطبيق الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون ـ الأمانة العامة للمجلس 2003raquo;.
ووفقا لهذا التطور فإن المنطقة تخضع لتعرفة جمركية موحدة تجاه العالم الخارجي، ونظام جمركي موحد يتم فيها توحيد النظم والإجراءات الجمركية والمالية والإدارية الداخلية المتعلقة بالاستيراد والتصدير وإعادة التصدير، وانتقال السلع بين دول المجلس دون قيود جمركية أو غير جمركية، ومعاملة السلع المنتجة في أي من دول المجلس معاملة المنتجات الوطنية.
وقد أثمر تأسيس الاتحاد الجمركي في تحقيق عدة فوائد مثل تقليل الصعوبات والقيود التي تواجه انتقال السلع، وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد وانسياب التجارة. ودعم القوى التفاوضية لدول المجلس مجتمعة والحصول على شروط أفضل من الشركاء التجاريين الخارجيين.
هذا بالإضافة إلى زيادة حجم التجارة البيئية لدول الأعضاء حيث ارتفع حجم التبادل التجاري منذ تطبيق الاتحاد الجمركي في يناير 2003 ضمن نهاية عام 2005 إلى 34 مليار دولار، وهو أعلى قيمة لإجمالي حجم التجارة البينية بين دول المجلس يتم تحقيقها منذ تأسيس مجلس التعاون عام 1981 laquo;انظر جدول رقم 1raquo;.
3 ـ السوق الخليجية المشتركة: في القمة السادسة والعشرين لقادة دول مجلس التعاون الخليجي المنعقدة في 18 و19 ديسمبر 2005، وجهت القمة بسرعة استكمال جميع متطلبات السوق الخليجية المشتركة قبل نهاية عام 2007.
وفي القمة الثامنة والعشرين التي سميت بـ laquo;قمة التكاملraquo; والتي انعقدت في الدولة يومي 3 و4 ديسمبر 2007 اقر القادة إطلاق السوق الخليجية المشتركة في مطلع يناير 2008، والإبقاء على موعد الاتحاد النقدي.
وتنفيذاً لهذا القرار فإن الدول الخليجية صارت جاهزة للتحول إلى السوق المشتركة ايذانا باكتمال تحقق المواطنة الخليجية، اذ ستسمح السوق لمواطني دول المجلس بممارسة معظم النشاط الاقتصادي والمهن والحرف والتجارة، وتملك العقار (جدول رقم (2)، واسهم الشركات (جدول رقم 3) وتحقيق المساواة في المعاملات الضريبية، والتأمينات الاجتماعية، والتعليم والخدمات الصحية، وفي الحصول على القروض الصناعية.
وتعني هذه الخطوة تحول دول الخليج إلى كيان اقتصادي عملاق ينضم إلى الكيانات الاقتصادية العملاقة، اذ يبلغ إجمالي الناتج القومي لدول مجلس التعاون نحو 597 مليار دولار (2005). كما تتمتع شعوب دول المجلس بارتفاع مستوى المعيشة، اذ يبلغ متوسط الدخل الفردي 14090 دولارا (2004)، وهو ما يعني وجود سيولة قادرة على ازدهار السوق المشتركة على مستوى الأفراد.
يضاف إلى ذلك أن دول المجلس لاعب قوي في سوق الواردات، اذ يبلغ حجم مستورداتها نحو 152 مليار دولار، وهو ما يحول دول المجلس إلى مفاوض قوي في السوق العالمية، خاصة وإن إجمالي الصادرات يصل إلى 244 مليار دولار.
ومن المخطط له ان يؤدي قيام السوق المشتركة إلى زيادة سرعة معدلات النمو الاقتصادي، وارتفاع مستوى التشغيل والإنتاج، وجذب الاستثمارات وزيادة ازدهار الأوضاع الاقتصادية للدول الأعضاء.
4 ـ الاتحاد النقدي والعملة الموحدة: يعتبر الاتحاد النقدي الخطوة الأخيرة نحو الوحدة الاقتصادية، فانطلاق اليورو كان الرمز لانطلاق الوحدة الأوروبية إلى العلن عمليا. وطبقاً للقرارات الصادرة عن قمة الدوحة 2007 فقد أقر القادة الخليجيون اطلاق العملة الموحدة عام 2010. وكلفت القمة وزراء المالية ومحافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية بوضع برنامج مفصل لاستكمال جميع متطلبات الاتحاد النقدي ورفعه إلى الدورة المقبلة للقمة (29).
ويعود حلم العملة الموحدة إلى عام 1981، منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي، حيث تنبهت دول المجلس مبكراً، ونصت على ذلك في الاتفاقية الاقتصادية الموحدة (1981) على ضرورة تنسيق السياسات المالية للدول الأعضاء، ومن ثم أنشأت في عام 1983 في إطار المجلس لجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية لتحقيق الأهداف النقدية والمالية،
ومن أجل ذلك أيضاً أنشأت في عام 2002 لجنة الاتحاد النقدي، ثم في عام 2005 اعتمدت القمة السادسة والعشرون المعايير المالية والنقدية لتحقيق التقارب الاقتصادي التي أنفقت عليها laquo;لجنة التعاون المالي والاقتصادي، ولجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزيةraquo;.
ولعل ما يساعد على إتمام الاتحاد النقدي في موعده المقرر في قمة الدوحة هو امتلاك دول الخليج لبنية مصرفية قوية متمثلة في شبكة مصرفية حديثة في كل دولة وفيما بين بعضها البعض (جدول رقم (4).
هذا إلى جانب توافر سيولة من الاحتياجات النقدية قادرة على تحقيق غطاء حماية للعملة الموحدة في حال صدورها، وحمايتها من أية هزات أو أزمات سيولة طارئة، اذ تبلغ الاحتياطات النقدية لدول الخليج نحو 365 مليار دولار. ومن المتوقع ان تتجاوز هذه الاحتياطيات 445 مليار دولار عام 2008.
لكن التحدي الأكبر الذي قد يواجه إصدار العملة الموحدة واستقرارها هو الارتباط بالدولار، ذلك الارتباط الذي أثر سلباً على قوة ومكانة معظم العملات الخليجية في العامين الماضيين (2006 ـ 2007) فمنذ أن وافق قادة دول مجلس التعاون في قمتهم التي عقدت بالبحرين عام 2000 على تبني الدولار الأميركي كمثبت للعملات الخليجية، لم تواجه تلك العملات اياما عصيبة جراء هذا الارتباط الا مؤخراً،
مع تخفيض الولايات المتحدة قيمة عملتها لأسباب مالية واقتصادية تتصل بها هي. فقد جر هذا التخفيض مع العملات الخليجية عواقب سيئة من حيث تراجع قيمتها، وتراجع القوة الشرائية، وانعكاس ذلك على ارتفاع معدل التضخم، وزيادة الإنفاق على سبيل الادخار، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، مما أثر سلبا على مستويات المعيشة بدول مجلس التعاون .
وقد ارتفعت الاصوات تدعو إلى فك الارتباط بالدولار للخروج من هذا المأزق، وهو ما تتفق عليه وزارات المالية والاقتصاد الخليجية ومحافظو مؤسسات النقد والبنوك المركزية. ولكن رغم صعوبة هذا التحدي وخطورة استمرار آثاره السلبية على الاقتصادات الخليجية،
فقد يكون هو المحفز لإصدار العملة الخليجية الموحدة في موعدها 2010، لان هذه العملة لن تحتاج آنذاك إلى المثبت الدولاري أو غيره، اذ ستطرح نفسها كعملة إقليمية وعربية ودولية، وربما تفوق الدولار في قوتها آنذاك.
مجلس التعاون لدول الخليج العربية
* التعريف:
مجلس التعاون لدول الخليج العربية منظمة سياسية اقتصادية اجتماعية إقليمية حسب المبادئ والأهداف التي حددها نظامه الأساسي، فمجلس التعاون يمثل تنظيماً تعاونياً إقليميا بين دول الخليج العربية في مواجهة التحديات التي فرضتها الظروف المحيطة بالمنطقة.
وتشمل مجالات عمله جوانب الاقتصاد والسياسة والأمن والثقافة والصحة والإعلام والتعليم والشؤون التشريعية والإدارية والطاقة والصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية.
في الرابع من فبراير 1981م اجتمع وزراء خارجية الدول الست في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية .وقد جاء في نص البيان الذي صدر بعد الاجتماع (إن الوزراء اتفقوا على إنشاء مجلس للتعاون بين دول الخليج العربية وتكوين أمانة عامة لهذا الهدف
وعقد اجتماعات دورية على مستوى القمة وعلى مستوى الوزراء وصولاً الى الغايات المرجوة لهذه الدول وشعوبها في جميع المجالات) وفي 25 مايو 1981م عقد المؤتمر الأول لقمة دول مجلس التعاون الخليجي في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة وما زالت مؤتمرات القمة تعقد مرة كل عام.
* الأهداف:
1 تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً الى وحدتها.
2 _ تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات.
3 _ وضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين بما في ذلك الشؤون الآتية :
أ ـ الشؤون الاقتصادية والمالية.
ب ـ الشؤون التجارية والجمارك والمواصلات.
ج ـ الشؤون التعليمية والثقافية.
د ـ الشؤون الاجتماعية والصحية.
هـ ـ الشؤون الإعلامية والسياحية.
و ـ الشؤون التشريعية والإدارية.
4 _ دفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية وإنشاء مراكز بحوث علمية وإقامة مشاريع مشتركة وتشجيع تعاون القطاع الخاص بما يعود بالخير على شعوبها.
* الأجهزة
يتكون مجلس التعاون من الأجهزة الرئيسية التالية :
1 - المجلس الأعلى: وتتبعه هيئة تسوية المنازعات، وهو السلطة العليا للمجلس، ويتكون من رؤساء الدول الأعضاء، وتكون رئاسته دورية حسب الترتيب الهجائي لأسماء الدول، ويجتمع في دورتين اعتيادية وتشاورية كل سنة ويجوز عقد دورات استثنائية، ويعقد المجلس الأعلى دوراته في بلدان الدول الأعضاء،
وللمجلس تكوين هيئة لتسوية المنازعات من مواطني الدول الأعضاء غير الأطراف في النزاع الذين يرى المجلس اختيارهم على ألا يقل عددهم عن ثلاثة، وتختص بالنظر في المنازعات بين الدول والخلافات حول تفسير أو تطبيق النظام الأساسي للمجلس.
2 - المجلس الوزاري : يتكون المجلس الوزاري من وزراء خارجية الدول الأعضاء أو من ينوب عنهم من الوزراء، وتكون رئاسته للدولة التي تولت رئاسة الدورة العادية الأخيرة للمجلس الأعلى، وعند الاقتضاء للدولة التالية في رئاسة المجلس الأعلى، ويعقد المجلس الوزاري اجتماعاته مرة كل ثلاثة أشهر ويجوز له عقد دورات استثنائية، ويعتبر انعقاده صحيحاً بحضور ثلثي الدول الأعضاء.
3 - الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون : قرر المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته الثامنة عشرة المنعقدة في دولة الكويت في ديسمبر 1997م، بإنشاء هيئة استشارية للمجلس الأعلى تضم ثلاثين عضوا، (خمسة أعضاء من كل دولة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد)، وعقدت الهيئة اجتماعها الأول في دولة الكويت في شهر نوفمبر 1998م.
4- الأمانة العامة : تتكون من أمين عام يعاونه أمناء مساعدون وما تستدعيه الحاجة من موظفين. ويقع مقرها الرسمي في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية وتتكون من القطاعات التالية :
مكتب الأمين العام،وقطاع الشؤون السياسية، قطاع الشؤون الأمنية، قطاع الشؤون الاقتصادية،
قطاع الشؤون العسكر،قطاع شئون الإنسان والبيئة، قطاع الشؤون القانونية،قطاع الشؤون المالية والإدارية،مركز المعلومات، الشؤون الإعلامية،وحدة الرقابة الداخلية،المكتب الفني للاتصالات بمملكة البحرين، بعثة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في بروكسل،مكتب براءات الاختراع لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مكتب الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون بسلطنة عمان،مكتب الأمانة الفنية لمكافحة الإغراق.
السكان والمساحة
يتكون المجلس من ست دول هى: دولة الإمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، المملكة العربية السعودية، سلطنة عمان، دولة قطر، دولة الكويت. وتقع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بين خطي عرض 15 الى 35 شمال خط الاستواء وبين خطي طول 35 الى 60 شرق جرينتش.
ويبلغ عدد سكان دول المجلس (5. 33) مليون نسمة حسب بيانات 2005م. وتبلغ الكثافة السكانية نحو 5. 12 نسمة لكل كيلو متر مربع. وتقدر المساحة الإجمالية لدول المجلس بـ (000. 667. 2) كم2 حسب بيانات 1998م.
مجلس التعاون في أرقام
* إجمالي الناتج المحلي: 597 مليار دولار 2005م
* نصيب الفرد: 14090 دولار(2004م)
* إجمالي التجارة الخارجية : 396 مليار دولار
* الصادرات: 244 مليار دولار
* الواردات: 152 مليار دولار
* الاحتياطي النفطي : 484 مليار برميل 2004م
* إلى الاحتياطي العالمي : 44%
* احتياطي الغاز: 41197 مليار متر مكعب 2004م
* إلى الاحتياطي العالمي : 24%
التعليقات