كلية دبي للإدارة الحكومية تدعو القطاع الخاص لتحمل المسؤولية

دبي ـ محمد بيضا

أكد طارق يوسف عميد كلية دبي للإدارة الحكومية أن نتائج الدراسة التي أعدتها الكلية مع مركز ولفنسون للتنمية أظهرت بأن نسبة الشباب العاطلين عن العمل في الإمارات هي الأقل في الدول العربية إذ بلغت 7. 3% فيها من اجمالي عدد السكان مقارنة مع 3. 21% في الجزائر و2. 10% في الضفة وقطاع غزة.

وأشار إلى أن نسبة البطالة بين الشباب إلى البطالة بين الراشدين في الإمارات تصل إلى 7. 5%، أما نسبة البطالة بين الشباب أنفسهم فتصل إلى 7. 7% وهي النسب الأقل مقارنة بدول عربية أخرى. وقدر عدد العاطلين عن العمل في الدولة بحوالي 19 ألفاً مقارنة بـ 2. 1 مليون في مصر، و 131 ألفا في الأردن و466 ألفا في المغرب و 205 آلاف في تونس.وقال طارق يوسف إن المنطقة العربية تواجه laquo;تضخماًraquo; في عدد فئة الشباب لم يسبق له مثيل، إذ يوجد (100) مليون شاب عربي ما بين سن 15 و29 عاماً يمثلون 30% من إجمالي عدد السكان، وفي الوقت الذي تصل فيه نسبة البطالة العالمية بين الشباب إلى 14% تصل في الشرق الأوسط إلى 25% وهي أعلى من أي منطقة جغرافية في العالم.

ودعا دول المنطقة إلى أن تحذو حذو الكثير من الاقتصادات الآسيوية التي استفادت من النمو السريع لليد العاملة فيها وانتهزت فرص ارتفاع عدد الشباب، لأن هذه النافذة السكانية ستغلق بحلول 2045.

إدماج الشباب

ويبقى السلاح الأقوى في القضاء على الفقر هو تحسين الصحة والتعليم الأساسيين. خلافاً للعديد من الدول النامية، لقد خطا الشرق الأوسط خطوات عملاقة في هذا الصدد. على مدى العقدين الماضيين، استثمرت دول الشرق الأوسط في التعليم والصحة مما أسهم بخفض نسبة الفقر بشكل كبير.

والواقع أنه خلال هذه الفترة، تمكن الشرق الأوسط من زيادة نسبة الالتحاق بالتعليم الابتدائي والثانوي بوتيرة أسرع من تلك المسجلة في المناطق النامية الأخرى في العالم. والآن تواجه المنطقة تحدياً تنموياً جديداً ألا وهو كيفية خلق فرص اقتصادية واجتماعية للمواطنين الشباب ترقى إلى مستوى تعليمهم وتوقعاتهم.

وهذا هو تحدي إدماج الشباب الذي يعرف بأنه خلق الفرص التي تسمح للشباب بالمشاركة بشكل كامل في أدوار ونشاطات محددة مسبقاً بحسب المعايير المعتمدة. وتتضمن الأدوار والنشاطات تلك الحصول على تعليم ذي جودة عالية ووظيفة كريمة وسكن في متناولهم والقدرة على رسم معالم المجتمعات التي يعيشون فيها.

وفي منطقة تعرف الكثير من التحديات الاقتصادية والسياسية، غالباً ما يترافق وجود عدد كبير من الشباب والشابات مع توقعات عن بروز اضطرابات اجتماعية وغياب الاستقرار. في مناخ ما بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر، اعتبر خبراء السياسات الخارجية والتنمية أن الشباب هم المجموعة الأكثر عرضة للمشاركة في أعمال العنف والتطرف. ووجهة النظر هذه أكثر انتشاراً في الشرق الأوسط.

الهبة السكانية: فرصة غير مسبوقة

قد يعزى ارتفاع عدد الشباب غير المسبوق في الشرق الأوسط إلى تراجع نسبة الوفاة وزيادة في نسب الخصوبة بين عامي 1970 و2000. وفي عام 1985، كانت حصة كبيرة من السكان في المنطقة تتراوح أعمارهم بين صفر و10 سنوات وهو ما كان يظهر جلياً في هرم السكان ذي القاعدة الواسعة.

بحلول عام 2005، كان شباب دول الشرق الأوسط يشكلون نسبة كبيرة وهي وصلت إلى ذروتها أو سوف تصل إليها في غضون السنوات الخمس أو العشرة القادمة في معظم دول المنطقة. يتعين على اقتصادات الشرق الأوسط أن تحذو حذو الكثير من الاقتصادات الآسيوية التي استفادت من النمو السريع لليد العاملة فيها وانتهزت الفرص من ارتفاع عدد الشباب.

هذا التوقيت دقيق، لأن هذه النافذة السكانية، أي وجود فئة كبيرة من السكان في سن العمل ونسبة منخفضة من التبعية، يتوقع أن تغلق مع حلول عام 2045. إلى ذلك الحين، يمكن المنطقة أن تستفيد من هذه الظروف وتزيد دخل الفرد وتحسن الرفاه الاجتماعي. إلا أنه، كما يظهر الوضع في الشرق الأوسط، فإن زيادة في السكان في سن العمل لا يترجم دائماً إلى عوائد.

ولا يستفيد الشرق الأوسط تماماً من نسبة الإعالة المتراجعة المسجلة لديه. ويتم احتساب نسبة الإعالة laquo;الفعليةraquo; في دولة ما من خلال مقارنة عدد السكان غير العاملين مع السكان العاملين. عادةً، عندما تكون نسب الإعالة في دولة ما منخفضة فهي تتمتع بإمكانيات أكبر لتحقيق نمو أعلى وادخار أكثر. لكن، عام 2005، وبسبب المشاركة المنخفضة ونسب البطالة المرتفعة، وصلت نسبة الإعالة الفعلية في الشرق الأوسط إلى 19. 2 مقارنة مع نسبة إعالة تساوي 59. 0.

مزايا سوق العمل

إذا ما تمكنت المنطقة، قبل عام 2025، من التوصل إلى مزايا سوق العمل التي كانت سائدة عام 2000 في شرق آسيا، يمكنها أن تخفض نسبة الإعالة الفعلية إلى 96. 0. خلافاً لذلك، إذا استمرت نتائج سوق العمل الحالية، لن تنخفض نسبة الإعالة الفعلية في المنطقة دون 2 بحلول عام 2025. وهكذا سوف يتم هدر العوائد الديمغرافية في المنطقة.

وكل هذه المسائل تشدد على أهمية سياسات قوية لإدماج الشباب. إن كانت نسب مشاركة الشباب سوف ترتفع من 30% إلى 67% في السنوات العشرين القادمة (على غرار نسب مشاركة القوة العاملة الشابة في شرق آسيا عام 2005) وإن كانت بطالة الشباب سوف تنخفض إلى نصف النسب الحالية، سوف تنخفض نسبة الإعالة الفعلية في المنطقة إلى دون 5. 1 بحلول عام 2025.

سوف يحدث ذلك حتى في غياب أي تغيير في نتائج سوق عمل الراشدين. يمكن للشرق الأوسط تعزيز العوائد الديمغرافية من خلال سياسات تسعى إلى زيادة عدد الشباب المنتجين اقتصادياً.

ارتفاع توقعات الشباب

وفي القرن الحادي والعشرين، يقضي الشاب العادي في الشرق الأوسط حوالي 8 سنوات كمعدل في التعلم تلي ذلك فترة من البطالة أو laquo;الانتظارraquo; قد تدوم عدة سنوات. في هذه الفترات، تصبح السبل إلى حياة مستقلة صعبة التنبؤ وبعيدة (المنال).

بطبيعة الحال، إن الانتقال إلى مرحلة الرشد يتبدل بين الرجال والنساء وبين المناطق الريفية والمدن. فالخصائص الاقتصادية والسياسية والثقافية المحلية توجد ظروفاً فريدة يصل الشباب في ظلها إلى مرحلة الرشد.

لكن، بشكل عام، بالنظر إلى التجارب عبر الدول، نرى أن الانتقال إلى الرشد يستغرق وقتاً أطول وأن الشباب يأخذون قرارات حاسمة في حياتهم بشأن التعليم والوظيفة والزواج في مناخ لا ينفك يزداد تعقيداً ويتغير بسرعة كبيرة.

إن فرص التعليم المتزايدة ترفع من سقف توقعات الشباب. في العقود الثلاثة الماضية، زاد الالتحاق بالمدارس الثانوية ثلاثة أضعاف. وقد أدى تحسين التعليم الابتدائي والثانوي إلى المزيد من التوقعات للالتحاق بالتعليم العالي إلا أن 25 % فقط من شباب المنطقة يحققون هذه التطلعات (انظر الحالة الدراسية الخاصة بإيران الإطار رقم 4 للحصول على بيانات تقسيم التعليم).

كما أن تحسين مستويات التعليم لم يوفر المزيد من الفرص الاقتصادية. والواقع أن التحسينات في التعليم قد ظهرت في فترة إصلاح اقتصادي بطيء مما أسهم في مستويات بطالة مرتفعة. قد استفادت الأجيال السابقة من عقد اجتماعي بقيادة الدولة مما أمن وظائف في القطاع العام ووفر الحماية للعمال.

لكن الجيل الحالي يواجه تحدياً مضاعفاً: لم تعد مؤسسات الدولة قادرة على الاستجابة إلى توقعاته من الوظيفة ومن الحماية الاجتماعية في حين تبقى وظائف القطاع الخاص حقيقة صعبة المنال.

كما أن تقدم الاتصالات ووسائل الإعلام تسهل تواصل الشباب بين بعضهم واطلاعهم على المعايير الدولية مما يرفع مستوى توقعاتهم تجاه الاستهلاك ومستويات العيش ويولد حساً جديداً بالاستبعاد.

يجد الشباب أنفسهم أيضاً في قلب تغييرات سياسية تؤثر في دول المنطقة. وهم يلعبون دور العنصر المغير في بعض الدول التي تتوجه نحو أنماط سياسية أكثر انفتاحاً. ومن خلال انتشار المجتمع المدني وظهور حركات اجتماعية وبيئية محلية، يتوقع من الشباب والشابات أن يكون لهم أثر أكبر في رسم معالم مجتمعاتهم.

ويشكل هذا تحدياً وفرصة لنشر صوت الشباب كي يكون لجهودهم أثر إيجابي على مجتمعاتهم. اقتصرت مشاركة الكثير من المجموعات الشبابية على المشاركة في مجموعات وهيئات دينية. يجب الاستجابة إلى التوقعات المتزايدة الظاهرة في هذه النزعات.

علاوة على ذلك، سوف تأتي المجموعة الكبيرة من الشباب دون سن الخامس عشرة قريباً بتوقعات وتطلعات جديدة. بغية الاستجابة إلى تلك التوقعات، نحتاج إلى معرفة أوسع عن وقع التغييرات الاجتماعية والاقتصادية على حياة الشباب وأثرها على العلاقات بين الأجيال.

علينا تخطي التحليل التشخيصي ومعرفة المزيد عن فعالية سياسات وبرامج الشباب. على غرار معظم السكان في الشرق الأوسط، يتعين على الشباب لعب دور مركزي بصفتهم حجر الأساس للسياسات والإجراءات.

في فترة الانتظار، يفتقد الشباب إلى المعلومات عن وجهتهم وإلى تصور واضح لما يحمل لهم المستقبل. عندما يترافق الانتظار مع الشك، يقوم الشباب بإضاعة الوقت بدلاً من الاستفادة إلى أقصى حدّ من فترات الانتقال.

النشأة والصعاب

اليوم وعلى الرغم من نمو اقتصادي أقوى، يعجز الشباب عن المشاركة بشكل كامل في نشاطات يعتبرونها جزءاً لا يتجزأ من الحياة المرضية بنظرهم. ويعاني الشباب من استبعاد بأشكال مختلفة: ضعف نفاذهم إلى نظم التعليم ذات الجودة العالية وفترات طويلة من البطالة وعمل غير منتج وذات جودة متدنية وضرورة تأجيل خطط الاستقلال عن الأهل بسبب ارتفاع كلفة تكوين عائلة.

هناك مناطق قليلة في العالم تستثمر في تعليم شبابها كما يفعل الشرق الأوسط. يصل معدل الإنفاق على تلميذ في التعليم الابتدائي إلى حوالي 1500 دولار في الشرق الأوسط مقارنة مع 1245 دولاراً في شرق آسيا. في حين يصل معدل الإنفاق على تلميذ في التعليم الثانوي إلى حوالي 1940 دولاراً مقارنة مع 1580 في شرق آسيا.

لكن، كما تظهر دراسة حالة الدول الأربع الإطار رقم 4 يبقى مستوى التعليم متدنٍ رغم الاستثمار فيه. قد فشل التعليم المبكر إلى حدّ بعيد في تزويد الشباب دون سن الخامسة عشرة بمهارات حيوية خلال سنوات تدريبهم. علاوة على ذلك، يفشل التعليم الثانوي والعالي في تزويد الشباب.

بالمهارات والمعرفة التي يحتاجون إليها للنجاح في سوق العمل إن شوائب سوق العمل الإقليمي تؤثر بشكل متفاوت على الشباب. فاحتمال البطالة بالنسبة إلى الشباب يفوق احتمال بطالة الراشدين بـ 5. 3 مرات.

تصل مستويات البطالة الحالية في المنطقة إلى حوالي 25% ويشكل لنا حتى عن أول وظيفة لهم، غالباً ما يتراوح عمرهم بين 15 و24 سنة، 50% من العاطلين عن العمل وهي أعلى نسبة إقليمية مسجلة في العالم.

ويواجه الشباب الذين يحملون شهادات ثانوية وما بعد ثانوية تحديات خاصة بهم. وتعتبر فترات بطالة الشباب من بين حاملي الشهادات الجامعية أو تدريب مهني طويلة نسبياً. في المغرب تصل إلى ثلاث سنوات. في مصر إلى سنتين ونصف.

وكان حاملو الشهادات الثانوية مخولين للحصول على وظيفة في القطاع العام مما يضمن لهم أمناً وحماية اجتماعية مدى الحياة. اليوم، أصبحت الشهادات الثانوية، في أفضل الحالات، تضمن وظيفة غير رسمية مقابل أجر وهو ما يعكس تدهوراً جذرياً في شهادات التعليم وبالتالي قد أدى إلى سخط عام بين المتعلمين.

بطالة الشباب مقارنة مع بطالة الراشدين

إن القطاع الخاص مقيد بغياب مناخ يجذب الشركات. كما أن الوظائف في القطاع الخاص غالباً ما تفتقد إلى مخصصات حيث يتم استخدام العاملين الشباب لفترات زمنية وجيزة أو حتى من دون عقد عمل.

أما الشابات فهن اللواتي يعانين أكثر في بحثهن عن عمل وهن يعاقبن بسبب عمرهن وجنسهن. يظهر الشكل رقم 5 أن 30% فقط من النساء في سن العمل يشاركن في سوق العمل ونسبة أقل بكثير منهن قد وظفن.

على الرغم من مستويات التعليم المتزايدة، نصف النساء اللواتي يحملن شهادات جامعية يدخلن سوق العمل مقارنة مع ثلث أو ربع اللواتي يحملن شهادات ما بعد ثانوية أو شهادات تعليم أساسي وتقني. أضف إلى ذلك، أن اللواتي ينجحن في الانتقال إلى العمل يبقين عالقات في وظائف برواتب منخفضة في القطاع الخاص الرسمي أو غير الرسمي ويواجهن فترات laquo;انتظارraquo; أطول ويحصلن على رواتب أقل من رواتب الرجال.

العمل وتكوين العمل

تشير الأدلة الأولية إلى أن عدداً متزايداً من الشباب يؤخرون موعد زواجهم. منذ جيل مضى، كان الزواج مبكراً وشاملاً 63% من رجال الشرق الأوسط في منتصف العشرينات كانوا متزوجين. اليوم، في الشرق الأوسط، 50% ونيف من الرجال بين سن 25 و29 متزوجين. في إيران، 38% من الرجال بين سن 25 و29 غير متزوجين

وهي واحدة من أعلى نسب الرجال غير المرتبطين في العقدين الماضيين. اليوم، يتزوج الرجل المغربي في سن 32 عاماً، أي بعد 7 سنوات من سن زواج الجيل السابق. سن الزواج في مصر هو 31 عاماً. وتعكس هذه الأرقام نسب الزواج الأكثر انخفاضاً في المناطق النامية. وتأتي آسيا في مقدمة السباق على الزواج مع 77% من الشباب متزوجين وتليها أميركا اللاتينية مع 69% وأفريقيا مع 66 %.

هذه التغييرات هي بمثابة الخبر المفرح لواضعي السياسات الذين يعتبرون أن الزواج المبكر يأتي على حساب تعليم النساء وتوظيفهن. إلا أن التأخير في الزواج يولد صعوبات اجتماعية واقتصادية جديدة لأنه يؤجل حصول الشباب على استقلاليتهم. كما أنه يطرح تساؤلات جديدة عن السياسات (الإطار رقم 5).

وعندما تتخلف التقاليد الثقافية والتوقعات الاجتماعية التي تحيط بالزواج وحفل الزفاف عن التأقلم مع الأوقات المتغيرة، يجد الشباب أنفسهم أمام حائط مسدود. تؤدي الأعباء المالية المتوقعة إلى تأخير الزواج.

أولاً، لا تنفك تكاليف حفل الزفاف تزيد في الشرق الأوسط وهي تقع أساساً على عاتق العريس. بالنسبة إلى الموظفين في مصر، تصل كلفة الزفاف إلى 43 شهراً من مجمل دخل العريس ووالده. بالنسبة إلى أفقر الموظفين، يتعين على العريس ووالده. أن يدخروا كامل دخلهم لمدة 88 شهراً أو أكثر من سبع سنوات.

وبما أن عدداً متزايداً من الأزواج يرغب في الحصول على منزل مستقل بعد الزواج، تشكل كلفة السكن عنصراً آخر يسهم في تأخير تكوين العائلة. يتعين على أفقر الموظفين أن ينفقوا ما يساوي خمس سنوات من مدخراتهم على الأقل لشراء منزل (الشكل رقم 7). إذاً، بسبب كلفة الزفاف، قد يستغرق الانتقال من العزوبية إلى رب عائلة 12 عاماً.

المستقبل: ازدهار جديد، أفق جديد

بفضل الطفرة النفطية الأخيرة، يعرف الشرق الأوسط فترة من النمو الاقتصادي المرتفع. لقد ارتفع إجمالي الناتج المحلي الفعلي للفرد بحوالي 0. 4% سنوياً بين 2004 و2006. وقد كان هذا الارتفاع يساوي 6. 2% بين 2000 و2004 بعد أن كان يساوي 7. 1 في التسعينات. والواقع أن أداء النمو المسجل في المنطقة عام 2006 كان الأفضل منذ ثلاثة عقود.

ويبقى السؤال إن كانت الطفرة الحالية قادرة على حل أزمة البطالة وإعطاء الشباب سبباً للتفاؤل بمستقبلهم. قد زاد خلق الوظائف في حين أن البطالة في طور التراجع يبن عامي 2000 و2005، انخفضت نسبة البطالة المجملة في المنطقة من حوالي 14% إلى 9. 10% وهو ما قلّص الهوة بين الشرق الأوسط ومناطق نامية أخرى.

وأصبحت دول الشرق الأوسط الآن في موقع أفضل يسمح لها بالتعامل مع ضغوط سوق العمل، فنمو الوظائف قد تخطى نمو القوة العاملة لأول مرة منذ عقدين. علاوة على ذلك، قد تحول القطاع الخاص إلى محرك أساسي في نمو الوظائف بفضل ارتفاع الاستثمارات المحلية والأجنبية فيه.

لكن، بسبب عدم قدرة أسواق العمل على استيعاب الأعداد المتزايدة من العمال، فإن آثار النمو الاقتصادي تتلاشى. بين عامي 2000 و2005، كان معدل نسبة النمو السنوي لليد العاملة في المنطقة يصل إلى 6. 3% سنوياً. بين عامي 2005 و2010، يتوقع أن تنخفض معدلات النمو هذه لتصل إلى 1. 3% وهي نسبة تبقى أعلى من أغلبية المناطق النامية الأخرى.

ويعتبر الشباب الدافع الأساسي لنمو القوة العاملة المرتفع ومن الضروري أن يستفيدوا من الزيادة الأخيرة في الوظائف على الأقل مثل مجموعات العمر الأخرى. يتعين على واضعي السياسات أن يزيدوا من الفرص المتاحة أمام الشباب من خلال رفع ثلاثة تحديات أساسية ومترابطة:

اكتساب فهم أعمق للسياق سريع التبدل الذي يترعرع فيه الشباب عبر دول الشرق الأوسط.

التركيز على نوعية الوظائف وعلى عددها. تخطي المسائل المتعلقة بالعمل لمعالجة الحواجز الهامة التي تعيق إدماج الشباب مثل إمكانية حصولهم على سكن في متناول إمكاناتهم والمشاركة المدنية.

الاستثمار في المعرفة للتغيير

هناك تفاوت ملحوظ في أداء اقتصادات الشرق الأوسط ضمن مناطقه الفرعية خاصة لجهة إمكانات الوظيفة بالنسبة إلى الشباب (الجدول رقم 1). قد نجحت بعض الاقتصادات النفطية في المنطقة أكثر من غيرها في استخدام عوائد النفط في خلق الوظائف.

إن إيران التي تعرف نسبة نمو في اليد العاملة تساوي 3. 4 %وهي الأعلى في المنطقة تمكنت من تخفيض نسبة البطالة لديها من 3. 14% عام 2000 إلى 9. 11 % عام 2005. كما خفضت الجزائر نسبة البطالة بشكل كبير من 30% عام 2000 إلى 15% عام 2006.

أما سوريا فلم تتمكن من مواكبة، فقد شهدت زيادة نسبة نمو اليد العاملة المرتفعة فيها والتي تصل إلى 6. 4 % في البطالة. على غرار ذلك، عجزت مصر، التي ترتكز أقل على الريع النفطي لكنها تعرف انتعاشاً اقتصادياً، عن خلق فرص عمل قادرة على مواجهة نمو اليد العاملة السنوي الذي يساوي 3. 2%.

وقد ارتفعت البطالة من 9% عام 2000 إلى 11%. حتى بوجود مناخ اقتصادي محسّن في معظم الدول، تبقى الإمكانات للعاملين الشباب، خاصة الوافدين الجدد منهم، ضعيفة. ولا تزال معدلات البطالة للشباب بين سن 15و24 عاماً ضعف نسب البطالة في القوة العاملة الإجمالية.

إن تنوع الإمكانات المتاحة ورفع التحديات التي تواجه تفعيل دور الشباب يتطلب صياغة سياسة خاصة لكل دولة. لكن ذلك يتطلب أيضاً تعاوناً أكبر بين الدول بما أن اقتصادات الشرق الأوسط قد عززت استقلاليتها بفضل هذه النزعات ومنها هجرة الشباب.

مثل هذا التنسيق سوف يكون حاسماً في خلق مناخ أكثر مشاركة وإنتاجية وإنصافاً للأجيال الحاضرة والمستقبلية. ويكمن سر نجاح ذلك في الاستثمار لاكتساب فهم أعمق للمراحل الانتقالية للشباب في المنطقة وسد الهوة بين المفكرين والخبراء في الميدان. حتى تاريخه، وبسبب غياب الاستثمار في البحث والتحليل، ترتكز معظم السياسات والبرامج على افتراضات بدلاً من الأدلة الواضحة.

رفع التحدي المزدوج المترافق مع عمل الشباب

يضمن نشر منافع النمو وتيرة أسرع لخلق الوظائف وذلك بغية تلبية حاجات العاملين الشباب. كما أنه يتعين على هذه الوظائف أن تكون ذات جودة تسمح للشباب بتحقيق إمكاناتهم الكاملة وإنجاز أهدافهم في الحياة.

وتشير الدلائل إلى أن المجموعة الحالية من الوظائف الجديدة التي تم خلقها في المنطقة هي مؤقتة وغير رسمية، وهي إما تحبس الشباب في وظائف بخسة الأجر أو أنها تشجعهم على التقدم للحصول على وظيفة في القطاع الخاص.

في مصر، على سبيل المثال، تتحول سوق العمل أكثر فأكثر إلى سوق غير رسمية وتحبس الشباب في وظائف منخفضة الإنتاجية. يظهر الشكل رقم 9 أن حوالي 70% من الوافدين الجدد يحصلون أساساً على عمل غير رسمي وأن 20% منهم فقط يتمتعون بعمل رسمي يشعرهم بالأمان. وتبقى الوظيفة الآمنة أساساً في القطاع العام رغم تراجع دوره بشكل كبير.

باختصار

* جايمز ولفنسون: laquo;ما من مهمة أكثر أهمية من إعطاء أمل لمئة مليون شاب من الشرق الأوسط. فإن القرارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتي نتخذها اليوم سوف تؤثر على فرصهم بالتمتع بحياة منتجة وتحقيق أحلامهم. ولا شك أن اعتماد سياسات فعالة لتفعيل دور الشباب من شأنها أن تمهد الطريق أمام ازدهار جميع شعوب المنطقة في المستقبلraquo;.

* نبيل اليوسف: إن شباب وشابات المنطقة أكثر تعلماً اليوم من أهلهم ويتمتعون بصحة أفضل وهم على صلة وثيقة مع الأسرة العالمية. فشباب الشرق الأوسط ليسوا عبئاً أو عامل خطر بل هم على العكس أساس في تعزيز السلم والازدهار في المنطقة.

* طارق يوسف: laquo;يعتبر المناخ الاقتصادي الملائم في المنطقة فرصة سانحة لإحداث تغيير حقيقي لشباب المنطقة فيحصلون على تعليم يلبي حاجات سوق العمل الحديثة وعلى وظائف ذات جودة عالية تستجيب إلى تطلعاتهم ويستفيدون من سياسات تعزز فرصهم بأن يصبحوا فاعلين اقتصاديين مستقلين. ويتطلب ذلك شراكات ملتزمة طويلة الأمد بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاصraquo;.

* بول داير: laquo;سوف تستفيد مبادرة شباب الشرق الأوسط من الاهتمام المتزايد في إعداد وتطوير الشباب في المنطقة وسوف تسهم في استحداث أفكار جديدة تساعدنا في تفعيل دور الشباب الاقتصادي في المنطقةraquo; .