لبنان: مصر تؤكد أولوية إنتخاب رئيس والحكومة تتهم نصر الله بالسعي إلى فيديرالية

باريس , بيروت ndash; رندة تقي الدين

أغرق فريقا الأكثرية والمعارضة لبنان بالسجال والاشتباك السياسي أمس، مثلما أغرقت الأمطار الغزيرة بعض شوارع بيروت وسدّت زحمة السير الناجمة عنها الطرق، أسوة بانسداد أفق المخارج السياسية لإنهاء الفراغ الرئاسي، بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية.

وفيما أثار ما أعلنه وزير الخارجية السوري وليد المعلم أول من أمس من تفاصيل عن الاتصالات الفرنسية ndash; السورية من أجل إيجاد حلول لانتخاب رئيس للجمهورية ولمطلب المعارضة اللبنانية الحصول على الثلث المعطّل في الحكومة كشرط لإجراء انتخابات الرئاسة، وحديثا الأمين العام لـlaquo;حزب اللهraquo; السيد حسن نصر الله ورئيس laquo;اللقاء النيابي الديموقراطيraquo; وليد جنبلاط التلفزيونيان وبيان زعيم تيار laquo;المستقبلraquo; النائب سعد الحريري رداً على المعلم ردود فعل متفرقة، فإن مصدراً فرنسياً رفيع المستوى في باريس روى لـ laquo;الحياةraquo; تفاصيل من المفاوضات بين باريس ودمشق، قبل تجميد الاتصالات بينهما. واعتبر وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط ان انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان أولوية قصوى خصوصاً ان لا اعتراضات حول شخص المرشح المقترح من الأكثرية... والحديث حول الامور الاخرى يمكن ان يعقب ذلكraquo;.

وكشف مصدر فرنسي آخر هو عضو في فريق وزير الخارجية برنار كوشنير حضر معه لقاءاته في بيروت مطلع الشهر الماضي أن الحريري لم يقبل في أي شكل من الأشكال (اعطاء) الثلث المعطّلraquo; (في الحكومة للمعارضة) خلال اجتماع كوشنير به وبرئيس المجلس النيابي نبيه بري. وأوضح عضو فريق كوشنير تعليقاً على قول الوزير المعلم للجانب الفرنسي ان الحريري وافق على الثلث المعطل ان الحريري أصر في بداية الاجتماعات على رفض بحث أي أمر سوى تعديل الدستور لانتخاب العماد سليمان وأنه حين ألح بري في الاجتماع الاول والثاني على اعلان مبادئ بذلك وبحكومة على أساس 55 في المئة للأكثرية و45 في المئة للمعارضة قال أنه اذا ضمن بري ان laquo;حزب اللهraquo; يوافق أوافق على ان نتحدث باعلان مبادئraquo;. وأوضح المصدر نفسه أنه laquo;لم تكن هناك مشكلة على تعديل الدستور وقانون انتخاب عادل وأن النقطة المتعلقة بحكومة وحدة وطنية نوقشت مطولاً ولا يوافق الحريري على حكومة وحدة قائمة على النسب وتم تبني صيغة حكومة تأخذ في الاعتبار تمثيل الكتل البرلمانية من دون تفاصيلraquo;.

وأكد عضو فريق كوشنير أنه لم يحصل اتفاق على اعلان المبادئ لأن بري لم يوافق على مسار تعديل الدستور. ولفت المصدر الفرنسي الرفيع المستوى الىان الجانب السوري بعث الى القصر الرئاسي الفرنسي عشية لقاء كوشنير وبري والحريري (الثاني) بمشروع بيان مشترك بين بري والحريري laquo;لأنه يسهل الامورraquo; كان فحواه مماثلاً لما عرضه بري في اليوم الأولraquo;، مؤكداً ان laquo;النص الذي كان مقترحاً لم يكن من كوشنير بل من بري... ما يعني أنه كان تلقى من دمشق النص ذاته الذي أرسله المعلم الى القصر الرئاسيraquo;.

وفي العودة الى ردود الفعل على المواقف التي صدرت أول من أمس، كان أبرزها رداً مطوّلاً من laquo;مصادر حكومية بارزةraquo; (رسمية) على مقابلة السيد نصر الله المتلفزة. وأفرد الرد مساحة لما قاله الأمين العام لـ laquo;حزب اللهraquo; في شأن اتفاق الطائف كالآتي: laquo;ان السيد نصر الله كشف من دون ان يدري ان هدف حزب الله تغيير النظام اللبناني، ونسف اسس اتفاق الطائف في الوقت ذاته الذي قال فيه انه ليس مع تعديل الطائف في هذه المرحلة وقد ظهر ذلك عبر عدد من النقاط:

- قال انه لا يريد تغيير الطائف لكنه طالب بعرف جديد يقوم على اقرار مبدأ تشكيل الحكومات حسب النسب التي تتشكل منها الكتل النيابية. وهذا مناقض تماماً لروح وجوهر الدستور القائم على مبدأ الاكثرية والغالبية، ويطيح كلياً بأسس النظام الديموقراطي البرلماني اللبناني ليتجه به نحو النظام الفيديرالي. وهو في هذه الحالة يحيل الحكومة الى نسخة مصغرة عن مجلس النواب ويطيح بالمبدأ الذي يقول بالفصل بين السلطات ويعطل المبدأ الديموقراطي القائم على المحاسبة في البرلمان.

- قال أنه لا يريد تغيير اتفاق الطائف لكنه لا يقبل ان يتم انتخاب رئيس للجمهورية الا بعد الاقرار بالمبدأ الذي سماه الثلث الضامن وهذا امر لا ينص عليه الدستور، أي اقترح تثبيت عرف جديد يقوض الطائف والدستور الذي لم يضع شروطاً لتشكيل الحكومة بل يطيح بكل الصيغة الفريدة التي ارتضاها اللبنانيون.

- ان laquo;حزب اللهraquo; عبر كلام السيد نصر الله يريد ابقاء البلاد في حال الفراغ الى ان يحصل على مطالبه مقابل وعد بأنه مستعد لمناقشة موضوع سلاح المقاومة اثر الخضوع لهذه المطالب، أي انه يمسك بالسلاح الموجود لديه، ويريد من خلاله تغيير اسس النظام اللبناني في مقابل وعد بالنظر في موضوع السلاح بعد تحقق شرط الاتفاق على ممارسات سياسية جديدة مخالفة لدستور الطائف، وكذلك الاتفاق على الاجهزة الامنية والعسكرية والسياسة الاقتصادية والعلاقات مع سورية... الخ.

- كشف السيد نصر الله في حديثه شروطاً جديدة منها انه يريد في الحكومة المقبلة تمثيلاً لاطراف غير ممثلة في البرلمان، حين اشار الى انه يجب ان يكون هناك ممثلون في الحكومة عن السنة والدروز في المعارضةraquo;.

وتطرقت المصادر الحكومية الى قول نصر الله ان استمرار الوضع على ما هو عليه افضل بكثير من التسليم للاكثرية بما تريد laquo;باعتبارها اكثرية وصلت عبر الانتخاب وفي شكل ديموقراطي تتم محاسبتها عبر انتخابات مقبلة كما في الانظمة الديموقراطيةraquo;. ورأت المصادر ان السيد نصر الله laquo;كشف ان لا مانع لديه من استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية حتى يحصل على المطالب التي يريدها والتي سماها الثلث الضامن او المعطل وغلفها بشعار المشاركة لكنه شرحها بقوله ان الحصول على هذا الثلث يعني الحؤول دون التوطين، ومعالجة العلاقة مع سورية، ومعالجة موضوع سلاح المقاومة والاتفاق على السياسة الاقتصادية والاتفاق على تركيبة ونهج المؤسسات العسكرية والامنية وإقرار قانون الانتخابات. وبطريقة اخرى يريد ان يكون صاحب القرارفي كل هذه القضايا وأنه لن يوافق على انتخاب رئيس للجمهورية الا بعد ان يضمن حق التقرير في مصير هذه الملفات، أي عملياً يريد استمرار حال الفراغ الى حين البت بهذه الامورraquo;.

واعتبرت المصادر الحكومية ان نصر الله laquo;كشف عمق التماهي مع سورية، واعتبر انها ضحّت في سبيل المعارضة برفض المغريات فيما الصحيح ان حزب الله سلّم سورية وايران ملف التفاوضraquo;.

وقالت المصادر ان نصر الله laquo;الذي ينادي بالشراكة اعتبر ان المشكلة هي مع الولايات المتحدة وليست مع قوى الاكثرية، لكنه اعتبر ان هذه القوى خاضعة للارادة الاميركية، فكيف ينادي بالشراكة الوطنية ويضع الآخرين مسبقاً في الخانة الاميركية وخانة المشروع الاميركيraquo;؟

وعلّق رئيس حزب laquo;القوات اللبنانيةraquo; الدكتور سمير جعجع على اعلان نصر الله ان المعارضة ستدرس خلال 10 أيام الخطوات التي ستتخذها وأنه لا يضمن شيئاً اذا حصل فلتان على الأرض بالقول ان laquo;منطق المهل والتهديدات لا نخضع لهraquo;. وقال ان سورية لا تريد رئيساً في لبنان انطلاقاً من نظريتها بأن اللبنانيين لا يستطيعون ان يحكموا أنفسهم.

الى ذلك، قال مصدر قيادي في قوى 14 آذار ان السيد نصر الله laquo;أراد مخاطبة المسيحيين بالتحريض على الآخرين فما الهدف من قوله ان ليس لديه مانع من استرداد صلاحيات رئيس الجمهورية فيلتقي بذلك مع رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الرافض لاتفاق الطائف، باعتباره كان وراء اطاحته وإبعاده الى فرنساraquo;.

ولقي بيان الحريري اول من امس، رداً مطولاً من عضو قيادة حركة laquo;أملraquo; النائب علي حسين خليل على حديثه الاول عن عزل الرئيس بري عن التفاوض مع الاكثرية وتفويض عون بذلك. واتهم خليل الحريري بـlaquo;تشويه الموقف المبدئي الذي كرره الرئيس بري بتأييده أي مرشح توافقي يحظى باجماع الكتل النيابية، بمن فيهم مرشحو 14 آذار. وقال خليل ان laquo;الرئيس بري تخلى وباصرار عن التفاوض السياسي نتيجة تهربكم من الاتفاقات حتى الخطية في ما يتعلق بحكومة الوحدة الوطنيةraquo;.