صالح القلاب

ثلاثة أهداف سيأتي الرئيس الأميركي جورج بوش بها إلى المنطقة يوم الثلاثاء المقبل وهذه الأهداف كما قالها بـ ''بعظمة لسانه'' هي السلام في الشرق الأوسط والملف اللبناني والتهديد الإيراني وهي أهــداف كان على صاحبها أن يدرك إنه حتى قبل أن يأتي إلى هذه المنطقة ثم بعد أن حلَّ فيها ضيفاً ''على الرحب والسعة'' أن مجرد لمس أيٍّ منها يحتاج إلى رجل '' في قلبه أسد ''!! ويحتاج إلى سياسة أميركية واعية وغير مرتجلة ولا تقول فيها الـ '' سي.آي.أيه '' شيئاً ويقول فيها البيت الأبيض أو ''البنتاغون'' أو وزارة الخارجية شيئاً آخر.

عندما يقول بوش أنه يفضل الدبلوماسية مع إيران.. لكن كل الخيارات مفتوحة فكأنه لا يقول شيئاً وبخاصة وأن ''استخباراته'' التي من المفترض أنها هي عصاه التي يتوكأ عليها ويهش بها '' غنمه '' وغير غنمه قد كذَّبت كل ما قالته إدارته عن القدرات النووية والإيرانية ونصحته بأن يغلق كل الخيارات التي يقول أنها مفتوحة ويبقى على خيارٍ واحدٍ هو خيار الدبلوماسية الذي يفضله.

من الآن يجب أن يدرك السيد بوش أن لأهل هذه المنطقة حسابات لا تلتقي مع كل الحسابات الأميركية وأن '' خطة الأمن الإقليمي '' التي تحدث عنها تتطلب المزيد من الجدية لحمل الإسرائيليين على الاستجابة لمتطلبات السلام وحل قضية الشرق الأوسط وأول متطلبات السلام هذه، التي يجب أن تفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة، هو وقف الإستيطان ووقف كل التصرفات والسياسات الإسرائيلية الإستفزازية والتدميرية.

لا أمن إقليمياً بدون حل القضية الفلسطينية الحل العادل الذي بات معروفاً والذي جرى التأكيد عليه في مؤتمر '' أنابوليس '' الأخير وبدون إنهاء الإحتلال الإسرائيلي لباقي الأراضي العربية المحتلة ومن غير الممكن الإتفاق على '' خطة للأمن الإقليمي '' لا خلال هذه الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الأميركي إلى المنطقة ولا بعدها بدون إستقرار الأوضاع في العراق وبدون أن تستخدم واشنطن أوراقها في هذه المنطقة وخارجها لإيقاف لبنان من الانزلاق نحو الهاوية والعودة إلى الحرب الأهلية التي إن هي تجددت فإنه لا أمن ولا استقرار في الشرق الأوسط كله.

إن مشكلة الأميركيين مع هذه المنطقة هي أنهم يتعاملون مع إسرائيل على أنها الطفل المدلل فهي وحدها التي من حقها أن تحتل بحجة الدفاع عن النفس وهي وحدها التي من حقها أن ترفض القرارات الدولية وهي وحدها التي من حقها أن تضطهد شعباً آخر بطرق ووسائل القرون الوسطى وهي وحدها التي من حقها أن تبعث جيوشها لتحتل عواصم عربية وهي وحدها التي من حقها أن ترسل طائراتها لتدمر وتضرب أهدافاً تبعد عن حدودها آلاف الكيلومترات وهي وحدها التي من حقها أن تمتلك السلاح النووي وهي وحدها التي من حقها أن تمد لسانها في وجه العالم كله وتضحك عليه وهي وحدها التي من حقها أن تعيش وتتسلح على حساب دافع الضر ائب الأميركي وتشتمه وتهينه في الوقت ذاته.

لا توجد أي مشكلة لأهل هذه المنطقة مع الأميركيين إلا إسرائيل وتصرفاتها وعربدتها، حتى بعد احتلال العراق، ولذلك فإن بوش يجب أن يتذكر أول ما يتذكر عندما يضع أقدامه على أرض الشرق الأوسط غداً أن موقف الرأي العام العربي تجاه بلاده قد تغير بمقدار دائرة كاملة عندما اتخذ الرئيس دوايت ايزنهاور ذلك الموقف الشجاع الذي اتخذه ضد العدوان الثلاثي على مصر وكانت يومها الحرب الباردة بين الغرب والشرق في ذروتها وكان هناك مدٌّ شيوعي ويساري متفاوت في معظم الدول العربية.

على بوش الذي لا يخجل من أن يردد أن الله يوحي له بكل تصرفاته وبكل ما يقوم به أن يعرف أن هذه السياسات والأفعال التي يمارسها ويقوم بها الإسرائيليون تغضب رب هذا الكون في كل رمشة عين وعليه أن يدرك أن لهؤلاء الإسرائيليين إلهاً غير الاله وغير إله البشرية كلها هو ''يهوه'' إله الحرب وكذلك فإنه يجب أن يدرك أن هذا الإله الذي هو ليس ''يهوه'' سيغضب عليه كثيراً إن هو بقي ينحاز كل هذا الانحياز إلى جانب الجور والظلم والاضطهاد والعدوان.. وأهلاً وسهلاً أيها الضيف العزيز!!.