جميل الذيابي

مشهد الصحافة والصحافيين في عام 2007 laquo;تراجيديraquo; ومأسوي مؤلم الى حد الموت. صحافيون قضوا صرعى. صحافيون قضوا برشاشات الجيوش. صحافيون اغتيلوا في وضح النهار. صحافيون ماتوا تحت الأنقاض. صحافيون ما زالوا رهن الاختطاف والاختفاء. وآخرون خلف القضبان بأوامر الحكومات. وبقية تصارع من أجل أداء رسالة إعلامية تصف المشاهد المؤلمة في مناطق ملتهبة من العالم. رؤساء تحرير صحف حكم عليهم بالحبس والجلد. وصحف حجبت laquo;قسراًraquo; وأخرى أغلقت بواسطة مفتاح الحكومات.

صحافيون إما قتلوا أو اختطفوا أو هجروا المهنة إلى مهن أكثر أمناً وسلاماً على أرواحهم، مما يهدد مهنة المتاعب بأن تصبح مهنة الموت الأولى. تشير التقارير المهتمة بحماية الصحافيين إلى أرقام laquo;مخيفةraquo;، بسبب تصاعد اغتيال الإعلاميين خلال السنوات الثلاث الأخيرة خلال أداء واجبهم الإعلامي. ولم يتوقف الأمر عند حد القتل بل تجاوزه إلى الاختطاف والتعذيب. اختُطف إعلاميون وهم يوصلون صوت الحق إلى العالم، وكانت الجماعات المتشددة في العراق وفلسطين ومناطق الصراعات الأخرى في العالم وراء ذلك. راح عدد لا بأس به ضحايا لأعمال العنف والإرهاب.

تؤكد التقارير الصادرة عن المؤسسات المهتمة بحرية وسلامة الصحافيين، أن منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً العراق، هي أخطر المناطق على حياة الصحافيين والمراسلين حول العالم. ورد في التقرير السنوي الصادر عن الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحافيين العراقيين أن العمل الصحافي في العراق ما زال من أخطر الأعمال على الإطلاق, لافتاً إلى مصرع 54 صحافياً خلال العام 2007، من أصل 250 صحافياً لقوا حتفهم منذ احتلال العراق في آذار (مارس) 2003. اعتقد أن الأمر المخيف هو تسجيل الجرائم التي ارتكبت بحق الصحافيين ضد laquo;مجهولraquo;، بل يقال إنها لم يتم التحقيق فيها، وهو ما يمنح القتلة فرصة الإفلات من العقاب ويوقف عمليات الاغتيال والاختطاف التي تطاول الصحافيين.

من جهة أخرى، نشر بيان صادر عن معهد السلامة الصحافية الدولي في بروكسيل، أن حوالي 187 صحافياً قتلوا في العراق منذ عام 2003، مشيراً إلى أن نسبة كبيرة منهم من العراقيين، إذ يقدَّر عددهم بحوالي 157 صحافياً عراقياً، وكل ذلك بسبب تزايد عدد العمليات الإرهابية وحال الانفلات الأمني المستمرة، ما يجعل من مهنة الصحافة مهنة للموت والخطف في العراق.

في المقابل، سجّلت الفيديرالية الدولية للصحافيين 155 حادثة على الأقل، تراوحت ما بين الاغتيالات والوفاة لأسباب مجهولة، وقعت 68 منها في إطار الصراع المسلح الدائر في العراق. كما حصد العنف أرواح 37 من الإعلاميين في أميركا اللاتينية، في دول المكسيك وكولومبيا وفنزويلا، بينما وصل عدد القتلى في آسيا إلى 34 صحافياً بسبب هجمات في الفيليبين وسريلانكا.

سجلت لجنة حماية الصحافيين أن العراق وأفغانستان والفيليبين هي أكثر البلدان خطراً على حياة الصحافيين. في جانب آخر، أحصت منظمة laquo;مراسلون بلا حدودraquo; للمرة الأولى أعداد الصحافيين المختطفين حول العالم في نهاية عام 2006، إذ كشفت عن تعرض 56 صحافياً على الأقل للاختطاف في حوالي 10 دول كانت من أكثر المناطق خطراً، أبرزها العراق، إذ اختطف فيه 17 صحافياً، ثم قطاع غزة بعد تعرض 6 صحافيين للاختطاف.

يبدو أن صورة المشهد الصحافي لن تتغير بل ستزداد سوءاً وسواداً وقلقاً وخوفاً أكثر على المنتسبين الى مهنة الموت والمتاعب، في ظل تزايد مساحات الصراعات والاضطرابات وتزايد أعمال العنف والإرهاب، وهو ما يطرح سؤالاً كبيراً: أين دور المجتمع الدولي ومسؤوليته في حماية هؤلاء الصحافيين، الذين باتوا يكتبون أخبارهم بالدم لا بالقلم؟