رايس وكوشنير أبلغا إلى السنيورة دعمهما مبادرة الجامعة وسط تفاوت في الترحيب اللبناني

التركيبة الحكومية أبرز العقد ودمشق مع quot;لا غالب ولا مغلوبquot;

quot; النهار quot;

الخطة الثلاثية التي اقرها وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الاستثنائي بالقاهرة لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان quot;فوراquot; رئيسا للجمهورية واعطائه quot;كفة الترجيحquot; في حكومة الوحدة الوطنية المقبلة واقرار قانون انتخاب جديد، حازت دعما عربيا ودوليا واسعا، فيما كانت المواقف اللبنانية منها رجع صدى للأزمة الحادة، فبرز من جهة ترحيب غير مشروط بالخطة من الغالبية في مقابل ترحيب مبدئي متريث من المعارضة.
وافادت اوساط اطلعت على جوانب من مناقشات الوزراء العرب في القاهرة لـquot;النهارquot; امس ان الخطة التي توصل اليها الوزراء واقروها بالاجماع تعكس حصول تطور كبير ومهم كان من ابرز دلالاته السرعة غير المتوقعة في اصدار البيان الخاص بالازمة الرئاسية اللبنانية ليل السبت قبل التئام مجلس الجامعة العربية.
وقالت انه بدا بوضوح ان ثمة quot;مساراquot; تم الاتفاق عليه بين الدول العربية ذات التأثير في الازمة اللبنانية عبر الديبلوماسية السرية التي سبقت الاجتماع وواكبته، وهو مسار احدث quot;نصف فتحةquot; في الباب الموصد امام الحل الذي يبدو ان الانتخابات الرئاسية في لبنان صارت مفتاح التمهيد عبره لانجاح القمة العربية في دمشق في نهاية آذار المقبل.

مهمة موسى
واوضحت الاوساط ان مهمة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في بيروت، والتي تبدأ بعد ظهر غد وتستمر حتى صباح السبت على الارجح، ستتسم بأهمية مزدوجة هذه المرة. فمن جهة تشكل هذه المهمة اختبارا عمليا للالتزامات العربية، وخصوصا السورية، حيال الهدف المركزي للخطة التي اقرها الوزراء العرب وهو انتخاب العماد سليمان رئيسا للجمهورية، اذ عبر مشاركون في الاجتماعات مرات عدة عن استهجانهم للتأخير في انتخاب رئيس للجمهورية ورفضهم القبول في اي شكل بخلو الجمهورية اللبنانية من رأسها ايا تكن الاعتبارات السياسية. ومن جهة اخرى ستشكل هذه المهمة اختبارا للقوى اللبنانية ومدى تحسسها خطر المضي في لعبة التعطيل والشروط واغراق الازمة في التفاصيل فيما كل المجتمع الدولي والعربي بات يجمع على هذه الخطة.
ولفتت في هذا السياق الى ان كلاما واضحا قيل في اجتماعات القاهرة عن الدعم الدولي لدور الجامعة واضطلاعها بوساطة حاسمة ونهائية لاخراج لبنان من ازمته، وخصوصا في ضوء حرص الجامعة على وضع حل متوازن بين فريقي الازمة من جهة، وتعزيز دور رئيس الجمهورية العتيد كَحَكَم فعلي يملك القدرة على ترجيح القرار وفقا للمصلحة العامة، من جهة أخرى. وأكدت ما أوردته quot;النهارquot; في عددها السابق عن دور محوري تولته قطر مع سوريا وكذلك عمان مع ايران، مشيرة الى ان اجتماع القاهرة شكل بداية مسار ايجابي بين الدول العربية الثلاث ذات الثقل في التقرير وهي السعودية ومصر وسوريا. وهذا الامر سينعكس على الخلفية التي سيأتي بها موسى الى بيروت، من غير ان يعني ذلك تقليل صعوبة التفاصيل المتصلة بموضوع تأليف حكومة الوحدة الوطنية خصوصا باعتبار ان هذا الموضوع يشكل أمرا حيويا جدا بالنسبة الى المعارضة.

مشاريع quot;اختباريةquot;
ومع ان المناقشات في القاهرة لم تتطرق الى مسألة النسب في تمثيل الغالبية والمعارضة ورئاسة الجمهورية في الحكومة، فان الكواليس الداخلية حفلت في اليومين الاخيرين بطرح مشاريع quot;اختباريةquot; يبدو ان موسى سيواجَه بها لدى شروعه في مهمته.
وكان موسى أعلن في ختام اجتماع الوزراء العرب أنه سيتوقف عن أي تعليق quot;حتى ألمس بنفسي نتائج الاتصالات التي أجريهاquot;. وأكد ان الدول العربية quot;سوف تتحرك بكل جدية ولن نترك الامر يمشي من اسبوع الى اسبوع ومن تأجيل الى تأجيل ومن توتر الى توترquot;. وأوضح أنه كلف اجراء اتصالات مع الاطراف الاقليميين والدوليين كافة وأن هذا يشمل الامين العام للأمم المتحدة بان كي ndash; مون، كما أنه قد يشمل اجراء اتصالات بايرانquot;. ووصف الخطوط العريضة للخطة بأنها quot;تقوم على سلة واحدة يتفق عليها جميع الافرقاء اللبنانيين ضمن صيغة لا غالب ولا مغلوبquot;.

سوريا
وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان بلاده انتهجت خلال الاجتماع quot;مبدأ لا غالب ولا مغلوب، بل سيكون الغالب هو لبنانquot;، مشددا على quot;ان الحل في لبنان ليس سوريا أو سعوديا او فرنسيا او أميركيا، بل بأيدي اللبنانيين ومن خلال التوافقquot;.
أما وزير الاعلام السوري محسن بلال فأبلغ امس الى محطة تلفزيون quot;OTVquot; ان بلاده كان لها الدور الاساسي في صوغ بيان وزراء الخارجية العرب، مشيرا الى انه عندما تتفق سوريا والسعودية ومصر على حل لمشكلة يصبح هذا الحل ممكنا. وشدد على ان دمشق تعمل من أجل ان يتوصل اللبنانيون الى توافق والى حل للمشكلة الراهنة عبر انتخاب رئيس توافقي وتأليف حكومة بالتوافق الكامل. وأشار الى ان موسى سيشرح كل نقطة واردة في البيان الذي أخذ في الاعتبار السلة المتكاملة. وختم: quot;تبقى التفاصيل عليكمquot; أي على اللبنانيين.

السعودية
ودعا مجلس الوزراء السعودي اللبنانيين الى quot;التجاوب مع قرار مجلس الجامعة العربية والجهد الذي تبذله الجامعة لتحقيق الاستقرار في لبنانquot;، مؤكدا quot;استمرار المملكة في جهودها لدعم المحاولات المبذولة للخروج من الازمة السياسية في لبنانquot;.

فرنسا
ورحب وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بالخطة العربية الثلاثية quot;التي تستلهم خصوصا الافكار التي ساهمت فرنسا في تطويرها خلال الاشهر الاخيرةquot;. ونقل مراسل quot;النهارquot; في باريس عن أوساط ديبلوماسية ان وزراء الخارجية العرب حددوا مهلة تنتهي في 27 كانون الثاني لمحاسبة الاطراف على مدى تعاونهم في حل الازمة اللبنانية موضحة ان هذا الحل هو مدخل لسوريا لعقد القمة العربية في دمشق في آذار المقبل وقد اتفق معها على الخطوط العامة وتفاصيلها.

الاصداء الداخلية
أما على الصعيد الداخلي، فتميز رئيس مجلس النواب نبيه بري بالمبادرة فورا الى الترحيب ببيان وزراء الخارجية العرب مستبقا مواقف الكثيرين من الغالبية والمعارضة على السواء. ووصف هذا البيان بأنه quot;موقف تاريخي لمصلحة الوفاق اللبنانيquot;، معتبرا انه quot;وضع حدا لأفكار الغلبة والهيمنة التي حاول البعض فرضهاquot;. وأمل في ترجمة البيان quot;على أرض الواقعquot; درءاً لأي فتنة وانهاء لحال التشرذم (...) ومنعاً لأي تفسيرات يحاول البعض فيها ان يسجل انتصاراً أو هزيمة له وللآخرينquot;.
ورحبت جبهة الغالبية بالبيان بحرارة واعتبره رئيس الحكومة فؤاد السنيورة quot;مكسباً للجميعquot;، فيما وصفه رئيس quot;كتلة المستقبلquot; النائب سعد الحريري بأنه quot;موقف تاريخي نبيل ومسؤول يعبّر عن ارادة عربية اصيلة في رفض كل اشكال الضغوط التي تمارس ضد بلدناquot;.
واعتبر الرئيس امين الجميل المبادرة العربية quot;مدخلاً وآلية حل وكوة في جدار الازمةquot;، ورأى في اعطاء الرئيس العتيد الصوت المرجح في مجلس الوزراء quot;بداية للخروج من تهميش المسيحيينquot;.
ودعا رئيس quot;اللقاء الديموقراطيquot; النائب وليد جنبلاط الى quot;السير في مشروع الحل العربي وعدم تفويت فرصة جديدة على لبنانquot;، قائلاً إن قرار مجلس وزراء الخارجية العرب quot;جاء منصفاً لجميع الاطراف ولا يحقق غلبة لفريق على آخرquot;.
وفي سياق الترحيب بالخطة العربية ايضاً برز بيان مشترك لكل من مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الامير قبلان وشيخ عقل الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن توجهوا فيه الى المسلمين من كل المذاهب لـquot;درء الفتنة وقطع الطريق أمام اصحاب النيات السيئة الذين ينفخون في نار الخلافاتquot;، كما دعوا الى quot;التجاوب مع المبادرة العربية والاسراع في العمل على تنفيذ بنودهاquot;.
وعلى صعيد مواقف قوى المعارضة، أعلن العماد ميشال عون quot;اننا ننتظر مجيء الأمين العام للجامعة العربية لنستفسر عن المضمون وعندها سيكون لنا رأيquot;. وقال: quot;نحن نرحّب بكل مبادرة تساعد على حل المشكلة في لبنان ولكن على أمل الا يكون أحد مكان اللبنانيين لان الضمان الوحيد والاكيد نحن نعطيه بعضنا لبعضنا البعضquot;. ورفض تحديد موقفه من صيغة للحكومة تعطي المعارضة عشرة وزراء والموالاة عشرة والرئيس العتيد عشرة قائلاً: quot;سأجيب عن فرضية واحدة هي التي سيعطيها الامين العام للجامعة العربيةquot;، لكنه قال انه quot;يجب ان تشكل اكثرية الثلثين من كل الافرقاءquot;، مقترحاً فكرة تأليف حكومة من 14 للموالاة و11 للمعارضة و5 لرئيس الجمهورية.
أما أوساط quot;حزب اللهquot;، فرأت في المبادرة العربية quot;سلة كاملةquot;. وقال عضو quot;كتلة الوفاء للمقاومةquot; النائب حسن فضل الله لـquot;النهارquot;: quot;نحن ننتظر ان تعرض المبادرة علينا رسمياً لنناقشها بانفتاح وروح ايجابية من منطلق الحرص على انجاز تفاهم داخلي يؤمن انطلاقة العهد الجديد بشركة وطنية كاملةquot;.

السنيورة ورايس
وعلمت quot;النهارquot; ان الرئيس السنيورة الذي بدأ بعد ظهر أمس زيارة لدولة الامارات العربية المتحدة، تلقى ليل أمس اتصالين هاتفيين من وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أبلغا اليه فيهما دعمهما قرار مجلس الجامعة العربية وتشجيعهما على انجاح المبادرة العربية.
وقد شدد السنيورة في مكالمته مع رايس على ضرورة ان تكون جولة الرئيس الاميركي جورج بوش في المنطقة مدخلاً لدعم عملية السلام واستعادة الفلسطينيين حقوقهم. كما أثار مع رايس الانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة للسيادة اللبنانية والتي كان آخرها أمس خطف احد الرعاة اللبنانيين في منطقة مزارع شبعا، مطالباً بالضغط الاميركي على اسرائيل لاطلاقه ووقف الانتهاكات.