علي سعد الموسى

تضحكني جداً حملة المقالات المعنونة إلى الرئيس الأمريكي في اليومين الماضيين استهلالاً لزيارته، وهي تضحكني - لا لصلبها - بل لأن كتابها الكرام يعتقدون أن فخامة الرئيس الأمريكي سيضعها مساء اليوم على الطاولة. وهو أثبت أنه لا يقرأ. تثبت حملة الرسائل الموجهة للسيد جورج بوش أننا لا نمتلك خطة عمل منظمة بأولويات نطالبه بالنظر إليها بكل شفافية وقناعة. نحن لم نرتب وضعنا الداخلي كي نواجه الضيف الخارجي بكل تأثيره في الملفات المشتركة. نتحدث عن قضية فلسطين، فيما أهل القضية يتناوبون خطب الشقاق وقد انقسمت الدولة الهجين إلى جناحي بعوضة. نتحدث عن العراق فيما الميليشيات تتناوب الولاء وقد انقسم البلد إلى أجزاء بعدد كتله البرلمانية. نشكو إليه أوضاع معتقلي جوانتانامو فيما الذين نجحوا في الإفلات من المعتقل المأساوي قدموا إلينا مباشرة من تورا بورا إلى قلب القوائم الأمنية فكيف يكون الأول بريئاً لأنه رهن الاعتقال والثاني مجرماً لأننا اكتشفناه في ثنايا التنظيم؟
وبقدر ضلوع السياسة الأمريكية في جل الأخطاء الجوهرية التي كانت خلف كل كوارث الشرق، بقدر ضلوعنا نحن في ذات الأخطاء وعلينا أن نوجه لأنفسنا ذات الحملة من الرسائل الذاتية. كم هم الذين أقسموا على الاتحاد والوحدة ونبذ الفرقة تحت أستار الكعبة ثم عادوا لينقضوا العهد حين اختلت بهم حصة الكعكة السياسية. هم قادة الجهاد الأفغاني الذين سبكنا لهم الأساطير وكتبنا في معجزاتهم ومعاركهم ما لم نقرأه في الخندق واليرموك وحطين قبل أن تتكشف لنا الحقيقة. هم طوائف الشقاق العراقي الذين كانوا يتشدقون بأرقام القتل والسحل quot;الصداميquot; قبل أن نكتشف أن كل فريق منهم وحده قد قتل من ذات الشعب في ثلاث سنين ما لم يفعله صدام في عقود ثلاثة. يجتمع اللبنانيون في برلمانهم العتيد للمرة الثانية عشرة دون حلول لاسم الرئيس وفي المرة الثالثة عشرة يختلفون على تفسير جملة في مبادرة المجلس الوزاري العربي. صار العربي أفقر من أن يفهم جملة مكتوبة بالعربية.
أمريكا ليست كل شيء، وهي في ذات الوقت لا تمتلك كل الحلول. أمريكا ليست وحدها خلف كوارثنا ومآسينا، بل نحن معها شركاء في الحفرة الهائلة التي حفرناها لأنفسنا، والعالم من حولنا لم يعد غبياً كي لا يفهم سر المأساة. المأساة تبدأ من أنفسنا ولكن لحسن الحظ: وجدنا في أمريكا شماعة للأخطاء ومشجباً نعلق عليه المعلقات والرسائل.