ندوة في القاهرة تؤكد ضرورته لتحقيق التوازن الاجتماعي

القاهرة ـ داليا الدسوقي

أكد خبراء اقتصاديون على أهمية الدعم كعامل هام لتحقيق التوازن الاجتماعي، وقالوا إن الدعم يمثل عبئا على الموازنة العامة للدولة إلا أنه يشكل طوق النجاة للفقراء ليتمكنوا من الحصول على احتياجاتهم الضرورية من السلع والخدمات.

وأشاروا إلى أن نجاح الدولة في إدارة الاعتمادات التي تخصصها للدعم يرتبط بقدرتها على تحديد الفئات التي تستحق الحصول على الدعم، جاء ذلك في ندوة laquo;الدعم في مصر بين العيني والنقديraquo; التي نظمتها لجنة الاقتصاد بالمجلس الأعلى للثقافة بالعاصمة المصرية القاهرة، وتحدث فيها د. جودة عبد الخالق، ود. عبدالحميد الغزالي، أستاذا الاقتصاد بجامعة القاهرة، ود. كريمة كريم، الأستاذ بكلية تجارة الأزهر بنات.

وفال الدكتور عبدالحميد الغزالي إن مكانة أي دولة بين الدول تقاس بقدرتها على توفير العيش الكريم لأبناء شعبها وتحقيق السلام الاجتماعي، مضيفاً أن الأرقام المتاحة حول الدعم في مصر غير واضحة، وقال إن الدعم يرتبط بالمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية في كل مجتمع ومعدلات الاستهلاك والادخار والاستثمار وتوزيع فرص العمل، كما يرتبط الدعم أيضا بمشكلات الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار والفجوات في الهيكل الاقتصادي من فجوة إنتاجية، وفجوة غذائية، وقضايا الاكتفاء الذاتي، ومستوى معيشة المواطن.

وأشار إلى أن الدعم يشكل جزءا من السياسات الاقتصادية التي تتبعها الدولة لضمان إنتاج سلع وخدمات، مؤكدا أن دعم الطاقة يستهدف عرض سلع بأسعار سوقية أقل من أسعار تكلفتها للحفاظ على حد أدنى مناسب من مستوى المعيشة لمواطنيها الفقراء مع الأخذ في الاعتبار أن الدعم إجراء مؤقت يساعد على دفع عملية التنمية إلى الأمام بشكل مستدام ومتصاعد، مما يحقق دخولاً إنتاجية كافية لتحقيق حياة طيبة كريمة للمواطن.

ضمان اجتماعي

وأضاف الغزالي أن الدعم يشمل نوعين رئيسيين، الأول هو الدعم غير الرسمي، ويتم تقديمه وإدارته بواسطة الأفراد والهيئات والجمعيات الأهلية، ويعتمد أساسا على أموال الزكاة والصدقات التطوعية والوقف، وبالرغم من صعوبة قياس حجم هذا النوع من الدعم كميا إلا أنه يسهم مساهمة جادة في التخفيف من حدة الفقر كما إنه لا يتسبب في تشوهات الأسعار، حيث يتم بصفة عامة من خلال شراء السلع بسعر السوق دون خلق أسعار موازية.

أما النوع الثاني فهو الدعم الرسمي، والذي يشمل الإنفاق الحكومي على شبكات الضمان الاجتماعي، ويتضمن دعم كل من المياه والطاقة والإسكان والتعليم والصحة والمواصلات والسلع التموينية والخبز، إضافة إلى التأمين الاجتماعي والأنشطة التي يتم تمويلها من خلال الصندوق الاجتماعي للتنمية.

بالإضافة إلى أن هناك تقسيمات أخرى للدعم الحكومي منها تقسيم الدعم إلى دعم غير مباشر، ويشمل كل أنواع الدعم للخدمات التي تقدمها الهيئات الاقتصادية للمواطنين، والدعم المباشر للسلع للوصول بها إلى سعر يقل عن سعرها عالميا.

وبالنسبة لمصر فإن أرقام الموازنة العامة الأخيرة للحكومة المصرية تشير إلى أن الاعتمادات الإجمالية المخصصة لدعم السلع والخدمات يصل إلى 100 مليار جنيه مصري (حوالي 18 مليار دولار)، من بينها 55 مليار جنيه للطاقة، و 9 مليارات جنيه للخبز و7 مليارات للسلع التموينية، وباقي اعتمادات الدعم يتم توجيهها إلى الصحة والتعليم والزراعة والإسكان والمياه والصرف الصحي والصادرات والهيئات الاقتصادية المختلفة.

موازنة عامة

وقالت الدكتورة كريمة كريم إن قضية الدعم تثار عندما يظهر لدى الدولة مؤشرات على أن هناك تفاقما في عجز موازنتها العامة بسبب الاعتمادات التي تقدمها لدعم السلع والخدمات، وكشفت د. كريمة عن جزء كبير من المشكلات المرتبطة بقضية الدعم منها أن هذا الدعم لا يصل إلى مستحقيه الحقيقيين على الرغم من أن الفئة المستهدفة من الدعم هم الفقراء، الذين لا يستطيعون شراء السلع أو الخدمات مقابل سعرها السائد عالميا.

مؤكدة أن المؤشر الأساسي الذي يحدد نجاح الدولة أو عدم نجاحها في إدارة اعتمادات الدعم هو قدرتها على تحديد الشرائح التي تستحق الدعم، وكفاءة أجهزة الدولة في تحقيق الرقابة على تداول السلع والخدمات المدعمة حتى لا تتسرب إلى السوق السوداء وتذهب إلى غير مستحقيها.