وحيد عبدالمجيد

عندما سئل السيد عمرو موسي ـ الأمين العام للجامعة العربية ـ يوم الخميس الماضي عن حسبة برما المتعلقة بتوزيع الحصص الوزارية في حكومة الوحدة الوطنيةrlm;,rlm; قال للصحفيين الذين سألوه في بيروتrlm;:rlm; الارقام تسليكمrlm;,rlm; الأرقام ليست هي المشكلةrlm;,rlm; المشكلة مشكلة لبنان نفسهrlm;,rlm; والمشكلة كبيرة جداrlm;.rlm;

والأرجح ان موسي لم يقصد التقليل من أهمية المعضلة الحسابية الخاصة بتركيب الحكومة القادمة ونصيب الاغلبيةrlm;14rlm; إذار والاقليةrlm;8rlm; آذار فيهاrlm;,rlm; بمقدار ما اراد ألا نغمس الجميع في لعبة أرقام الحصص الخاصة بكل من الفريقين المتصارعين علي مستقبل لبنانrlm;.rlm;

هذا فضلا عن ان جوابا مثل الذي قدمه اتاح له الافلات من الإلحاح الاعلامي الذي سعي إلي معرفة ما كان دائرا في لقاءاته مع الفرقاء اللبنانيينrlm;.rlm;

واذا كان صوابا القول بأن الأرقام ليست هي مشكلة لبنان بوجه عامrlm;,rlm; فصحيح ايضا انها هي المظهر الأكثر تحديدا في اللحظة الراهنة لازمة البلد الذي دخل شهره الثاني في حالة فراغ رئاسيrlm;.rlm;

ومعضلة الأرقام ليست جديدةrlm;,rlm; إذ تعود بدايتها إلي اعلان المعارضة اصرارها علي ان يكون لها ثلث عدد الوزراء زائد واحدrlm;,rlm; فيما يطلق عليه الثلث الضامن لمشاركتها في اصدار القرارات التي يشترط ان تحصل علي ثلثي الاصواتrlm;,rlm; أو الثلث المعطل لهذه القرارات إذا لم يحدث توافق عليهاrlm;.rlm;

وهذه معضلة جوهرية من حيث إنها هي التجسيد المحدد اليوم للصراع علي الامساك بالقرارات السياسية الرئيسية أو الكبري في داخل مجلس الوزراءrlm;,rlm; ولذلك فهي ليست لعبة مسليةrlm;,rlm; بل لعبة منتفجرة تنطوي علي ألغام بالغة الخطر قابلة للانفجار في أي لحظةrlm;.rlm;

وما لم تكن كذلكrlm;,rlm; لما خصص البيان الذي صدر عن وزراء الخارجية العرب مساءrlm;5rlm; يناير الحالي بنده الثاني لهاrlm;,rlm; ولما أصبحت هي المعبر الذي ينبغي ان تمر عبره خطة التسوية المتضمنة في هذا البيان اذا كان لها أن تقود إلي حلrlm;.rlm;

فقد نص البند الثاني في هذه الخطة علي تشكيل حكومة وحدة وطنية فور انتخاب الرئيس التوافقيrlm;,rlm; وذلك وفقا للأصول الدستورية علي ألا يتيح التشكيل ترجيح قرار أو اسقاطه بواسطة أي طرفrlm;,rlm; ويكون لرئيس الجمهورية كفة الترجيحrlm;.rlm;

والهدف من هذا البند هو المساهمة في السعي إلي حل عقدة الثلث الضامن أو المعطل الذي تطالب به المعارضةrlm;,rlm; غير أن الحل الوارد في هذا البند لم يساعد في تسهيل جهود حل تلك العقدةrlm;,rlm; وإنما اثار خلافا جديدا عليها نتيجة عدم وضوحهrlm;,rlm; ويعرف المعنيون بقضايا تسوية الخلافات بين أي فرقاء داخليين هم أو اقليميين ودوليين ان النصوص التي تطرح سعيا إلي هذه التسوية قد تسهل جهودها أو تجعلها أكثر صعوبةrlm;.rlm;

ولذلك يقتضي الأمر أقصي درجة من الوضوح والتفصيلrlm;,rlm; خصوصا حين يتعلق الأمر بجهود لتسوية صراع في ظل أزمة عدم ثقة حادة بين طرفينrlm;,rlm; كما هو الحال في لبنان الآنrlm;.rlm;

غير أن هذا الوضوح لايتوافر في البند الثاني للخطة العربيةrlm;,rlm; فقد فهم معظم أطراف المعارضة ان المقصود به حل للمشكلة يقوم علي ألا يكون لها ولا للاغلبية ثلث عدد الوزراء حتي لايتمكن احدهما من اسقاط القرار الذي يرجحه رئيس الجمهورية مع الفريق الآخرrlm;.rlm;

ويبدو أن هذا الفهم هو الاقرب إلي منطوق البندrlm;,rlm; وهو ألا يتيح ترجيح قرار أو اسقاطه بواسطة اي طرفrlm;.rlm;

فالصياغة هنا تعني حرمان الطرفين من القدرة علي ترجيح القرار أو اسقاطه بشكل منفردrlm;..rlm; وهذه صياغة لاتدعم موقف الأكثرية التي تفسره علي انه يرمي إلي ما يسميه أقطابها دون الثلثين للاغلبيةrlm;..rlm; ودون الثلث للمعارضةrlm;,rlm; وهذا التفسير امتداد لموقف الاغلبية الذي سبق ان رفضته المعارضة قبل اعلان الخطة العربيةrlm;.rlm;

غير أن الاغلبية تسند موقفها بحجة لابأس بهاrlm;,rlm; وهي أنه لايجوز موضوعيا حرمانها من القدرة علي الاسقاط مادام في امكانها حجب الثقة عن الحكومة في البرلمانrlm;,rlm; وان كان هناك فرق بين حالة اسقاط القرار الوزاريrlm;,rlm; والتي تتعامل معها الخطة العربيةrlm;,rlm; وحالة اسقاط الحكومةrlm;.rlm;

ولذلك عاد اللبنانيون إلي الغرق في حسبة برما دون أن تقدم هذه الخطة ما يساعد علي انتشالهمrlm;,rlm; فقد بادر معظم قوي المعارضة إلي تفسير ما ورد في الخطة باعتباره مثالثة في الحصص بينهم والاغلبية ورئيس الجمهوريةrlm;,rlm; بحيث يكون لكل منهم عشرة وزراءrlm;10+10+10.rlm;

وهذه حسبة تحرم الاغلبية كما المعارضة من القدرة علي اسقاط القرار الذي يتطلب اغلبية الثلثينrlm;,rlm; غير ان احد اطراف المعارضة تيار العماد عون بدا كريما مع الاغلبية اذ اضاف إليهاrlm;4rlm; وزراءrlm;,rlm; لكن في مقابل انتزاع الثلث المعطل للمعارضة بزيادة وزير واحد لها علي أن يبقي لرئيس الجمهورية خمسة فقطrlm;,rlm; لتكون الحسبةrlm;14+11+5!rlm;

وهكذا ما بينrlm;14+10+6rlm; وrlm;10+10+10rlm; وrlm;14+11+5rlm; صارت الجامعة العربية وخطتها مهددتين بالغرق مع اللبنانيينrlm;,rlm; وكم من فاعل خير تطوعوا بالقفز لانتشال غريق أو غرقيrlm;,rlm; لكن الامواج كانت أقوي منهمrlm;.rlm;

ومع ذلك يظل ممكنا تجنب الغرق مع اللبنانيين عبر إرجاء البحث في الحصص الوزارية إلي النهايةrlm;,rlm; والبدء بالسعي إلي ايجاد توافق بينها علي البيان الوزاري بحيث يشمل هذا التوافق التزاما صارما بالبيانrlm;,rlm; أي بما يتم التوافق عليه واعلانه باعتباره محددات لعمل الحكومةrlm;.rlm;

فالأزمة تتعلق في جوهرها بعدم الثقة المتبادلة بين الفريقينrlm;,rlm; وربما يكون التوافق علي بيان وزاري ملزم لايجوز تغييره أو تعديله تعويضا جزئيا عن هذه الثقةrlm;.rlm;

وإذا لم يتيسر ذلكrlm;,rlm; فلنبحث في امكان حكومة عسكرية مؤقتة يشكلها العماد سليمان لستة أشهر مثلاrlm;,rlm; وتتوازي معها هيئة حوار وطني برعاية الجامعة العربيةrlm;,rlm; فالمهم هو ان ننزع الفتيلrlm;,rlm; اليوم وليس غداrlm;,rlm; وان نواصل السعي إلي حل الازمة غدا وبعد غدrlm;.