كينيث بالين - كومن غراوند

وصل الرئيس بوش في إطار أول زيارة دولة للمملكة العربية السعودية في 14 يناير/ كانون الثاني. السعودية هي مكان ميلاد الإسلام ومكان أكثر مواقعه قداسة. وهي كذلك بلد أسامة بن لادن و15 من إرهابيي 11 سبتمبر/ أيلول الـ 19.

ما سيجده بوش في السعودية سيفاجئ معظم الأميركيين. شعب السعودية هو من بين أكثر الشعوب تأييداً لأميركا ومعارضة للإرهاب في العالم العربي. تلك، مجرد واحدة من النتائج المثيرة للانتباه لاستطلاع نادر للرأي العام أجرته في السعودية الأسبوع الماضي مجموعة استطلاع غير ربحية، اسمها laquo;غد بلا إرهابraquo; بالاشتراك مع أنظمة laquo;D3raquo;.

يساند أقل من واحد من كل عشرة سعوديين تنظيم laquo;القاعدةraquo;، ويوافق 88 في المئة على ملاحقة قوات الجيش والأمن لمقاتلي هذا التنظيم. لا يملك سوى 15 في المئة من السعوديين رأياً مؤيداً لابن لادن نفسه. (أظهر استفتاء أجري في السعودية في نهاية العام 2003 أن 49 في المئة يؤيدونه).

حتى بالنسبة إلى السعوديين ذوي الرأي المؤيد لابن لادن والقاعدة، تعتبر قضية التعامل مع الإرهاب واحدة من أهم الأولويات، وقد اختار 90 في المئة من السعوديين المستَطلعين هذا الخيار. البطالة والتضخم هما الموضوعان اللذان استحوذا أكثر على تفكير الشعب السعودي.

ويرفض السعوديون، بالإجماع تقريباً، الإرهاب. وهم لا يطالبون بحكم بن لادن و laquo;القاعدةraquo; المتطرف. بل إن أكثر من ثلثيهم يدعمون علاقات أقوى وأقرب مع الولايات المتحدة. كما ذكر ثلاثة أرباع السعوديين أن رأيهم بأميركا سيتحسن إلى درجة بعيدة إذا اتخذت الولايات المتحدة إجراءات محددة، مثل زيادة عدد التأشيرات الممنوحة وتوقيع معاهدة تجارة حرة مع السعودية. وهذه خطوات عملية يمكن تحقيقها وينبغي أن تكون على أجندة عمل الرئيس بوش.

الواقع أنه بالمقارنة مع أكثر الدول الإسلامية اكتظاظاً بالسكان يعتبر السعوديون من بين هؤلاء الذين يملكون أكثر الآراء مناصرة تجاه الولايات المتحدة. وعلى رغم أن 40 في المئة فقط أعربوا حالياً عن وجهة نظر مناصِرة فإن ذلك ضعف، أو أكثر من ضعف النسبة المئوية لهؤلاء في الباكستان أو تركيا أو مصر أو الأردن أو المغرب أو إندونيسيا الذين يشعرون الشعور نفسه. يعتبر ذلك بالنسبة إلى السعوديين تحولاً أساسيا عن فترة سنة واحدة ونصف فقط عندما أعرب 11 في المئة فقط في استطلاع محدود لمنظمة laquo;غد بلا إرهابraquo; عن رأي مناصر للولايات المتحدة. لقد تضاعف ذلك العدد اليوم أكثر من ثلاث مرات، بينما انخفضت الآراء المعارضة بشكل كبير من 89 في المئة إلى النصف فقط.

هناك عاملان اثنان يساعدان على تفسير هذا التحول الرئيسي، أولهما اعتبار السياسات الأميركية أقل عداء، وثانيهما، تشجيع العاهل السعودي الملك عبدالله على الاعتدال.

وعلى رغم أن المواطنين السعوديين يشكلون بحسب تقارير الجيش الأميركي نحو نصف المفجرين الانتحاريين الأجانب في العراق فإن الشعب السعودي نفسه يعارض بشدة وجود أي سعودي يحارب في العراق. 63 في المئة من السعوديين يعارضون قيام مواطنيهم بالمشاركة في حرب ضد ميليشيات الشيعة في العراق. وتفضل نسبة أعلى (69 في المئة) قيام السعودية بالعمل مع الولايات المتحدة لحل النزاع في العراق. ويلقي السعوديون في الكثير من القضايا باللائمة على الأجندة الأميركية، وأحياناً حتى على أجندة ملكهم. وبالذات عندما يعود الأمر إلى النزاع العربي الإسرائيلي يدعم ثلث السعوديين خطة السلام التي قدمها الملك وحل الدولتين. ومن الواضح أن هذه ناحية توجد فيها حاجة إلى قيادة أقوى لتحويل الرأي العام السعودي.

أما بالنسبة إلى السؤال الذي يطرحه الكثيرون في الغرب وبشكل متكرر: laquo;أين هو صوت الغالبية المسلمة المعتدلة التي تقف ضد (القاعدة) وبن لادن والإرهاب؟raquo;، فقد وفر شعب المملكة العربية السعودية جواباً صريحاً. يرفض شعب البيت الروحي للإسلام بوضوح ومن دون مواربة تنظيم (القاعدة) وبن لادن والمتمردين العراقيين والإرهاب. كما أنهم وبالقوة نفسها يتطلعون قدماً إلى اليوم الذي يمكن فيه للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أن تكون بينهما علاقات أقوى وأكثر قرباً. يوفر هذا للرئيس بوش فرصة نادرة لصوغ تحالف أعمق ليس فقط مع الملك عبدالله وإنما مع شعب العربية السعودية نفسه، ومع المسلمين في كل مكان.