بثينة قاسم
لقد بات جلياً أن مجتمع التعددية السياسية في اليمن قد قضم جانباً لا يستهان به من مكون النسيج الإبداعي والثقافي، إذ تناءت المسافات وتقلصت على إثرها التنافسات الإبداعية بين شطري الشمال والجنوب، وأضحى الحديث عن الوحدة هو الطاغي والمهيمن على الساحة اليمنية، وكما للوحدة السياسية حسناتها على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، فإن لمخالبها الشرسة ما لا يمكن السكوت أو التغاضي عنه، كمواطنين عرب أشقاء نهفو إلى كل ما هو يماني متميز وفريد، حيث الريادة والأسبقية في المنطقة العربية.
يقنعني السيد يسلم مطر، رئيس قطاع الإذاعة، البرنامج الثاني، حينما قمنا والوفد الإعلامي المرافق لزيارة إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون العتيد بعدن، أن تركيبة المجتمع اليماني الحديث قد سطا عليه الجانب السلفي المتشدد، وذا ما ساهم في تقويض حضور أو مشاركة اليمن برقصاتها الشعبية الزاخرة في المحافل الدولية، إذ تراجع حضور المرأة اليمنية - لاسيما في مجال الرقص الشعبي - عما كان عليه سابقاً.. وأقنعه بدوري أنه لا يمكن اختزال الثقافة في زاوية بعينها.. من قال إن الإبداع اليمني حصراً على الرقصة الشعبية. أين هو المسرح اليمني العريق، أين هي الدراما اليمنية؟ أين هو التسابق المحموم والتباري بين شعرائها حيث الكلمة الصادقة، مرهفة الحس؟
عرفت (عدن) البث التلفزيوني في عام ,1964 وهي بذلك تكون من الدول الأوائل التي سارت على طريق البث الأرضي بعد بغداد، بيروت والقاهرة، ومما يؤسف له حقاً أن دولاً حديثة العهد بالبث التلفزيون أصبحت اليوم تسابق الريح!
ويسعى القائمون على الإعلام اليمني اليوم بتوجهات من الرئيس علي عبدالله صالح لإطلاق قناتها الفضائية الثانية (يمانية) القائمة على مرتكزات وخطوط عريضة جديرة بالاهتمام والأخذ بعين الاعتبار في خضم غمار حرب القنوات الفضائية الشعواء اليوم حيث وفرة العدد وضحالة المضمون.
ويؤكد د. خالد عبدالكريم علي، رئيس تلفزيون القناة الثانية بعدن، في مأدبة غداء أقيمت خصيصاً لي، حيث شملت ما لذ وطاب من مأكولات يمنية يسيل لها اللعاب (كالمطافية، السلتة، سوسي، اللحم الحنيذ والخبز اللحوح) أن أحد أهم مرتكزات تحويل القناة الأرضية الثانية بعدن إلى فضائية هو تسليط الضوء على الجوانب الثقافية والسياحية والاستثمارية للبلاد، مع محاولات تقليص البرامج المكررة ذات التوجه المعلب العقيم!
.. ونحن إذ نؤكد ونبارك حكمة الرئيس صالح في انتقائه للوقت والوسيلة المثلى لكسر حواجز رسمتها الحدود السياسية والاقتصادية المنادية بضرورة تأهيل اليمن لدخوله إلى منظومة دول مجلس التعاون، حيث اتخاذه الإعلام وسيله لبلوغ غاية منشودة ونبيلة نطمح لها جميعاً منذ أمد بعيد كدول وأشقاء عرب، يجمعنا ذات التاريخ العروبي الحافل، فإننا مؤمنون أن اليمن لا يزال بخير وفير تحت مظلة قيادته الحكيمة وشعبه المخلص الأبي، وكلنا أمل أن يعي الآخر أهمية اليمن وحضوره الاستراتيجي والأمني والثقافي في المنطقة، وأن يعمل جاداً على مد يده، مثلما هو شأن اليمن دوماً في مد يده صوب منظومة الخليج العربية، والأقربون أولى بالمعروف يا قادة دول الخليج!
التعليقات