جهاد الزين

أعاد الرئيس حسني مبارك امس امام ضيفه الرئيس الاميركي جورج بوش تكرار ما لم تتعب ثلاثة اجيال عربية، حكاما ونخبا من تكراره على مدى ثلاثة اجيال وهو ان القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في المنطقة.
لكن السؤال هو الى اي حد يتبنى الرئيس الاميركي فعلا هذه المقولة حتى لو انه الآن عاد يركز على ضرورة الاسراع بحل قيام دولة فلسطينية خلال العام 2008، عامه الاخير في السلطة، وهو ما شاركه فيه الرئيس المصري متفائلا وآملا بحصوله قبل quot;نهاية ولايتهquot;... اي بوش.
كم عدد المعاونين والخبراء المحيطين بالرئيس الاميركي الذين ما زالوا فعلا يعتقدون ان الصراع الفلسطيني ndash; الاسرائيلي هو القضية المحورية في منطقة الشرق الاوسط؟
قد يبدو هذا السؤال الآن مستغربا قياسا بالاندفاعة التي يبديها بوش ndash; ولو متأخراً جداً - للوصول إلى حل نهائي لهذا الصراع لا يظهر ان quot;المؤسسة الامنية السياسيةquot; الاسرائيلية قادرة على تحمل تبعاته قياسا بحجم الممانعة العميقة في المجتمع والدولة الاسرائيليين.
لكن، وعلى افتراض إمكان الادارة الاميركية تخطي العقبة الاسرائيلية امام السلام، وهي كما تُظهر التجارب لاسيما بعد quot;اوسلوquot; العقبة quot;الجوهريةquot;، لا شك ان الوصول الى حل نهائي سينهي الجدل الذي اطلقته تيارات اميركية واسرائيلية يمينية في السنوات الاخيرة لاسيما بعد 11 ايلول 2001. فهذه التيارات تحدثت عبر رموز مهمة لاسيما في مراكز ابحاث اساسية في واشنطن، بينها quot;معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنىquot;، ان الصراع الفلسطيني ndash; الاسرائيلي لم يعد هو الصراع المحوري في الشرق الاوسط مع ظهور الاستقطابات الاتنية والدينية والمذهبية في العالمين العربي والمسلم.
لا شك ان تركيز الرئيس بوش على محاولة تسوية نهائية فلسطينية ndash; اسرائيلية تتخطى مجرد التكتيك الدعائي. فحتى لو كان احد الاهداف الاساسية لهذه المحاولة السعي لنزع ورقة استخدام التيارات الاصولية وحلفائها الاقليميين للصراع الفلسطيني ndash; الاسرائيلي فسيكون حصره بهذا السبب اجتزاء للدرس التاريخي الذي وصلت اليه هذه الادارة الاميركية. وهي احدى اكثر الادارات في تاريخ البيت الابيض تجاهلا لاولوية حل القضية الفلسطينية. انه التجاهل الذي استغرق ولاية جورج دبليو بوش الاولى بكاملها واستهلك نصف الولاية الثانية على الاقل.
فأياً تكن نتائج quot;عودة وعيquot; الرئيس بوش إلحاحية الموضوع الفلسطيني، خصوصا امام quot;العجزquot; الاسرائيلي عن الذهاب الى مشروع تسوية نهائية مقبولة، لا يمكن اختبار قابلية المنطقة للانتقال الى حقبة الغاء محورية الصراع العربي ndash; الاسرائيلي بدون انتاج الحل النهائي.
هذا معيار نظري لا جدال حوله. لكن المشكلة مع بعض التيارات الاميركية والاسرائيلية اليمينية المشار اليها، هي اعتقادها بامكان الغاء هذه المحورية بدون الحل الشامل...
وتراكم الاختبارات في هذا السياق، يستحيل بعده ارجاع الامور الى الوراء، حلا او انفجارا، مثلما حصل بعد 11 ايلول 2001... ذلك التاريخ الذي انتج نظرية تجاهل بدل ان ينتج نظرية التركيز التي عاد اليها الرئيس بوش.
لكن مصير التجربة يتقرر في اسرائيل بالنتيجة، لا في رام الله ايا تكن جاهزيتها للحل، ولا في غزة ايا تكن ممانعتها... ففي الضفة والقطاع، الشعب الفلسطيني في موقع رد الفعل بالنتيجة اعتدالا او تصلبا.