واصف عواضة
وصل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت امس laquo;فوق صفيح ساخنraquo;. لا أحد يحسد سعادته على المهمة المكلف بها في لبنان. لبنان الذي يختصر في واقعه خلاصة الواقع الذي تعيشه المنطقة، جاءه الامين العام مجرداً من كل سلاح يمكن ان يستخدمه لتحقيق رغبته المزمنة في ان يكون laquo;عرّاب الحل اللبنانيraquo;. قد يصح في عمرو موسى قول الشاعر:
ألقوه في اليم مكتوفاً وقالوا له
إياك إياك أن تبتل بالماء
بالتأكيد وضع الامين العام خارطة المنطقة أمامه عشية عودته الى بيروت، ونظر فيها ملياً، بكل تفاصيلها الشائكة والمعقدة، فاكتشف ان الرصيد الذي يمكن ان يحمله الى لبنان لتسويق المبادرة العربية، قد سلبه الضيوف الدوليون الكبار في المنطقة، لدرجة انه لم يجد في جيبه فلساً ابيض لليوم الأسود الذي ينتظره في العاصمة اللبنانية. ومع ذلك قرر المجيء الى لبنان متسلحاً بقول شاعر آخر:
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
يعرف الامين العام جيداً ان الأمل بالنجاح في مهمته ضعيف جدا، ومع ذلك يحاول، متسلحاً بعصاه laquo;الوهميةraquo;، لأن laquo;العصا السحريةraquo; باتت من حكايا التاريخ. فلا الوضع العربي مهيأ لفرض تسوية على اللبنانيين، ولا الوضع الدولي راغب في إخراج مثل هذه التسوية، ولا التطورات الساخنة التي تشهدها المنطقة، من فلسطين الى العراق الى افغانستان وباكستان، تشجع على تجنيب لبنان الرياح المسمومة وجعله جزيرة آمنة في محيط متفجر. ومع ذلك يأتي الامين العام ممنّيا نفوس اللبنانيين بأمل ضائع، وفي نفسه للبنانيين بيت مكبوت لشاعر ثالث يقول:
لا تشكُ للناس جرحاً أنت صاحبه
لا يؤلم الجرح إلا من به ألم
بعد بيروت، سيذهب الامين العام الى دمشق، وهو يعرف سلفاً أنه سيسمع كلاماًlaquo;معجلاً مكرراًraquo; لن يستطيع فك طلاسمه او صرفه في اي laquo;بنكraquo;. فسوريا التي خبرت لبنان جيداً، وخبرت العرب وأحوالهم جيداً جداً، وخبرت الموقف الدولي جيداً جداً جداً، تعرف سلفاً ان مزيداً من السهام اللبنانية والعربية والدولية على صدرها، لم يعد يقدم او يؤخر في ما هو مكتوب لها، يحكمها قول شاعر رابع:
وصرت إذا أصابتني سهام
تكسرت النصال على النصال
أغلب الظن ان الامين العام سيعود الى القاهرة بـlaquo;خفي حنينraquo;. اما اللبنانيون الغارقون في أزماتهم، الطامحون الى امجاد ضائعة، فليس لهم إلا الصبر والتداوي بالشعر، على حد قول شاعر خامس:
لا تحسبنَّ المجد تمراً أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
- آخر تحديث :
التعليقات