ممدوح طه

استبق الشعب العربي في مصر العربية، من خلال مظاهراته واعتصاماته ووقفاته الاحتجاجية، ومن خلال مقالات كتابه وآراء أجهزة إعلامه المعارضة والرسمية، الزيارة المرفوضة شعبياً والمفروضة رسمياً للرئيس الأميركي لـ laquo;شرم الشيخraquo; المصرية، بالإعلان بكل وسائل الإعلان عن رفضه لهذه الزيارة المهينة لمشاعر الشعوب العربية.

خصوصاً أن جولته في المنطقة بدأت بعدوان إسرائيلي إرهابي على الضفة وغزة سقط فيه عشرات الشهداء، في ترجمة إسرائيلية واضحة لمعنى السلام الأميركي، لتنتهي في laquo;الشرمraquo; بسيناء المصرية في أعقاب المجزرة الصهيونية الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني المقاوم في laquo;حي الزيتونraquo; بمدينة غزة، في رسالة سلامية دموية عدوانية أكثر وضوحا لمن لم يحسن قراءة الرسالة السلامية الأولى، رغم أن الرئيس بوش حاول خلال جولته أن يقدم نفسه laquo;محاضراraquo; عن السلام وحقوق الإنسان ومحاربا ضد الإرهاب!

لكن رد القيادة المصرية الرافض للعدوانية الإسرائيلية وللضغوط الأميركية بهذا المنطق الاستعماري المرفوض الذي سبق زيارة بوش، كان واضحا وقريبا من رد الشعب العربي المصري الرافض لجرائم الحرب الأميركية والصهيونية في العراق وفي فلسطين..

ومستنكرا للانحياز الأميركي وللسلام الإسرائيلي الدموي وللتدخل المرفوض بمعوناته الوهمية في شؤونه الداخلية وسياساته الخارجية العربية والإسلامية، والذي لم يفقد وعيه يوما بأنه لا فارق كبيرا بين الأهداف الأميركية والإسرائيلية للهيمنة والسيطرة بالترهيب والترغيب، والساعية إلى تصفية القضية الفلسطينية وإلى ترويض الشعوب العربية للتخلي عن ثوابتها الوطنية والقومية..

ولم يستسلم لا بالحروب العدوانية، ولا بالمؤتمرات السلامية ولا بالمفاوضات بلا جدوى أو بلا نهاية، في مواجهة كل محاولات الخداع والتضليل للشعب في مصر العربية الإسلامية، رغم نحو ثلاثين عاما من السلام الوهمي البارد بعد الاعتراف الرسمي بإسرائيل المرفوض شعبيا، في أعقاب انتصار حرب أكتوبر المجيدة، رغم كل حملات غسيل المخ الأميركية والصهيونية، وأثبت أنه لا يزال في طليعة الشعوب العربية والإسلامية.

وقبل أن يبدأ الرئيس الأميركي جورج بوش جولته الشرق أوسطية، عكست تصريحاته المعادية لمشاعر الشعوب العربية والتي كشفت نواياه المريبة من وراء جولته laquo;السلاميةraquo;، أهدافه من وراء جولته المريبة، بالسعي لدفع المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بعيدا عن قرارات الشرعية الدولية، للوصول إلى تسوية سياسية بإشراف أميركي منحاز منذ البداية لحساب laquo;الدولة اليهوديةraquo; العدوانية وعلى حساب الحقوق العربية..

بدءا بتعطيل تطبيق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بأسس حل الصراع، ومرورا بالتحالف الاستراتيجي مع عدو العرب والمسلمين الذي يجعله بالفيتو الأميركي الأوتوماتيكي فوق الشرعية وخارج إطار الإدانة الدولية، والذي تعهد لشارونه بضمان إلغاء حق عودة اللاجئين وعدم إلزامه بالانسحاب إلى حدود 67، وبإمداده بالسلاح والمال والتكنولوجيا النووية العسكرية لضمان أن تبقى إسرائيل هي القوة الإقليمية النووية الوحيدة، وأن تكون الهيمنة في الشرق للدولة اليهودية الصهيونية على كل الدول العربية والإسلامية.

وقد يكون هناك فارق بين الرأي الشعبي والقرار الرسمي حتى في الدول التي من المفترض أن تكون حكوماتها معبرة عن شعوبها، فبينما من المفروض أن يأتي القرار الرسمي غالبا، تعبيرا عن إرادة الشعوب وانطلاقا من تقدير موقف سياسي يضع قياس اتجاهات الرأي العام ضمن تقديراته، ويضع جدوى أي قرار بالقبول أو الرفض ضمن حساباته.

لكن أحيانا وحينما تفرض الضرورات والدواعي السياسية وجبريات قواعد المعاملات البروتوكولية بين الدول على بعض الحكومات أحيانا قبول استقبال الرؤساء الزائرين، ومفاوضة بعض الإرهابيين الملطخة أيديهم بدماء الأشقاء العرب والمسلمين، فإن الشعوب بوعيها الوطني والقومي تقوم بسد الفجوة بين الضرورات الرسمية والخيارات الشعبية، لإعلان وإعلاء الإرادة الوطنية فوق أي إرادة.