أحمد البغدادي

كل إنسان حر داخل بيته, يستطيع بكل حرية أن يمارس أي نشاط, حتى لو كان يعبد الأصنام, ولا يحق للسلطة أن تتدخل في النطاق الخاص إلا بأذن من النيابة العامة. لكن حين يخرج من هذا النطاق الضيق , المنزل, ويبدأ في التعامل مع أفراد المجتمع سواء في الأسواق أو الشارع أو المؤسسات الرسمية والأهلية, فأن من حق كل إنسان أن يتعرف على الهوية الحقيقية للإنسان الذي يترافق معه بحكم التعامل الاجتماعي, وذلك ضمانا لحقه في مخاصمة الطرف الذي يعتدي على حق من حقوقه, وفقا للقانون. وبالتالي يجب أن يكون لكل طرف الحق في quot; معرفةquot; الطرف الآخر. والوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك هو التعرف على هوية الإنسان من خلال صورة الوجه. لأن الوجوه هي الدالة على المفارقة الشكلية للناس. ومن ثم فإن تغطية الوجه سواء للذكر أو الأنثى سيجعل منه إنسانا مجهول الهوية من ناحية الشكل الإنساني , غير قابل للتعرف عليه من قبل الأفراد المشاركين له في المجتمع فيما لو خرق القانون أو اعتدى على الآخرين. وتصديقا لهذه المقولة أن اللصوص, كسارقي البنوك مثلا غالبا ما يقومون بتغطية وجوههم حتى لا تتعرف عليهم كاميرات المراقبة, أو موظفو البنك. كما أن الناس غالبا ما تنفر ممن يقوم بتغطية وجهه , لأننا في مثل هذه الحالة لا نعرف مع من نتعامل, وبالتالي يكون من الأفضل تجنب التعامل معه قدر الإمكان, لأنه في حال حدوث أي خطأ من صاحب الهوية المجهولة سيؤدي إلى ضياع حق المعتدى عليه, لأنه لن يستطيع التعرف على من أخطأ بحقه. والنقاب يحجب الهوية الشخصية مثل قناع البرد أو التلثم بالغترة, مما يؤدي إلى الالتباس في التعرف على شخصية المنقبة فيما لو ارتكبت جرما أو خطأ ما ضد الآخرين. ولو أن النقاب غير مضر بحقوق الآخرين لما منعت الدولة المنقبات من قيادة السيارات, وللأسف أن الشرطة والضباط لا يطبقون القانون حين يرون المنقبات خشية ردة الفعل الاجتماعية القبلية والدينية. وبالمناسبة لم تعرف الكويت النقاب قبل الغزو. كما تقوم الدولة بالتأكد من شخصية المنقبة في المطارات, كما ارتكب البعض جرائم تعد وتحرش بالتنكر بالنقاب. وأما في الولايات المتحدة فقد قام أحدهم بالتنكر بالنقاب في عملية سرقة, يعني المسلمين ناقصين !! وعلى المستوى الشخصي حدث أكثر من مرة أن تضيع البطاقة المدنية عند إحدى الموظفات في الدولة , وحين اشتكيت لدى المسؤول سألني بكل براءة: أي واحدة فيهم? المسكين فضح نفسه بالتدليل على أنه هو شخصيا لا يعرفهن . وكان جوابي: كيف أتعرف على من أضاعت البطاقة وكلهن منقبات? ومن لطف الله , وجدنا البطاقة وقد سقطت خلف ماكينة التصوير بسبب إهمال الموظفة المنقبة. ولكثير من المراجعين مشكلات من هذا النوع من المنقبات, خاصة في المدارس والمؤسسات الحكومية. وللأسف أن حكومتنا لا تملك شجاعة حكومة أبو ظبي التي أمرت بمنع لبس النقاب وحددته باللباس الشعبي المعروف أو الملابس المحتشمة المتعارف عليها لدى العقلاء.
مما سبق يمكن القول أن منع النقاب في الحياة العامة والمؤسسات الرسمية والأهلية هو الحل الأمثل لحفظ حقوق الناس. وبكل بساطة كيف يمكن أن تتعرف على شخصية منقبة اصطدمت بسيارتك, ثم فرت من موقع الحادث , وأصبح من المستحيل التعرف على هوية الجاني , هل هو امرأة فعلا أم رجل متنكر?