طلعت اسماعيل
ذراً للرماد في العيون التي بات بعضها للاسف لا يرى، دعت الولايات المتحدة إسرائيل إلى تفادي قدر الإمكان قتل المدنيين الفلسطينيين في غاراتها التي خلفت مجازر بشعة خاصة في غزة المحاصرة من كل جانب، واعتبرت الخارجية الأميركية العدوان على الابرياء من النساء والاطفال laquo;دفاعا شرعيا عن النفسraquo;.
جاء الرئيس الأميركي إلى المنطقة تحت غطاء دفع التسوية السياسية وتحقيق السلام فيما تبقى له من اشهر داخل البيت الأبيض، لكن عينه كانت على تأمين المزيد من الحماية والانحياز إلى تل ابيب التي استثمرت الرسالة على أكمل وجه، بتوسيع عدوانها على الفلسطينيين وبوش لايزال على أرض عربية في زيارته الوداعية.
قد يتعلل البعض ومن داخل ظهرانينا -للاسف- بان العدوان الاسرائيلي جاء ردا على اطلاق الصواريخ من غزة باتجاه المستعمرات الإسرائيلية، وان من حق إسرائيل، كما ترى أميركا الدفاع عن النفس غير ان المتتبع للعدوان والمجازر التي ترتكبها إسرائيل،
لا يمكن ان يتقبل مثل هذه الادعاءات خاصة وان عملية قتل الفلسطينيين ـ المدنيين قبل المقاومين- تتم بطريقة منهجية وفي كل الظروف والأحوال، وجميعنا يتذكر كيف تم اغتيال الشيخ احمد ياسين رحمه الله فيما كان خارج لتوه من المسجد بعد ان ادى صلاة الفجر.
ومن مجازر دير ياسين وكفر قاسم وجنين وحتى مجازر غزة الأخيرة، لا تتورع إسرائيل عن اختلاق الذرائع لإبادة وتشريد الشعب الفلسطيني، وفي كل محطة من محطات القتل وسفك الدماء، تكون هناك الأغطية والمبررات الأميركية والغربية لمثل تلك الجرائم.
فهل يمكن ان نصدق ان بضعة صواريخ ذاتية الصنع، كانت وراء افتعال كل هذا الصخب، وإطلاق يد تل أبيب، التي تتسلح بأحدث الاسلحة الأميركية، لتعيث في غزة قتلا وتدميرا ؟ الجميع يعلم ان الهدف من المجازر يتخطى حدود الرد على اطلاق بضعة صواريخ من جانب الفلسطينيين، فغزة التي باتت شوكة في حلق إسرائيل، وصداعا لأطراف أخرى، لابد من تأديبها،
وكسر laquo;تمردهاraquo; على الاجندة الأميركية والإسرائيلية التي تسعى إلى تسيد المشهد، وتنفيذ ما يحقق مصالحها إلى الأبد. وقد رأينا كيف استهل الرئيس الأميركي جولته إلى المنطقة بالدعوة إلى يهودية الدولة الإسرائيلية وشطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين والاقتصار على تعويضهم ماليا، وإخراج الأمم المتحدة من حلبة المنافسة لتسويق الحل الأميركي الخالص.
وبالتالي ليس غريبا ان يخرج الناطق باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك لتبرير العدوان الاسرائيلي بوصفهlaquo; حقا شرعيا للدفاع عن النفسraquo;، وحتى لا يتهم laquo;المغالون من وجهة النظر الأميركية واشنطن بالانحياز تدارك الرجل قائلا:laquo; عندما تلجأ إسرائيل إلى حقها في الدفاع عن النفس،
فإننا نشجعها على بذل كل الجهود الممكنة لتفادي الحاق الاذى بالمدنيين، على غرار ما نقوم به مع قواتنا المسلحة. طبعا وعلى غرار الجيش الأميركي الذي لم يتورع جنوده عن سفك دماء الابرياء في العراق ولعل مجزرة حديثة خير شاهد على طيبة القلب الأميركية في التعامل مع المدنيين العراقيين!
المطلوب من الفلسطينيين ان يصمتوا، وهم يشاهدون المشروع الصهيوني يمضي في طريق تحقيق أغراضه، بابتلاع الأرض وتقطيع أوصالها بجدار الفصل العنصري، والتنكيل بكل من يرفع راية الرفض، لانه ليس مطلوبا في هذا الوقت الا صوت نعم والانحناء للعواصف، والرياح الأميركية والإسرائيلية العاتية، التي يخشى كثيرون ان تقتلعهم في طريقها.
جرائم غزة ليست منقطعة الصلة بالمساعي الاسرائيلية الدائمة لتحقيق اهدافها على حساب الفلسطينيين، ولا تعدم الذرائع والمبررات، لسفك الدماء لتمرير ما تريده فيما البعض يقف من المشهد صامتا او موليا ظهره لما يدور، رغم ان الخطر لو تعلمون لن يستثني احدا.
التعليقات