ترودي روبين - فيلادلفيا إنكوايرر

لقد عادت القصة لتظهر مرة أخرى وتحتل رأس الصفحة الأولى، كما عادت أيضاً إلى قائمة الأولويات الرئاسية. هل تم إحراز أي تقدم سياسي؟ وإلى متى يجب علينا المكوث في العراق؟ (قال جون مككين إن فترة 100 سنة quot;توافقني تماماquot;).

ولأنني كنت قد سافرت إلى بغداد في الشهر الماضي، فإنه يمكنني القول إن الأمور في بغداد باتت الآن أفضل بكثير مما يريد الديمقراطيون أن يصدقوه. لكن الوضع الراهن يجعل الجمهوريين الذين يتشدقون بتحقيق quot;النصرquot; وهم يبدون كالبلهاء.

يبدو كل شيء هناك في حالة تغير متواصل. وهناك احتمالات بتحقيق تقدم سياسي عراقي في الأشهر المقبلة، لكنه يمكن أن يتبدد. أما السرعة التي نستطيع معها سحب قوات رئيسية بشكل ضخم، فإنها تعتمد بشكل كبير على ما إذا كانت لدى الرئيس التالي استراتيجية أكثر عقلانية للمنطقة مما لدى جورج دبليو. بوش.

إن التغير الرئيسي في العراق، والذي يمكن أن يجعل التغيرات الأخرى ممكنة، هو أن العنف الطائفي قد خفت حدته. ويقول وزير خارجية العراق الذي يتمتع بالذكاء هوشيار زيباري: quot;لم ينته الأمر بعد، لكنه هدأ. ما يزال ثمة جمر يتقد أسفل الرماد. لكن المناخ العام تغيرquot;.

لكن، وكما يشير منتقدو سياسة بوش، فإن الهدف المعلن عنه quot;للزيادةquot; -كما عبر عنه الجنرال ديفيد بترايوس- كان توفير الهدوء والحيز للفئات الطائفية العراقية لتحقيق المصالحة رسمياً فيما بينها. وكان يفترض بذلك أن يكون المتطلب المسبق للقوات الأميركية حتى تنسحب.

علامات التحول السياسية البارزة التي وضعها العراقيون، أي القوانين المقترحة التي كان يفترض أن تخفف حدة التوترات بين المجموعات العرقية والطائفية، ظلت تراوح معظم الوقت دون تمريرها. ولا يبدو أحد على يقين من تأثير القانون الذي تم إقراره مؤخراً، والذي يسمح للأعضاء السابقين في حزب البعث الذي كان يتزعمه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بالعودة إلى وظائفهم والحصول على رواتب تقاعدهم.

أما الأكثر أهمية، فهي تطورات أخرى تجري بعيداً عن المشهد العام والمعلن. أحد هذه التطورات هو شروع البعض في عموم الخطوط الطائفية بخلق حركات سياسية جديدة. ففي الوقت الراهن، تستند معظم الأحزاب السياسية في العراق إلى الطائفة أو الدين. لكن قادة أضخم حزب شيعي، المجلس الإسلامي الأعلى في العراق، يعقدون الآن اجتماعات مع زعماء القبائل السنية في محافظة الأنبار الذين يفكرون في تشكيل أحزاب سياسية سنية جديدة. وهناك حديث عن احتمال تشكيل تحالف سياسي سني-شيعي جديد في الانتخابات البرلمانية التالية، ويمكن لهذا النوع من التحالف أن يتيح مجالاً للمناورة والالتفاف حول حزب الدعوة الشيعي المعزول الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء نوري المالكي، وحول الأحزاب السنية الأكثر طائفية الموجودة الآن في البرلمان.

بعبارات أخرى، فإن المكاسب الأمنية على الأرض باتت تشجع على نجوم تفكير سياسي جديد، سيحتاج إلى مزيد من الوقت حتى يتخذ شكلاً.

ثمة تفكير استراتيجي جديد أيضاً في أوساط القادة العراقيين. وقد تحدثت مع نائب رئيس الوزراء العراقي الشيعي عادل عبد المهدي، الذي كان يدفع منذ سنوات إلى عقد اتفاقية حول وضع القوات مع الولايات المتحدة، والتي ستنظم عدد القوات الأميركية ودورها. والآن، سوف يتم البحث حول هذا خلال هذه السنة.

يقول مهدي quot;إننا مستعدون الآن جميعاً لإجراء مفاوضات، وسوف يتم تحديد خطوط علاقتنا على المدى الطويل. لا أحد يتحدث عن قواعد، حتى ولا الأميركيين. إنهم يتحدثون عن مرافق وتدريب ومطارات عسكريةquot;. ويضيف مهدي إن العراقيين ما يزالون يحتاجون إلى quot;شريك قويquot;، وقد حث الأميركيين على أن يتحلوا بالصبر، قائلاً: quot;إننا في حاجة إلى الوقت حتى نصل بالعراقيين إلى النضوج السياسيquot;. لكنه أعرب عن اعتقاده بأن مستويات القوات الأميركية يمكن أن quot;تنخفض إلى النصف في السنة أو السنتين المقبلتينquot;.

سوف يتساءل العديدون، بالطبع، عن حجم الوزن الذي سيتمتع به العراقيون في هذه المباحثات، لكن الأوضاع الأمنية إذا ما تحسنت، فإن ذلك الوزن سوف يزيد كما أعتقد.

طرح مهدي اقتراحا آخر أعتقد بأنه أمر أساسي بالنسبة للاستقرار في العراق. فحتى الآن، ظل الزعماء العراقيون يشعرون بالارتياب من أي ترتيبات أمنية إقليمية تضم دولاً عربية سنية، وإيران، والولايات المتحدة. ذلك لأنهم اعتقدوا بأن العرب السنة ربما يتآمرون على العراق بقيادته الشيعية. لكن النظرة العراقية تغيرت الآن نظراً إلى أن العلاقات مع الدول العربية السنية قد تحسنت.

يقول مهدي: quot;بتنا نعتقد الآن بأننا بحاجة إلى معاهدة إقليمية لإضفاء الاستقرار على الأمور. اتفاقية يمكن أن يشارك فيها الجميع وأن يكونوا شركاء فعليين، بمن فيهم إيران وتركياquot;.

ويضيف: quot;ينبغي على الولايات المتحدة أن تضطلع بدور مساعد. إننا نفهم أننا لا نستطيع (صناعة معاهدة إقليمية) من دون قيام حوار بين الولايات المتحدة وإيرانquot;. ولم يكن ذلك النوع من الحوار مدرجاً على أجندة البيت الأبيض في عهد بوش.

يعيدني كل هذا إلى حملة الانتخابات الأميركية، إذ يحتاج أولئك المرشحون الراغبون في مساعدة العراق إلى الاستماع إلى ما يقوله الزعماء العراقيون. ويجب أن لا يتسبب الغضب الناجم عن أخطاء إدارة بوش السابقة بأن يتغاضى المرشحون عن التقدم الذي أنجز ويتجاهلوه.

ثمة حاجة ماسة إلى هذا النوع من الدبلوماسية الإقليمية الجادة، وهو ما تجنبته إدارة الرئيس بوش باستمرار؛ إلى معاهدة تعطي جيران العراق مصلحة ضمنية في المساعدة في قولبة مستقبل بغداد، وليس التدخل فيه. هذه هي الاستراتيجية التي يجب أن يدعمها الديمقراطيون الذين يريدون إعادة القوات إلى الوطن.