زيّان

هل حان وقت زجّ بيروت في مرحلة quot;الكلمة الفصل للشارعquot;، ومنها الى الفوضى والمجهول، كما بشَّرها وتوعَّدها أصحاب الأصوات الهادرة، وطوال أيّام، وثلاث مرات في اليوم الواحد؟
ومَنْ ذا الذي تطيب له مداعبة النار في جوار براميل البارود، فيما التشنج والتوتر يلفان البلد من أربع رياح الأرض؟
الناس تسأل في كل مكان عن الدوافع والدافعين لا لتسمع الأجوبة غير المقنعة إيّاها، إنما لتنبِّه التوّاقين الى ركوب المغامرات، وللمرة العاشرة بعد المئة والألف، الى ان سبق للبنان ان شرب بحر الحروب وأهوالها. لكنه يخشى أن يغصَّ بساقية التجربة التي يدفعونه اليها.
لقد نقزت العاصمة مساء الاثنين حين فوجئت بعض الشوارع والأحياء quot;الحسَّاسةquot; بتحرّكات وتصرُّفات تندرج وتُقرأ فوراً تحت عنوان التحرّش والسعي الى افتعال مشكلة تصادميَّة.
تماماً مثلما يُقْرأ المكتوب عادة من عنوانه.
ومثلما تتجمع الغيوم وتتلبدَّ في السماء قبل أن يهطل المطر. وقبل أن تهبُّ العواصف والأعاصير.
وخصوصاً بعد الأجواء والتفاصيل المثيرة التي أحاطت بعمليّة احباط المبادرة العربيَّة، وما كشفه عمرو موسى من تناقضات وتناغمات في الأقوال والأفعال والمواقف، وما بشَّر به البعض من تصعيد قبل السابع والعشرين من الجاري وبعده.
وللحال لعب الفأر في أعباب الناس، ولعبت أسئلة القلق، واستحضرت تلك الوقيعات وتلك الأهوال وتلك المآسي.
فهل أنّ ما حصل مجرد عمليَّة جسّ نبض، أم أنها quot;سبوقةquot; تشبه الحنجلة التي تمهِّد للدبكات كما هو معروف ومألوف، أم هي مجرَّد رسائل ونماذج؟
أم تراها البدايات والمقدّمات للآتي، ولما يسمونه في قاموس الأزمات الخطيرة quot;الأعظمquot;؟
لم يتردَّد كثيرون في ابداء تخوفهم من ايقاظ الفتن، وزعزعة الأمن، وجرِّ الجيش الى حيث لا يحبَّ ولا يريد، فضلاً عن الأذى المباشر الذي يصيب البلد المنهوك والاقتصاد المكسور الظهر والنظام العام الذي حوصر بعوامل التعطيل.
فضلاً عما يتردد يوميّاً وما يصدر عن مختلف الفئات والأطياف من مخاوف على اتفاق الطائف ودستوره وميثاقه.
لا يصدِّق اللبنانيون ان البلد فرغ من العقلاء والحكماء واولي الألباب.
وها هم يسألون أين يا أطلال صوت الغاضب؟