جاسم بودي

يومان يفصلان بين الذكرى الثانية لتولي الشيخ صباح الأحمد مسند الإمارة. ذكرى وصول حاكم الى الحكم، متدرجا في مختلف المناصب والمسؤوليات لخدمة الكويت والكويتيين.
... وسنتان من حكم صباح الأحمد، كرستا الوجه الجميل للكويت رغم كل ما مر فيهما من ازمات سياسية. فالحريات هي الفائز الاكبر في العرس الديموقراطي واميرنا كان العريس بامتياز.
يومان يفصلان عن ذكرى سنتين، لم يتخل فيهما الشيخ صباح عن ابوته للجميع ورعايته للجميع ولم يغلق قلبه أمام أحد أو عقله لأي فكرة. كان يواجه الأزمات بالصبر والخلاف بالحسنى والتصعيد بالحكمة، واستطاع بالكلمة الطيبة والجهد المثمر وlaquo;طولة البالraquo; وlaquo;توسيع الصدرraquo; ايصال الامور دائما الى خواتيمها الناجحة بعدما كاد الجميع يتوقع غير ذلك وبعدما كان البعض ربما laquo;يتمنىraquo; غير ذلك.
تكريس الوجه الديموقراطي للكويت يحسب للشيخ صباح خصوصا اذا راقبنا بعمق حجم التحديات الداخلية والخارجية التي ارادت النيل من نهج الحريات العامة وتقويض التجربة او اظهارها بأنها laquo;خطر معدraquo; لا نموذج يجب ان يعمم، ونعتقد ان تواصل سموه مع الجميع وعلى رأسهم نواب الامة ساهم في تحقيق انجازات على مشارف الذكرى الثانية تعد بانجازات اخرى قريبة.
وإذا كانت الديموقراطية تصحح نفسها إلا ان التغاضي عن بعض السلبيات والسلوكيات والممارسات التي نشهدها بين الحين والآخر امر لا يجوز، لان النار من مستصغر الشرر. فقد بدأت تلوح من خلال عدد من الاستحقاقات السياسية التي شهدناها ومن خلال بعض المواقف التي أعلنت، رائحة انقسام مناطقي وطائفي ومذهبي آخذة بالتحول الى خطاب ثابت.
وكي لا ندفن رأسنا في الرمال، نقول اننا بدأنا نحسب قبل اي استجواب مثلا حسبة بدو وحضر، وسنة وشيعة، قبيلة وعائلة، مناطق خارجية ومناطق داخلية... هذا اذا لم نفسر الاستجواب، اي استجواب، بالمنطلقات الانقسامية نفسها.
ونقول أيضا اننا بدأنا نفسر كل تصريح حتى لو تعلق الامر بنبذ الارهاب مثلا على اساس انه تصريح يغذي النزعة السنية او النزعة الشيعية، او نزعات داخل الشيعة وداخل السنة.
ونقول ايضا اننا، وللاسف الشديد، بدأنا نفسر حتى ردود الفعل المتعلقة بجريمة ما او اعتداء ما من باب القبيلة والمنطقة والمذهب.
نعرف ان الصورة القاتمة لا تجذب أحدا، انما لا خير فينا ان لم laquo;نعلق الجرسraquo; ونحذر من قضية اذا تفاقمت لا سمح الله فقد تجرف معها الجميع بمختلف انتماءاتهم... ولنا في التجارب المحيطة الف دليل ومثال.
سهل ان يتمسك المرء بشعارات الوحدة الوطنية او الدينية انما صعب ان يطبقها في السلوك والممارسة وصعب اكثر ان يطبقها على طريقته.
وسهل ان نعلق كل اخطاء ومخاطر الانقسامات على الديموقراطية وحرية التعبير لكن ذلك يجافي المنطق والحقيقة وهو هروب الى الامام وليس مفيدا الا في تفاقم المشكلة ما دام البحث عن حلول يتم في مكان آخر.
وسهل ان نحذر من مخاطر الانقسام في هذه المرحلة بالذات وندعو الى عدم تصدير خلافات الآخرين الينا خصوصا في ضوء الحرائق الاقليمية المتوقعة، لكن المطلوب حقيقة هو ارتفاع حس المسؤولية لدى الجميع الى الدرجة القصوى لا تبرئة الذمة بالتحذير فحسب.
الوحدة الوطنية ليست نشيدا بل هي قضية بقاء وطن. الوحدة الاسلامية ليست واجبا بل هي قضية بقاء امة. الوحدة المجتمعية ليست شعارا بل هي قضية بقاء مستقبل... والانقسامات ليست ثقافة ولا نريدها ان تكون ثقافة عائلية ومنهجية وفكرية، بل هي اختلافات وتنوع وتعدد نريدها مصدر اثراء وتكامل لا مصدر خلاف وتناقض.
ويا سيدي الأمير، يا من استطعتم كتابة انجاز ترسيخ الديموقراطية والحريات بأحرف من ذهب في سنتي حكمك، نريدك أيضاً في السنة الثالثة أن تطلق بأحرف من نور أكبر حملة لتكريس الوحدة بمختلف صورها، وكن على ثقة بأن جميع أهل الكويت خلفك، إلا الذين سيتخلفون... وهؤلاء يتحملون مسؤولياتهم أمام الله والتاريخ.