ثاني أهم استجواب في تاريخ البرلمان البحريني

المنامة- اسامة مهران

الحرب كانت مستعرة داخل غرفة لقبوها بالمظلمة تحت قبة البرلمان البحريني، بين نواب معظمهم من السلفيين والإخوان وبين وزير شؤون البلديات والزراعة منصور بن حسن بن رجب، والاستجواب يحمل الرقم 2 في مسيرة الاستجوابات بعد الذي طال وزيرا غير عادي قبل أيام.
مدافع الاتهامات كانت هادرة فوق رأس الوزير، فمنها انطلقت 400 تهمة، وعنها دخل الجميع الى غرفة laquo;الحسابraquo; كل يحمل ملفاته ويتمترس خلف حججه وبراهينه.
أصحاب الاستجواب اتهموا الوزير وطوال ثماني ساعات حتى الثامنة من مساء الاثنين، بالآتي:
أولا: انه قام بتجنيد اسطول من السيارات لحساب احدى شركاته الخاصة، حيث حمل هذا المحور اسم تهمة الكوبونات.
ثانيا: مارس مهام من شأنها اهدار المال العام، خصوصا في ما يتعلق بشركة التنظيفات التي ارسيت المناقصة الحكومية عليها بمبلغ 42 مليون دينار بما يفوق المبلغ المفترض جدلا بثمانية ملايين، وتحميل الوزير مسؤولية التعطيل الذي ادى الى هذا الهدر وليس مجلس المناقصات المتهم هو الآخر بالتعطيل، حسب رأي الوزير المستجوب.
ثالثا: نظافة المنطقة الشمالية، التي اهملت.
رابعا: لغر السائق كومار وهو هندي قام الوزير بتوظيفه برتبة سائق خاص، وكان laquo;الكومارraquo; يعمل مديرا في احدى شركاته الخاصة، وان الوزير قد قام بتعيينه في الوزارة رغما عن أنف ديوان الخدمة المدنية، الذي يحظر مثل هذه الوظائف على غير البحرينيين.
خامسا: الخلط بين العمل الحكومي كوزير والشركات التي يمتلكها ويترأس مجلس ادارتها.

laquo;غرفة الرعبraquo;
النواب خرجوا من المعركة وعلى وجوههم ترتسم اقواس النصر. وزير البلديات خرج بدوره من غرفة laquo;الرعبraquo; مبتسما.. ومهللا بانه كسب الجولة، وان الاستجواب سيلحق بنظيره الى ادراج الرياح.
laquo;القبسraquo; تابعت كل ما كان يدور سواء من خارجة الاسوار ام من دخال ميدان المعركة، الجميع يتباهى بانه افحم الطرف الآخر، وانه سجل نصرا لا يضاهى، ولكن في مثل هكذا استجوابات لا بد ان يخرج من اللعبة طرف يكون مهزوما وآخر منتصرا. لذا كان يتحتم علينا فرز الآراء بعناية.

laquo;حوار خاصraquo;
التقينا الوزير منصور بن رجب في مكتبه في ساعة متأخرة من ليلة أمس الاول وهو يستعد للسفر الى الخارج.. استمر اللقاء اكثر من ساعتين.. حاورناه عن 400 اتهام وعن محاور الاستجواب الخمسة: من المخطئ ومن معه الحق؟
الوزير يصف المعركة بعرس ديموقراطي والمواجهات بانها رسمت الابتسامات على كل الوجوه ولكن اصداء الاتهامات لم تسكت مدافعها.. فتخللت الحوار وتجاوزته الى فساد نفى الوزير ان يكون متغلغلا في وزارته.. والى تجاوزات أكد ا نها رهن التحقيق والى كوبونات لاستغلال النفوذ، اقسم على انها لا تدخل ضمن مهامه: فوظيفة الوزير أكبر من متابعة كوبونات لاستئجار سيارات.

مهمة الوزير
قلنا للوزير بن رجب: وما المهام التي ترى انها تدخل في صلب وظيفتك؟
قال: هي لا تخرج عن رسم السياسات واصدار القرارات الاستراتيجية ومتابعة المشروعات الضخمة.
لكن المستجوبين واصلوا اتهاماتهم بانك خالفت وتجاوزت وكنت غير قادر على الرد.. هل تشعر بأنك أبليت بلاء حسنا؟
ــ بكل تأكيد، لقد فندت اتهاماتهم الباطلة، ودحضتها بالحجج والبراهين والوثائق الدامغة، وما ساعدني على ذلك حجج النواب كانت هشة وأركانها مشوهة.

لغر السائق كومار
هذا يعني أنك متأكد من براءتك؟
ــ بكل تأكيد.
بنسبة كم؟
ــ بنسبة 2000%.
لكنهم اتهموك صراحة بانك مارست نفوذك داخل الوزارة، وخلطت بين العمل الخاص والعمل الحكومي وقمت بتعيين سائق هندي و..:؟
ــ أولا في ما يتعلق بالسائق كومار، فانني لا احتاج للحصول على اذن مسبق من ديوان الخدمة المدنية قبل تعيينه، ذلك لان شؤون البلديات في الوزارة لا تخضع لرقابة هذا الديوان، ميزانيتها مستقلة ولا تحصل عليها من الحكومة، وبالتالي فان رواتب موظفيها لا تدفع من المال العام للدولة، ولا شأن لوزارة المالية بها، لكنها من الموارد الذاتية للوزارة.

لم أخلط الأوراق
لكنك حسب قول النواب خلطت الأوراق ومارست عملين في آن واحد.. حكومي وlaquo;بيزنسraquo;؟
ــ هذا الكلام خطأ في خطأ ومردود عليهم، ذلك انني قمت باجراء تعديلات جوهرية في السجلات التجارية لشركاتي التابعة، ولكن مسألة تحويل الاسماء من اسمي الى آخرين تحتاج الى وقت.

laquo;كوبونات النفوذraquo;
وعن laquo;الكوبوناتraquo;، أي فواتير سيارات احدى شركاتك الخاصة.. هل كانت تدفعها الوزارة؟
ــ طبعا هذه كلها افتراءات. عندما اكتشفت تلك المخالفة، قمت بتشكيل لجنة تحقيق لمعاقبة المخالفين ونال بعضهم العقاب المطلوب.
ثم قال: لا يمكن يا أخي لأي وزير ان يتابع الكوبونات والسيارات، هذا أمر مجحف.
هذا يعني أنك بريء؟
ــ طبعا.
اذاً قد يكون هناك اصطفاف طائفي او سياسي ضدك؟
ــ بالتأكيد هناك اتهامات كيدية، بل مؤامرة قام بها بعض الموظفين وسربوا تلك المستندات المغلوطة الى مجلس النواب والى اجهزة الاعلام، وكان على تلك الجهات التحقق من صحتها.
هذا يعني ان الوزارة تعاني فسادا اداريا من نوع معين؟
ــ الفساد موجود في كل مكان، لكن علينا مكافحته.

سرقة الوثائق
لكن يا معالي الوزير، لا يمكن اعتبار ان سرقة وثائق او تسرب معلومات ترتبط بالضروة بأي فساد بقدر ما تتعلق بمحاولة البعض كشف حقائق كانت غائبة؟
ــ يا أخي لا يمكن التعامل مع اجهزة الاعلام الا من خلال مسؤولين مخولين، ليست مع الذين يخطفون المعلومات من الشبابيك، لانها قد تكون قديمة او مغلوطة وغير كاملة.
اذاً افتحو الأبواب يا معالي الوزير!
ــ نحن نفتحها.
لا، لم تفتحو ابوابكم بل تتهربون من اسئلة وسائل الاعلام، ورئيس الوزراء في لقائه قبل يومين طالب الوزراء والمسؤولين بالتعامل مع الصحافة بانفتاح وأريحية؟
ــ خلاص، اشتكونا ان قصرّنا ولومونا اذا اغلقنا الابواب، لكن لا تظلمونا حتى لا تظلموا انفسكم وتضللوا الناس.
وفي كل حال امتد الحوار لنحو ساعتين. الوزير يدافع مع فريق وزارته عن اتهامات وصفها بالباطلة، ونواب على الضفة الأخرى نكاد نسمع ضجيجهم وهم يكيلون الاتهامات للوزير. حتى خرج رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني بتصريح مفاده ان نتيجة الاستجواب سيعلن عنها قبل فض دور الانعقاد الحالي، اي في غضون اسابيع قلائل، وساعتها سيتضح الخيط الابيض من الخيط الاسود، المذنب والبريء وان غدا لناظره قريب.