عبدالعزيز السويد

انتشرت على صفحات الإنترنت صورة مطبوعة لتعليمات من شركة الاتصالات لموظفيها، تحدد لهم laquo;خريطة الطريقraquo; للتعامل مع المشتركين، رسمت التعليمات ما ينبغي أن يقوله موظف الاتصالات للعميل المستهدف وما لا ينبغي قوله، تحت عنوان: laquo;قل ولا تقلraquo;، على وزن laquo;إياني وإياكraquo;.
دخول شركات اتصالات الى السوق السعودية لم يثمر منافسة حقيقية، أي تحسن صاعد في الخدمات مع انخفاض التكاليف على المشتركين، بل صار التنافس في أسلوب العروض وإطلاق المسميات على الباقات والشرائح، أي التنافس الشكلي الاستعراضي، الشرائح المتحركة هي من يستهدف في السوق، مثلاً بعض الشركات اطمأنت لبعض مشتركيها القدامى، كأنها على قناعة ببقائهم ارتباطاً ببطاقة الأحوال، في قصة رواها لي صديق، انزعج رفيق له من سوء التعامل فقام بتحويل جميع أرقامه الى شركة أخرى، ولأنه من فئة الشريحة الدسمة انهالت عليه مكالمات الاعتذار واتصل به مديرون من الشركة الأولى، ممن كانوا لا يردون عليه عندما كان بين يديهم... الكل يقول له: laquo;وش تبي بس أرجعraquo;. يظهر أن بعض الشركات بحاجة إلى هجرة من مشتركيها حتى تعلم قيمة الجواهر التي بين يديها، هذا إذا كانت إدارات تلك الشركات مهمومة حقاً بالحفاظ على عدد المشتركين مع وفاء متبادل، لكن أين يذهبون والرقيب غافل.
ذكرت سابقاً أن الشركات التي تملك الدولة حصصاً في ملكيتها عليها مسؤولية أكبر، لا يصح التعامل مع خدماتها والمستفيدين منها بحسب القول الشائع laquo;حلال الدولةraquo;، وموظفيها موظفي حكومة بالصيغة البيروقراطية، مستخدمين الرد الآلي درعاً فولاذياً.
أشرت أيضاً إلى دور مفقود لمجالس إدارات تلك الشركات، وغياب رقابة حقيقية ومحاسبة عليهما، لذا من المتوقع أن تتآكل تلك الشركات، تذهب إدارة وتأتي غيرها لتتعامل مع laquo;التركةraquo; التي تسمى شركة، ولعدم وجود محاسبة حقيقية فنحن نكرس تلك المقولة العامية laquo;حلال الدولةraquo;.
ما زال لدى بعضهم من الفريق الاقتصادي قناعة بأن السوق وحدها سيصلح حالها في كل شأن، بمقولة حرية الاقتصاد وحرية المنافسة، ولا ينظر إلى القنوات الموصلة بين الأواني المستطرقة هل هي مسدودة أم حصرت في إناء أم ثلاثة تفيض بما فيها. التنافس حاصل في الحملات الإعلانية والتفنن بالطرق الملونة، بما في بعضها من ضحك على ذقون تتهم لاحقاً بقلة وعيها... وكأن لا وعي لمراقب، ولأن الوضع كما سبق لن ينفعك سوى ظفرك، وأحرص على جلدك لئلا يمرغ بشوك العروض المدببة، وكلما تضخم العرض كن حذراً بصورة أكبر.